آرثر كونان دويل وطوطمه الذي وجده في شارلوك هولمز | مارك أمجد

آرثر كونان دويل وطوطمه الذي وجده في شارلوك هولمز | مارك أمجد

22 May 2019
مارك أمجد دقائق نت
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

يقول البعض إن لكل فنان عملًا واحدًا يعكس شخصية مُبدعه بمنتهى التجسيم، بشكل يتحول معه ليصير وكأنه طوطمه المفقود. وفي حالة الكاتب الاسكتلندي آرثر كونان دويل كانت شخصية شارلوك هولمز هي ذلك الطوطم، الذي تماهى معه لدرجة التفكير جديًا في محوها من كل مسوداته من فرط ما أصبح الاثنان واحدًا.

الطبيب دويل

المتعارف عليه حسب سيرته الذاتية أن دويل لم يكن طبيبًا ناجحًا، أو بالأحرى لم يشأ أن يتذكروه بعد مماته باسم الدكتور آرثر كونان دويل. الدليل أنه سيترك السلك الطبي تمامًا بمجرد أن يتم الاعتراف به ككاتب. وإن كان غفر للجامعة ما استلبته من وقته ومن ذهنه الإبداعي؛ فذلك لأنها منحته فرصة التعرف على الكاتبين جيمس باري وروبرت لويس ستيفنسون صاحب رائعة “دكتور جيكل ومستر هايد”.

بدأ دويل يخطّ أولى تجاربه الأدبية أثناء دراسته الطب. كانت قصة قصيرة بعنوان The Mystery of Sasassa ثم كتب قصة أخرى هي The American Tale. بيد أن الأدباء لن يجدوا ما يكتبونه لو اقتصرت آفاقهم على الجلوس في المنزل وانتظار الأفكار كي تحلّ عليهم، فبلا شك اشتغال دويل بوظيفته الطبية حتى وإن لم تكن حلمه، حققت له خبرات كثيرة سيستمد منها ما يعوزه في قصصه البوليسية، وكانت من عطايا تلك الوظيفة الروتينية؛ سفره كجرّاح على متن سفينة صيد حيتان مبحرة إلى الدائرة القطبية الشمالية، ثم رحلة أخرى لا تقل إثارة وإلهامًا على متن السفينة “مايومبا” المبحرة من ليفربول إلى أفريقيا، وسيستلهم تلك الأجواء بالفعل حينما سيشرع في كتابة Captain of the Pole Star.

هل كان شكسبير غشاشًا؟ | مارك أمجد

مصادر الإلهام

في حياة كل روائي حكواتي أكبر سنًا وأكثر عمقًا، امتلك بالسليقة القدرة على وضع حبكة مكتملة لحدوتة لن تُكتب ولن تُنشر ولن تنال مرتبة “الأكثر مبيعًا”، ولن تُحول إلى فيلم تتهافت عليه الجماهير. هي فقط قصة وُضعت لتُحكى لطفل سيكبر بدوره ويصير أديبًا محنّكًا في رواية القصص. هذا الحكواتي موجود في مخيلة الكتاب الكبار، الجدة – مثلا – عند جابرييل جارثيا ماركيز. بالنسبة لآرثر كونان دويل، لعبت أمه “ماري” هذا الدور.

ويبدو بالتفتيش في الحياة الشخصية أن هناك بطلا أيضا في حياة كل روائي، يسبغ عليه الكاتب ما أراد هو أن يكونه. دويل تعرض في مدرسة ستونهيرست الداخلية لتنمر من أقرانه، تغلب عليه بأن جمع دوائر من طلاب أصغر كان يجمعهم ليقص عليهم أساطير ألفها. في المدرسة نفسها وجد البطل، نواة شارلوك هولمز، وهو أستاذه جوزيف بيل.

التقط دويل من بيل دقة الاستنتاجات والتفكير المنطقي. وظهرت لأول مرة شخصية شارلوك هولمز عام 1886 في روايته A Tangled Skein، التي لن يرضى عن اسمها فيغيره بعدها بعامين إلى A Study in Scarlet.

ويبدو أن بناء الشخصية ومحيطها كانا قد اختمرا في رأسه بالفعل؛ لأنه لن يقدمها بمفردها، وإنما بصحبة مساعدها السيد “واتسون”، الذي سيظل ملازمًا له حتى حينما تُحوّل السلسلة الأدبية لأفلام سينمائية.

جابرييل جارثيا ماركيز.. ماذا يفيد الواقع لو ألهمنا أدبًا رديئًا؟ | مارك أمجد

محاولة تدمير الشخصية

يُشاع أن آرثر كونان دويل فكّر في تمزيق شخصية المحقق الشهيرة التي أوشكت أن تصير حقيقة. الشائعة صحيحة، لكن أسبابها مختلفة. ليس كما يُردد لأنه شعر بالغيرة منها لأنها ستجذب الأنظار بعيدًا عنه، لكن لأنه ببساطة أراد التفرغ لكتابة مؤلفاته الروحانية. شعر دويل أنه صار حبيس ذلك الطوطم الذي ظن أنه وجد فيه ضالته. لكن، ولحسن حظ الجميع، لن يتحمل الأديب عاقبة قراره حينما ستهتاج الجماهير عليه، وسيضطر لإعادة شخصيته شارلوك هولمز مرة أخرى لأعماله من خلال رواية Hound of Baskervilles وقصة The Adventure of the Empty House وإن كان لم يتراجع عن كتابة مؤلفاته الروحانية من قبيل:

The New Revelation 1918

The Vital Message 1919

The Wanderings of a Spiritualist 1921

History of Spiritualism 1926 The

المسيح خارج الأناجيل: كيف تخيل الروائيون شخص يسوع الإنساني؟ | مارك أمجد

آرثر كونان دويل

وُلد عام 1859 في إدنبرغ، إسكتلندا، لأسرة كاثوليكية متدينة لديها اهتمامات بالفنون، تزوج مرتين مرة من لويزا هوكينز، ولما توفيت بعد إصابتها بالسل تزوج من شابة صغير تدعى جان ليكي وأنجبت له ولدين وابنة. يُعد من الكُتّاب غزيري الإنتاج حيث بلغ إنتاجه فقط حول مغامرات “شارلوك هولمز” أكثر من 60 قصة. في عام 1930 توفي بمنزله في كروبور، إنجلترا، وكان قد أصيب قبلها بذبحة صدرية لكنه مثلما مقت وظيفته كطبيب، لم يستمع لنصائح طبيبه.


في ذكرى معروف الرصافي.. هل حان الوقت لمراجعة قرار منع كتابه الشخصية المحمدية؟ | مارك أمجد

مان بوكر العالمية في دقائق: لماذا فازت قصة فتاة ورجل كبير متزوج على منافساتها

طه حسين وعباس العقاد.. من هو عميد الأدب العربي حقًا؟

اللقاح الفكري.. ما تحتاجه لتكون قارئا واعيا (إنفوجرافيك)


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك