استخدم المؤرخ ألفريد ماهان خبرته كضابط في البحرية الأمريكية في صياغة كتبه السياسية. أهم نظرياته افترضت أن أي دولة تحتاج شواطئ على بحار مفتوحة أو محيطات إن أرادت أن تصبح قوة عظمى.
كانت تحليلاته قائمة على أن امتلاك فرنسا وبريطانيا شواطئ على المحيط الأطلنطي سمح للدولتين بإنشاء امبراطوريات بمستعمرات واسعة، وأن امتلاك أساطيل بحرية سيعني توسيع التجارة والسعي للسيطرة عليها، وبالتالي التنافس فيما بينهما على سيادة المحيطات.
تأثير نظرية ماهان امتد عالميًا.. تجاوز حدود بلاده إلى بريطانيا وفرنسا واليابان. الأخيرة ترجمت كتابه "تأثير القوة البحرية على التاريخ"، واعتمدت عليه بشكل كبير في بناء الأسطول الامبراطوري الياباني وتوسع اليابان بحريًا حتى اصدمت مع روسيا في حرب مباشرة في 1904، بحسب كتاب "من ماهان إلى بيرل هاربر: البحرية الإمبراطورية اليابانية والولايات المتحدة" لساداو أسادا.
في 1911، تنبأ ماهان بأن تنامي قوة ألمانيا الصناعية ستقود لصراع دولي، وهو ما تحقق فعلًا باندلاع الحرب العالمية الأولى في نفس عام وفاته، 1914؛ إذ كان يرى أن ألمانيا كقوة صاعدة لا تملك سوى بحر الشمال ستسعى لمد نفوذها لما هو أبعد.
كذلك توقع أن هذا الصعود الألماني سيؤثر على أمريكا، معتبرًا أن بريطانيا هي خط الدفاع الأول عن بلاده؛ باعتبار أن تعرض بريطانيا العظمي لكارثة يعني أن ألمانيا ستكون سيدة الموقف البحري".
يرى البعض أن نظرية ماهان أثرت في السياسة الأمريكية لدرجة شراء ألاسكا من روسيا وضم هاواي، مثلما يذكر موقع هيستوري التابع للخارجية الأمريكية.
تأثير ماهان ظهر أيضًا في سياسات تيودور روزفلت، حيث شجع على امتلاك أمريكا قوة بحرية، دخلت بها حربًا ضد إسبانيا.
وفي النهاية وجدت أمريكا "دولة المهاجرين من أوروبا" نفسها في مواجهة قوى أخرى في أسيا، مثل الصين واليابان، وكذلك روسيا.. وهو أمر لا يصعب فهمه إذا نظرنا لشكل خريطة العالم من جهة الساحل الغربي لأمريكا، فأقرب الدول لها ستكون روسيا من جهة ألاسكا وبعدها الصين واليابان.
ربما تعتقد أن نظرية ماهان لم يعد لها جدوى في عصر الطائرات والأقمار الصناعية، لكن الواقع يقول العكس.
بحسب موقع "ريل كلير ديفينس" فإن نظريات ماهان ما زالت مستخدمة في السياسة الأمريكية، من حيث أن على أمريكا ضمان انقسام منطقة أوراسيا سياسيًا وألا تتحد أبدًا، كذلك من مصلحة أمريكا أن تشتعل الخلافات بين روسيا والصين والهند، وأن تتم مواجهة التحركات الصينية في منطقة المحيط الهندي، ومواجهة توسع إيران في الشرق الأوسط، وهو المصطلح الذي يرجع ابتكاره لماهان عام 1901.
تأثيرات نظرية ماهان استمرت كذلك في رسم السياسة الأمريكية نحو بريطانيا حتى اليوم، حيث تعتبرها أول واجهة لأمريكا مع العالم من جهة الشرق.
هل تريد أن تفهم العالم؟ أن تفسر ما حدث لك؟ أن تتوقع ما سيحدث؟| خالد البري | رواية صحفية في دقائق
في ذكرى تأسيسه.. هل يعيش الناتو أيامه الأخيرة؟ | س/ج في دقائق
معضلة تركيا – ترامب ومشروع ماكرون البديل.. هل تخرج أوروبا من عباءة الناتو؟ | س/ج في دقائق
S-400: “أسرار الناتو في يد روسيا”.. كيف يتعامل ترامب مع أردوغان؟ | س/ج في دقائق