س/ج في دقائق: الاتفاق النووي مع إيران .. لماذا يختلف موقف أوروبا عن أمريكا

س/ج في دقائق: الاتفاق النووي مع إيران .. لماذا يختلف موقف أوروبا عن أمريكا

9 Jul 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ٨ مايو ٢٠١٨ انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران. كما جهزت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية جديدة تستهدف إيران والميليشيات التابعة لها.

الموقف الأمريكي يهدد بانهيار تام للاتفاق النووي الذي طرفاه إيران من جهة والولايات المتحدة ودول أوروبية من جهة أخرى.

في محادثة هاتفية جمعت بين الرئيس الفرنسي ماكرون ونظيره الإيراني حسن روحاني، أوضح الأخير له صراحة أن محاولات أوروبا لحفظ الاتفاق “فرصتها محدودة”.

بعدها أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي 7  شروط على الاتحاد الأوروبي تنفيذها خلال 60 يومًا، وإلا لتخلت طهران عن الاتفاقية.

أوروبا أكدت مرارًا حرصها على مناقشة الضمانات التي تكفل بقاء الاتفاق النووي.

يُشكل الاتحاد الأوروبي شريكًا تاريخيًا لأمريكا في مجالات الأمن والسياسة والاقتصاد، ولطالما تطابقت مصالحهما وعملا على تحقيقها سويًا.

فماذا تغير هذه المرة؟ لماذا ترى أوروبا مصلحتها في الاختلاف مع الموقف الأمريكي حول الاتفاق النووي؟

الإجابة في أربع نقاط يقدمها هذا التقرير من دقائق.نت

اقرأ أيضا: نظرة عامة على الاقتصاد الإيراني.. تحديات وفرص

أولاً: المصلحة الاقتصادية

منذ توقيع الاتفاقية شهدت العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وإيران قفزة هائلة؛

تضاعفت الصادرات الفرنسية لإيران من 562 مليون يورو في 2015 لتسجل 1.5 مليار يورو العام الماضي، وبلغت الواردات 2.3 مليار يورو بعدما كانت 66 مليونًا فقط في 2015.

وشركة سيارات كـ”رينو” باعت 160 ألف سيارة داخل إيران في 2017 بينما تبلغ حصة شريكتها “بيجو” من السوق نحو 30%، ووقعت شركة “توتال” العملاق النفطي عقد تطوير حقل فارس باستثمارات ناهزت 5 مليارات يورو.

أما ألمانيا فقد زادت صادراتها لتبلغ 3 مليارات يورو، علاوة على إنشاء 120 شركة ألمانية على التراب الإيراني، فيما تتمتع 10 آلاف شركة ألمانية أنشطة مع إيران، من بينها العملاق الإلكتروني “سيمنز” التي وقعت عقودًا ضخمة مع طهران في مجالات توربينات الغاز ومولدات محطات إنتاج الكهرباء، و”فولسفاجن” التي عادت لإيران بعد غياب 17 عامًا، والتي أعلنت رسميًا أن خروجها من الجمهورية الإسلامية سيشكل ضربة للاقتصاد الألماني.

أيضًا، انخرط عملاق الطيران العالمي “إيرباص” في صفقة ضخمة مع طهران لمد خطوطها الجوية بـ100 طائرة بقيمة 10 مليارات دولار.

هذه الصفقات وأخرى عقدتها شركات إيطالية وإنجليزية وأوروبية سوف تنهار، بعدما صار على أصحابها الاختيار ما بين الإبقاء عليها أو التخلي عن أكبر سوق بالعالم؛ أمريكا.

خسارة هذه المصالح ستؤدي لفقدان مئات الوظائف، الأمر الذي يستدعي حماية سياسية من قادة دولهم، أمر عبّر عن وزير خارجية ألمانيا أولاف شولتس بأن جميع هذه الشركات يجب أن تحصل على إعفاء من العقوبات الأمريكية.

ثانيًا: أمريكا أولاً أم أوروبا الموحدة

يحظى رئيس أمريكا بعلاقة “اقتصادية” سيئة مع الأوروبيين، بسبب بوادر الحرب التجارية التي تدور بين الجانبين خلال الفترة الأخيرة بسبب اتباع الأخير سياسة “أمريكا أولاً” والتي يسعى من خلالها لتخفيض 800 مليار دولار عجزا تجاريا بين بلاده وأوروبا، عبر مَنْح أفضلية للمصانع الأمريكية على نظيراتها حول العالم.

فرَض ترامب رسومًا على الصلب والألومنيوم الواردين من أوروبا، كما هدد بفرض 20% ضرائب على السيارات الأوروبية المستوردة في حال أقدمت دول الاتحاد الأوروبي على رفع الرسوم الجمركية ضد الشركات الأمريكية، الأمر الذي استدعى تحذيرًا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن هذه الإجراءات ستُشعل “حربا تجارية”، وهي معركة أعلن ترامب أنه يرحب بها!

التهديدات الأمريكية أثارت موجة خوف عالية في أوروبا، وهبطت أسهم البورصة لأدنى مستوياتها منذ 6 أشهر، مع احتمال خسارة عشرات الآلاف من الموظفين لأماكنهم، أزمة فرضت نفسها عند انعقاد قمة مجموعة السبعة في في فانكوفر الكندية، وبدلاً من مناقشة سُبُل تطوير التنمية والاستثمار انهال قادة أوروبا والصين بالانتقادات على ترامب.

قال ماكرون إن قرارات ترامب الاقتصادية “غير شرعية”، كما أعلنت ميركل بأن الرد على (شعار ترامب) “أمريكا أولا” سيكون “أوروبا الموحدة”، وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إنهم لن يجلسوا بلا حراك بينما يتعرضون “لإجراءات غير عادلة تعرض آلاف الوظائف الأوروبية للتراجع”.

ثالثًا: الهيبة

منذ الحرب العالمية الثانية، تعاني أوروبا تراجعًا كبيرًا في تأثيرها السياسي بشتى أنحاء العالم، وغابت موازين قوتها عن التواجد الفعّال في المساحات الحرجة.

المشكلة الفلسطينية على سبيل المثال، لا تملك ثقلاً بها إلا بيانات إدانة تقليدية للاحتلال وللاستيطان دون أن يكون لها قُدرة فاعلة على الحل أو حتى جذب الأطراف لمائدة واحدة، لأن الجميع يعلم أن المفاتيح كلها بيد واشنطن.

رابعًا: إيران لم تصف أوروبا بالشيطان الأكبر

صحيح أن العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي شابتها الكثير من التوترات خلال الفترة الماضية، إلا أنها لم تصل أبدًا لدرجة السوء التي تميز صلات طهران بواشنطن.

عقب الثورة الإسلامية اقتحمت جموع من الإيرانيين السفارة الأمريكية واحتجزوا موظفيها رهائن. بالنظر إلى طبيعة النظام الديني في طهران، فإن اقتحاما كهذا لا يمكن أن يتم دون ضوء أخضر من المؤسسة الحاكمة.

أما العلاقات الإيرانية مع أوروبا فظلت محتفظة بقنوات اتصال. مما مهد لتوافد مسؤولين ومستثمرين أوروبيين على طهران بمجرد توقيع الاتفاق النووي. كما شكلت مجموعة عمل وزارية خصيصا بهدف توسيع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية.

الولايات المتحدة ترى النظام الإيراني نظاما راعيا للميليشيات المسلحة كحزب الله والحوثيين وقوات بدر العراقية. ومن ثم مهددا للاستقرار في الشرق الأوسط. وأن الاتفاق النووي لم يحو من الشروط ما يضمن تخلي طهران عن هذه الممارسات. بل على العكس، سيوفر لها فائضا اقتصاديا يمكنها مزيدا من الإنفاق على ميليشياتها المسلحة.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك