من 2010-2019 .. سبعة أفلام مصرية صنعت عقد الألفية الثاني | أمجد جمال

من 2010-2019 .. سبعة أفلام مصرية صنعت عقد الألفية الثاني | أمجد جمال

4 Sep 2019

أمجد جمال

ناقد فني

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

أسابيع تفصلنا عن نهاية العقد الثاني من الألفية. عقد مفصلي على كافة المستويات، يمثل سنوات الحصاد لمجموعة من أخطر الظواهر الاجتماعية والسياسية في حياة البشر بصفة عامة، والمصريين بصفة خاصة: عصر ما بعد اختراع الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، وظهور منصات المشاهدة الإلكترونية، وصعود الدراما التلفزيونية على حساب السينما، وازدهار القرصنة، والأهم بالطبع أنه عصر ما بعد 25 يناير وتوابعها التي ارتبطت بكساد ملحوظ في صناعة السينما كمًا وكيفًا.

على مر تاريخ السينما المصرية ارتبطت الهزّات السياسية والاجتماعية الكبرى بفترات فنية سيئة السمعة، نسمع دائما مصطلحات “سينما ما بعد نكسة 67” و”سينما ما بعد الانفتاح”، كمعايير للهبوط والتردي، لكننا ننسى أن تلك الفترات شهدت إنتاج بعض الروائع مثل “الأرض” و”زوجتي والكلب”، و”المومياء” مثلًا، وكذلك سينما ما عُرف بالواقعية الجديدة في الثمانينيات. إذًا، فحتى فترات الاضمحلال والتردي العام لم تخل أبدًا من محاولات فردية تجاوزت حيّز السقوط.

إليكم سبعة أفلام مصرية أنتجت حديثًا من مختلف التيارات الفنية صنعت هذا العقد. مع التأكيد على أن هذا النوع من القوائم غالبًا ما يخضع للذوق الشخصي لكاتب السطور، مع اعتبار التأثير الفني والجماهيري لكل فيلم وقع اختياره.


7- يوم الدين 2018

السينما المصرية كانت تحتاج بشدة لهذا النوع من الأفلام غير المعتمد على منظومة النجوم، ولا اسم مخرجه الجاذب لجهات الإنتاج، ولا الفكرة البراقة. يوم الدين مغامرة في زمن لم تكن فيه النتائج المضمونة نفسها مضمونة!

القصة عن رحلة بشاي نحو معرفة أصوله وعائلته التي هجرته منذ سنوات طفولته الأولى وأودعته داخل مستعمرة لمرضى الجذام تجمع أولئك الذين ترك المرض آثاره عليهم.

ساعتان من الضحك والألم والتأملات ونحن نتابع بشاي المنبوذ بصحبة أوباما الطفل اليتيم (والمنبوذ بشكل آخر) في الطريق إلى عالم يعتقدانه أكثر رحابة، وإلى جذور يتوهمان أنها ستحقق لهم السلام النفسي. يستخدم مخرجه أبو بكر شوقي كل أدوات الميلودراما المكروهة نظريًا ليحقق بها نتائج مقبولة جدًا عمليًا.


6- شيخ جاكسون 2017

لعله ليس الأفضل بالمعايير الفنية، لكنه بلا شك أكثر الأفلام تعبيرًا عن تلك الفترة من عمر المجتمع المصري. عدّدنا في بداية المقال بعض الظواهر التي اتسم بها العقد، لكننا لم نذكر أن نتيجتها الرئيسية نقلت حروب الأفكار والأيديولوجيات من ساحات النخب إلى البشر العاديين.

شيخ جاكسون فيلم عن أزمة الإيمان والهوية. لن أبالغ، نحن لسنا بصدد ثورة دينية بمعيار أوروبا في عصر التنوير، لكننا على الأقل في عصر تساؤل وغربلة للكثير من الأفكار الخاطئة والمعتقدات الضارة، ولو كانت بالشك الذي لن يتحول أبدًا إلى يقين، أو في الخفاء الذي لم يتجه بعد إلى العلن.

بعكس أفلام المخرج السابقة التي تشعر أنها محاولة لمحاكاة أفلامه الأجنبية المفضلة، أو تطبيق كل ما يعرفه عن السينما داخل مشروع واحد، هذا الفيلم مختلف وشخصي وصادق.

فيه وجد عمرو سلامة ضالته أخيرًا. أدرك أن ميزته كسينمائي ليست في امتلاك الحرفة ولا بحكي القصص محكمة البناء وفق قواعد كتابة السيناريو الأصيلة، لكن في الأسئلة التي يريد طرحها عن نفسه وعن العالم، وقد جرّب في شيخ جاكسون أن يستخدم الفن ليجد إجابات على تلك الأسئلة، فجاءت النتيجة أفضل من كل ما قدمه سابقًا.


5- تراب الماس 2018

الفيلم الذي يسقط أسطورة أحمد مراد ككاتب عالة على موهبة مروان حامد الإخراجية. الرواية والنص السينمائي لمراد في هذا الفيلم هو البطل الأول للمشروع.

فكرة مثيرة، تربط التاريخ المصري القريب بحاضره وفق تيمة الانتقام المُحببة، وبالخضوع لألاعيب العقل والتواءات الحبكة وباقي مكسبات الطعم السردية، لكن دون تحييد للهمّ السياسي والاجتماعي، ودون الالتفاف على طبائع الشخصيات وسماتها الثرية.

نص يحمل كل ما يحلم به مخرج كمروان، بلمسته الجمالية التي أصبحت كالبصمة، وقيادته البارعة للكاست التمثيلي.


4- اشتباك 2016

محتوى الفيلم يتنصل باستماتة من الانتماء إلى التيارين السياسيين المتصارعين داخل أحداثه. هذا لم يجعله أقل سياسية بالمناسبة؛ فالحياد نفسه موقف سياسي كان له رموزه ومسمياته وقواعده وأقلامه على الساحة في فترة ما ليست بعيدة عن سنة الإنتاج. ذلك تحديدًا ما يعطي التميز للفيلم؛ كونه فيلمًا سياسيًا بامتياز حتى ولو لم يدرك صناعه، أو أدركوه بنواياهم غير المعلنة.

الطريف أنه رغم هذا الحياد المصطنع، فقد أثار الفيلم الضجة الأكبر وقت عرضه بالمقارنة بأفلام أعلنت انحيازها السياسي بشكل أكثر وضوحًا مثل “الشتا الي فات” و”نوارة” و”بعد الموقعة” جميعها كان من النوع الأليف الذي مرّ مرور الكرام. اشتباك أكثرهم جرأة وإدهاشًا.

السينما السياسية ليست مشكلة طالما تُصنع بصورة فنية فريدة كما الحال هنا. اختلفنا أو اتفقنا مع محتوى الفيلم، فمن الإجحاف أن ننكر طزاجة الفكرة، وبراعة التنفيذ التقني لها، والأداء التمثيلي المتميز من كامل الكاست.

فيلم سيكتسب مزيدًا من التقدير كلما ابتعدنا بالزمن عن معادلات الاستقطاب الماضية، وكلما انتقل من حيّز الحاضر إلى حيّز التاريخ، أيّ كلما لم يأخذه المتفرج بشكل شخصي أكثر من اللازم.


3- سمير وشهير وبهير 2010

لو كان “صعيدي في الجامعة الأمريكية” حجر الأساس لموجة سينما المضحكين الجدد ببداية الألفية، فلا شك أن “سمير وشهير وبهير” هو حجر الأساس للموجة الكوميدية الجديدة التي أزاحت ما قبلها وفرضت نفسها في العشر سنوات الأخيرة بسمات ومفردات أخرى.

إرهاصات تلك الموجة بدأت مع أفلام أحمد مكي، لكنها اكتملت مع الثلاثي فهمي وهشام وشيكو في سمير وشهير وبهير، الذي يعد بمثابة بيان تأسيسي لهذه الموجة.

هم مختلفون عن كل مدارس الكوميديا في تاريخ السينما المصرية؛ كونهم بدأوا بالاعتماد على كتابة نصوص أفلامهم على طريقة فريق مونتي بايثن البريطاني وسيث روجن وإيفان جولدبرج في الولايات المتحدة، أي أن أفلامهم تشبههم.

وحتى بعد توقفهم عن الكتابة وانفصالهم الجزئي، ظهر العديد من الكُتاب يكتبون وفق مبادئ تلك المدرسة: الاستعارة من الثقافة الجماهيرية، والاعتماد على المحاكاة الساخرة، والنصوص الذي تنقد وتعرّي نفسها بنفسها، وتجاهل الوازع الأخلاقي التوعوي بالقصص، وعدم أخذ أنفسهم على محمل الجد.


2- الفيل الأزرق (1-2) 2014 – 2019

الجزء الأول من الفيل الأزرق كان المحرك الأول لمياه صناعة السينما الراكدة في هذا العقد، وهو بداية عصر أفلام البلوك باستر بالمفهوم المصري: ميزانيات ضخمة، وأفلام جونرا، وإبهار بصري، ونجوم صف أول، وبالتالي نجاح كبير وأرقام قياسية تتحطم فتؤدي لتوسيع مدى التجربة وامتدادها في شكل سلاسل يمكن القول أنها مسؤولة عن إنقاذ صناعة السينما. فعلتها أفلام أخرى لاحقًا.

لكن الفيل الأزرق يختلف عن أشباهه بموهبة مخرجه مروان حامد، الذي لا يستخدم التقنية كأداة للإبهار السطحي كالمعارك والانفجارات ومطاردات السيارات، لكن بتقديم لوحات فنية مكتملة. مروان يستخدم التقنية لتخليق عوالم جديدة بأبعاد طازجة لم ترها أعيننا في أفلام مصرية من قبل، هذا تحديدًا ما يميّزه عن قرينيه بمدرسة الإبهار التقليدية شريف عرفة وطارق العريان. إنه الفارق بين الإبهار كقيمة جمالية والإبهار الاستهلاكي. هذا ما سيُبقي أفلام مروان على مدى أطول في الذاكرة السينمائية.


1- رسائل البحر 2010

قد نتفق أو نختلف على اعتباره أفضل أفلام داوود عبد السيد، لكنه بلا جدال أجملها! بطلاه ليسا الأعمق ولا الأكثر تعقيدًا من بين الشخصيات التي كتبها، لكنهما الأكثر حساسية ورهافة ومن السهل التآلف معهما.

الهموم التي تؤرق عبد السيد متقاربة في أفلامه. لا تفرق بين الشخصية البسيطة والمثقفة: علاقة الإنسان بالمكان، تفشي النفاق وتفسخ القيم والتغير السلبي في التركيبة الاجتماعية، والبسالة في مواجهة القبح التي عادة ما تنتهي بالهزيمة والرثاء.

لكن المواجهة هنا كانت أعنف بعنصرين: الأول هو الصورة العذبة التي نراها والتي تعمل عمل المقاومة العضوية من داخل الفيلم ضد رمز القبح والجشع والغلاظة “الحاج هاشم” الذي يريد هدم المنزل القديم لبناء ببرج سكني شاهق بلا روح ولا هوية. والثاني شخصية “قابيل” الذي يفضل الموت على الحياة بعملية جراحية تفقده ذكرياته، أي هويته وحياته الفعلية.

فيلم يقدم الإسكندرية بالسحر الذي اخترعت السينما من أجله وهي تصوّر المدن الكوزموبوليتانية: الإيقاع ونظام الحياة والهوية وحتى الرائحة، عدسة تعانق المدينة بوله وحميمية أشبه في درجتها مع عدسات وودي آلن وهي تعانق نيويورك، أو وونج كار واي مع هونج كونج، أو فيليني مع روما.

لا ننسى أن الفيلم يمثل التجربة الأولى لأحمد المرسي على مقعد مدير التصوير، لينطلق بعدها في مشوار حافل بالأعمال ذات الصورة المتفوقة عن كل ما حوله، ونصيبه في هذه القائمة وحده أربعة أفلام.


 لم أتناول هذه الأفلام لكنها تستحق ذكرًا شرفيًا: ولاد رزق (1-2) – بنتين من مصر – بلاش تبوسني – علي معزة وإبراهيم – هيبتا – الأصليين – الحرب العالمية الثالثة – فتاة المصنع – واحد صحيح – الخروج للنهار – ميكروفون


موسم 2019.. هل تخلصت سوق السينما المصرية من أثار ٢٥ يناير الاقتصادية؟ | أمجد جمال


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك