يحاول تيار المحافظين المتشدد توسيع قبضته على جميع المؤسسات الحاكمة في إيران. الانتخابات البرلمانية كانت مهمة بهذا الصدد، وعليها، اتخذ مجلس صيانة الدستور الإيراني خطوة استبعاد الآلاف من المرشحين المعتدلين.
مجلس صيانة الدستور ليس منتخبًا، لكنه المسؤول عن التدقيق في المرشحين للمناصب العامة، وبينها عضوية المجلس النيابي. استخدم هذه السلطة في الانتخابات البرلمانية لتغيير الأرضية لصالح المحافظين.
تقدم أكثر من 15,000 مرشح. استبعد مجلس صيانة الدستور منهم 7,296 شخصًا، الاستبعاد يشمل العديد من المرشحين الإصلاحيين، وبينهم نحو 90 من أعضاء البرلمان الحاليين.
في غالبية الدوائر – 253 مقعدًا – نحى المجلس أهم مرشحي الإصلاحيين تمامًا حتى لا يواجه مرشحو المحافظين المتشددين أي معارضة حقيقية، بحسب سي إن إن. وفي مناطق أخرى – بينها طهران – نحى المجلس جميع المرشحين الإصلاحيين، بحسب الإيكونوميست. المحافظون حصلوا بالنهاية على 221 مقعدًا . نصيب تيار الإصلاحيين تراجع إلى 20 مقعدًا، بينما ذهبت بقية المقاعد إلى المستقلين.
الانتخابات كشفت كذلك تحطم الالتفاف الشعبي حول النظام، الذي بدأ الاعتماد بدرجة أكبر على الموالين المتشددين، وخاصة في الأجهزة الأمنية والقضاء، بحسب تقرير لمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن.
تقول الإيكونوميست إن شعبية النظام في إيران انحدرت إلى حد أنه بات يحتاج إلى تزوير الانتخابات مسبقًا (أكثر من المعتاد). كانت نسبة المشاركة 42%، وفقا للتقارير الرسمية، بانخفاض عن 62٪ في 2016. يمثل هذا أدنى مشاركة في الانتخابات البرلمانية خلال العقود الأربعة الماضية؛ أي منذ وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد ثورة الخميني في 1979 ويمثل أزمة شرعية خطيرة لنظام يحب التفاخر بالشعبية، خصوصًا أنه جاء بعد وصف المرشد الأعلى علي خامنئي للتصويت بـ “واجب ديني”.
تأتي نسبة المشاركة المنخفضة في أعقاب سلسلة من الأحداث أشعلت إيران، أولاً، أدت احتجاجات نوفمبر على ارتفاع أسعار الوقود إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة أدت إلى مقتل 1,500 شخص. ثم جاء إسقاط فيلق الحرس الثوري الإسلامي لطائرة أوكرانية في يناير، مما أدى إلى مزيد من الاحتجاجات.
نسبة المشاركة في الانتخابات الإيرانية كانت الأضعف منذ الثورة الإيرانية بواقع 42.6% فقط والسبب أن لجنة تنظيم الانتخابات…
Posted by دقائق on Tuesday, February 25, 2020
وصل حسن روحاني السلطة لأول مرة في 2013، بعدما قضى عشر سنوات في منصب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين. منذ ذلك الحين، بات القوة الدافعة وراء تحول إيران من عدوانية معزولة إلى بلد يسعى بنشاط للتواصل مع الغرب، وبشكل مثير للجدل في أروقة مؤسسات الحكم، مع الولايات المتحدة.
اتفاق إيران النووي 2015 كان أساسيًا في جدول أعماله. حاول فتح إيران أمام العالم الخارجي ودعا إلى الاستثمار الأجنبي – وخاصة من الغرب، وفق رؤية تقترح الاندماج في الاقتصاد العالمي كوسيلة لمواجهة التحديات الاقتصادية في إيران.
على العكس، يتبنى المرشد الأعلى علي خامنئ وأنصاره الأكثر تشددًا رؤية “اقتصاد المقاومة” الذي يعتمد على الأسواق الداخلية ويكتفي بالتجارة مع دول مجاورة صديقة مثل العراق وجمهوريات آسيا الوسطى.
في روايتهم ، ستكون إيران دائمًا عرضة للضغوط الاقتصادية إذا كانت تعتمد على التجارة الغربية.
وفي الوقت الذي يعزز فيه المتشددون سلطتهم، من غير المرجح أن تتنازل إيران عن القضايا الأساسية مثل البرنامج النووي – الذي تراه الدول الغربية كغطاء لتطوير أسلحة نووية – والأنشطة العسكرية الإقليمية.
صحيح أن دور البرلمان محدود في العلاقات الخارجية، وأن الانتخابات الإيرانية الأخيرة ستترك تأثيرًا ضئيلًا على سياسات طهران الإقليمية. لكن، مع تطهير العناصر الأكثر اعتدالًا من النظام السياسي، فمن المرجح أن يقود إيران المحافظون الذين لديهم حافز ضئيل لتسوية سياسات إقليمية يرونها ناجحة.
ساعدت إيران نظام الرئيس السوري بشار الأسد على البقاء على قيد الحياة، وتصادمت مع السعودية بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن، وتدخلت في لبنان بدعم حزب الله. الآن، لا يرى المتشددون سببًا يذكر لتعطيل سلسلة النجاحات هذه، بحسب تقرير لمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن.
صراع الطاولة والشطرنج.. كيف غيَّر مقتل قاسم سليماني قواعد الاشتباك؟ | س/ج في دقائق
وعد مسؤولو الصحة الإيرانيون بالشفافية. لكن الثقة في وعود السلطات محدودة. في يناير، أسقط النظام عن طريق الخطأ طائرة ركاب أوكرانية بالقرب من طهران ، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص الـ 176 الذين كانوا على متنها. ثم حاول دون جدوى التستر على الحادث ، مما أدى إلى احتجاجات كبيرة.
يشعر الإيرانيون الآن بالضيق من تقدم النظام في الانتخابات مع تزايد تفشي المرض. كما يشكون من أنه في الوقت الذي أغلقت فيه السلطات المساحات العالمانية، مثل المعارض الفنية ودور السينما، فقد تركت المزارات المربحة مفتوحة، لا سيما في قم، التي تضررت بشدة من الفيروس. هناك دعوات متزايدة لوضع المدينة، التي هي مقر رجال الدين الحاكمين في إيران ، تحت الحجر الصحي من أجل منع انتشار الفيروس.. عدم الشفافية قد تلحق الضرر أكثر بشرعية النظام.
برلماني إيراني يؤكد رغم الإنكار الرسمي: وفيات كورونا في قم وحدها قفزت إلى 50أكد النائب الإيراني أحمد أميريبادي فرحاني،…
Posted by دقائق on Monday, February 24, 2020
فيروس كورونا الجديد.. هل يحصد شبيه الأنفلونزا 70% من سكان العالم؟ | س/ج في دقائق
يميل البرلمان الإيراني للتعامل مع القضايا المحلية فقط، غير المتعلقة بأمن الدولة، لكنه لا يناقش قضايا السياسة (بما في ذلك برامج السياسات الرئيسية المتعلقة بقطاع النفط والغاز). فهذه القرار فيها للرئيس والمرشد وكبار قادة الحرس الثوري.
حسن روحاني استطاع خلال الفترة الماضية كسب ثقة المرشد الأعلى والشعب، فتمكن من توقيع الاتفاق النووي، ثم مذكرات تفاهم مع الشركات العاملة في النفط والغاز. لكنه تحرك بعد ذلك لتقليص صلاحيات الحرس الثوري لكي يستكمل مشواره مع هذه الشركات، فالحرس الثوري سيطر على 200 شركة إيرانية، وكان نشطًا في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية والسيارات والنقل والاتصالات والبناء والمعادن والتعدين.
حاول روحاني أن يجعل الحرس الثوري جزءًا من الجيش النظامي، مع حرمانه من الامتيازات والمصالح التجارية. لكن الحرس الثوري الإيراني رد باستئناف اختبارات الصواريخ الباليستية، مما أدى إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ومن ثم اضطرت إيران لرفع أسعار البنزين 50%- بعد إلغاء الشركات الأجنبية لاتفاقاتها- فاندلعت الاحتجاجات، وهي مناورة من الحرس الثوري لتأكيد أهمية وجوده وسيطرته على الأحداث.
فوز المتشددين في الانتخابات رسالة من الحرس الثوري أنه يرفض التقارب التام مع الغرب، وأنه قادر كذلك على تدمير تيار المعدلتين، ومنع روحاني من الترشح في الانتخابات المقبلة، في وقت ليس هناك لدى المعتدلين شخصية معروفة تمثلهم.
إيران | لماذا اشتعلت عشرات المدن دفعة واحدة؟ | س/ج في دقائق