انقلابات قطر | تميم وحمد يحصدان ماضيهما في قطر وخارجها | محمد زكي الشيمي

انقلابات قطر | تميم وحمد يحصدان ماضيهما في قطر وخارجها | محمد زكي الشيمي

5 Jun 2018
الشرق الأوسط
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

كان من نتائج أزمة مقاطعة قطر إعادة خلافات الأسرة الحاكمة في قطر إلى الواجهة من جديد.

وبرغم قاعدة التحفظ المعتادة في الإعلام الناطق بالعربية عن الحديث عن الخلافات السياسية الداخلية في الدول العربية عموما، والخلافات داخل الأسر الحاكمة على وجه الخصوص، فإن هذه القاعدة التي كانت قطر أول من تجاوزها بإلحاح لأكثر من عشرين عامًا، تم كسرها من بقية الأطراف كرد فعل لما قامت به قطر. وأصبحت الخلافات القطرية الداخلية تحظى بقدر غير مسبوق من التغطية الإعلامية.

تاريخ من الانقلابات

خلافات الأسرة الحاكمة في قطر ينطبق عليها المثل الشهير “من كان بيته من زجاج لا يرجم الناس بالحجارة”. فالأسرة تعيش في سلسلة من الخلافات والانقلابات الناجحة والفاشلة يمتد عمرها إلى أكثر من سبعين عامًا. ووقائعها المختلفة تؤكد أن الأسرة مفتتة من الداخل وأن احتمالية وقوع انقلاب داخلي قائمة في كل لحظة.

في عام 1913 وعند وفاة الأمير الثاني جاسم بن محمد آل ثاني، تولى نجله محمد بن جاسم شيخ أم صلال محمد الحكم لمدة تقل عن عام واحد. وهو في الأصل  لم يكن أكبر أبناء جاسم الأحياء آنذاك بل الرابع بين الذكور الأحياء. ويسبقه سنًا الشيخ ثاني شيخ الغرافة، ثم الشيخ عبدالرحمن شيخ الوكرة، ثم الشيخ عبدالله شيخ الريان.  

وقد تنازل عن الحكم  مجبرًا بشكل واضح لأحد إخوته الأكبر وهو الشيخ عبد الله بن جاسم.

والشيخ عبدالله بن جاسم  لسبب غير واضح أيضًا اختار نجله الأصغر الشيخ حمد بن عبدالله ليكون ولي عهده عام 1935 بدلاً من نجله الأكبر الشيخ علي بن عبدالله.

ثم لم يلبث حمد أن أصبح حاكم الإمارة الحقيقي بين عامي 1940 و1948 في حياة والده، لكنه توفي مبكرًا عام 1948 .

وهنا عاد الشيخ عبدالله بن جاسم لممارسة مهام الإمارة وعين ابنه الأكبر علي بن عبدالله ولياً لعهده، ثم تنازل له عن الحكم نهائيًا عام 1949 في حياته (حيث توفي عام 1957) في إجراء يبدو أنه كان مقصودًا به مواجهة مطامع أبناء نجله المتوفي حمد وخصوصًا خليفة بن حمد.

وتنازل الأمير علي بن عبدالله ولنفس السبب عن الحكم  في حياته لابنه أحمد بن علي عام 1960، مع اختيار خليفة بن حمد ولياً للعهد.

ولكن خليفة بن حمد لم يكن مقتنعا بما تم منذ عام 1948 كما اتضح، فانقلب على ابن عمه عام  1972 ليصبح هو الأمير الجديد.

الوضع القطري الهش

ورغم أن خليفة بن حمد حكم قطر بعد ذلك منذ عام 1972 حتى عام 1995 إلا أن عام 1985 شهد ما تردد أنها محاولة من شقيقه سحيم بن حمد لتدبير انقلاب ضده.

وتم احتجاز سحيم بن حمد وتوفي في نفس العام في ظروف غريبة. وقبل شهور اتهم نجله سلطان بن سحيم في حديث تلفزيوني الأمير السابق لقطر حمد بن خليفة بتدبير أبيه، علما بأنه تردد آنذاك إما أنه تم تسميمه، أو تم منع الطبيب عنه عن طريق غانم الكواري، وهو الدافع في محاولة أبناء سحيم قتل الكواري، وهو ما تسبب في سجنهم لفترة.

                                

ومرة أخرى تكرر الانقلاب فانقلب  حمد بن خليفة على أبيه عام 1995 بينما كان الأب في زيارة للخارج ليصبح هو أمير البلاد.

وفي عام 1996 حاول فهد بن حمد  نجل الأمير الجديد الانقلاب على والده وإعادة جده للسلطة، في محاولة أشار البعض أن من أسبابها ولاءه لجده، وخوفه من زيادة نفوذ الشيخة موزة المسند زوجة أبيه.

ولكن الانقلاب فشل.

ورغم أن مشعل أكبر أبناء حمد كان ولي العهد في قطر منذ نجاح انقلاب والده إلا أنه تم التخلص منه بسرعة في أكتوبر 1996،على خلفية محاولة الانقلاب التي قادها شقيقه فهد. ثم عُيِّن شقيقه جاسم، نجل الشيخة موزة المسند، بدلًا منه.

وفي عام 2003 تم إبعاد جاسم بن حمد عن ولاية العهد لمصلحة شقيقه تميم. وهو أيضًا نجل الشيخة موزة.

وفي عام 2013 تنازل الشيخ حمد عن الحكم لنجله تميم في إجراء تم تفسيره بمحاولة تأكيد سلطة تميم في حياة والده، وفسره البعض الآخر بمحاولة استباق محاولة انقلاب من تميم عليه.

أزمة مقاطعة قطر جعلت استقرار الحكم القطري في مهب الريح

الخلاصة أن قطر هي إمارة تدار بالانقلابات داخل القصر. والمؤامرات مستمرة منذ عقود. وبالتالي فإنها بالفعل تملك وضعًا هشًا للغاية يهيئ الظروف لإمكانية وقوع انقلاب في أي وقت.

ومن الطبيعي أن يبرز للواجهة فرعان في مواجهة الفرع الحاكم:

فرع علي بن عبدالله، الأمير السابق الذي تم عزله عام 1972.

وفرع سحيم بن حمد شقيق جد الأمير الحالي الذي أسلفنا ظروف وفاته عام 1985.

ولهذا فقد ترددت إعلاميًا في العام الماضي أسماء عبدالله بن علي بن عبدالله، ثم وبشكل أكبر سلطان بن سحيم، باعتبارهما أمراء من آل ثاني ضد السلطة الحاكمة في قطر.

وأيا كانت الحقيقة فيما يتعلق بالأول فإن خطوات سلطان بن سحيم واضحة في هذا الشأن.

على أن معادلة السلطة في قطر مع ذلك ليست سهلة بحيث يسهل انتزاعها بيد أمير معارض. فالسلطة موزعة بين تميم بن حمد وبين والده الأمير السابق حمد بن خليفة وبين والدته الشيخة موزة المسند وبين رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.

فلكل شخص من هؤلاء مجموعته الخاصة، ولكن المجموعات مجتمعة تعمل لمصلحة إبقاء تميم، وهو ما يصعب مهمة أي فرع آخر من أسرة آل ثاني.

علي أية حال، ومهما كان الوضع، المؤكد أن أزمة مقاطعة قطر جعلت استقرار الحكم في قطر في مهب الريح، وأن هناك أطرافًا من الداخل القطري أصبحت فعلًا مدعومة إعلاميًا علي أقل تقدير من دول المقاطعة باعتبارها بديلا لتميم ونظامه.

وفي الواقع فإن تميم ووالده هنا يدفعان ثمنًا واضحًا لسياسة خطرة استمرت على مدار سنوات، داخل قطر وخارجها.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك