رحيل وتد في الثقافة السعودية والعربية.. ماذا ترك محمد العثيم للثقافة والفن؟

رحيل وتد في الثقافة السعودية والعربية.. ماذا ترك محمد العثيم للثقافة والفن؟

14 Jul 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

توفي الكاتب المسرحي محمد العثيم، السبت ١٤ يوليو ٢٠١٨، إثر تدهور حالته الصحية بشكل مفاجئ، بعد معاناة طويلة من مرض الفشل الكلوي.

من هو العثيم؟

مسرحي وكاتب سعودي، ولد في بريدة 1948 ودرس بها، حتى ظهر على تليفزيونها مذيعًا لأول مرة، قبل أن ينتقل للرياض لدراسة الإعلام في جامعة الملك سعود.

حصل على بعثة إلى الولايات المتحدة، لينال درجة الماجستير في الصحافة المطبوعة من جامعة كاليفورنيا في 1985، ليعود محاضرًا في جامعة الملك سعود، بالتزامن مع كتاباته الصحفية المنتظمة، وشغفه المسرحي الذي أثرى المسرح السعودي بنحو 45 عملًا، فضًلا عن كتابي النقد “الطقس المسرحي” و”كوميديا بن جعة”، ورواية “سبحة الكهرمان” وكتاب “الغناء النجدي”، الذي صدر في مائتي صفحة، ليحكي أمثلة تطبيقية ومحاضرات للطلاب عن تطويره لأغنية المسرح، ومسلسلين تلفزيونيين، والعديد من الأفلام الوثائقية.

العثيم والمسرح السعودي

اعتبر الراحل أن السعودية تملك مسرح نخبة لم يصل لمرحلة المسرح التجريبي بمعناه الحقيقي، ورأى أن المسرح في المملكة تجربة تقتصر على نخبة من المثقفين، وتقدم لهم أداءً أعلى من المستوى التجاري أو الشعبي، مؤكدًا أن من الصعب تسميته مسرحًا تجريبيًا.

انتقد العثيم أيضًا غياب العنصر النسائي عن المسرح السعودي، الذي دفع المسرحيين في سنين الصعوبة لإسناد الأدوار النسائية للرجال، قبل منع ظهور المرأة تمامًا على المسرح في الثمانينيات مع فتاوى تحريم إلباس الرجال زي النساء، قبل عودتهن للظهور تدريجيًا مع بدايات الألفية الجديدة.

مستقبل المسرح بالمملكة

اعتبر العثيم أن النموذج المسرحي الموسمي أو المؤقت لم يكن مسرحًا، مؤكدًا حاجة المملكة لصناعة مسرح قائم ببنية أساسية ثابتة. وأكد الراحل حاجة المجتمع السعودي لإعادة فهم المسرح كفن زارع للقيم، وطالب بتأسيس معهد تدريب صحيح، ينتج مسرحًا يخلق الطقس والمشاركة المجتمعية.

وأبدى تفاؤلًا كبيرًا بالمستقبل، خصوصًا بعد تغير كثير من الأحوال والظروف، وظهور هيئة الثقافة، سيما بعدما خذلته هيئة الترفيه، التي انتقد اقتصار مساحة عملها على الرياض وجدة، وغياب الخطة والاتجاه عن نشاطها، والصعوبة في فهم طبيعة عملها، في مقال بصحيفة الشرق في نهايات 2017

لماذا فضل التعاون مع الراحل حمد الطيار؟

يقول العثيم عن نفسه:

“أنا لست بشاعر ولا أكتب الشعر، لكني كتبت نصوصًا غنائية من أجل المسرح. أنا أؤمن بأنه يجب أن تعشق المسرحية بأغانٍ من تأليف المؤلف وليست غريبة على المسرحية، بمعنى لا أتبنى أغاني من خارج المسرحية وأضعها للمسرحية”.

كان العثيم يرى في الطيار رجلًا مؤثرًا ومثقفًا وناقدًا قبل أن يكون فنانًا. اعتبره موسيقارًا وليس فقط مجتهدًا في الموسيقى، وأعجب بإبداعه في التعلم من الموسيقى الإيرانية والتركية والعربية الكبيرة.

وصف كلماته بأبرز ما غنى الطيار رغم أنه لم يكن كاتبه الوحيد. قال عن إنتاجهما المشترك: “كان في كلماتي تجديد لأنها لم تكن على الطرق القديمة، كان لنا طرقنا الخاصة ولا أزال محبًّا للطرق الخاصة التي هي ابتداع وليست تقليدًا للآخرين، فكتبت أغاني عدة عميقة المعنى. وكان يستحيل غناء كلماتي لو لم يكن حمد الطيار موسيقارًا بكل معنى الكلمة، ونحن تلازمنا مع بعض. أنا صاحب كلمة غنائية وهو صاحب موسيقى عظيمة، فاستطعنا أن نثبت وجودنا. تخيلي فقط أنه مضى الآن أربعون سنة، وكثيرون الآن يغنونها أناشيد، حذرًا من الموسيقى التي ما زالت حرمتها تسيطر على الناس”.

 السينما السعودية استثمار

وصف الراحل مهرجانات نظمتها أفرع الجمعية السعودية للثقافة والفنون وجهات أخرى في المملكة بمسابقات الهواة، وانتقد العروض غير المشجعة التي عرضتها في ظروف فنية سيئة، وتجهيزات بصرية وصوتية رديئة.

وطالب العثيم في عدة مناسبات بالخروج من دائرة الاجتهاد والهواة وسينما المؤلف، إلى صناعة سينمائية استثمارية تكون سندًا لقضايا المملكة وجيشها وتعليمها، وتدافع عنها في العالم بعد أن عرف خطر وسيلة السينما في التغيير.

رأي السينما كصناعة استثمارية اعتبرها أكثر جدوى للجيش والأمن وكل ما يخدم التعبئة الوطنية لو وجِّهت لذلك عبر أفلام ترفيهية قابلة للعرض العام في صالات الجمهور، أو لجمهور محدد مستهدف بالتغيير مثل مجموعات أثينية، أو طلابية، كون السينما بوجه عام أكثر إقناعاً وترويجاً من واقعية التليفزيون الفجة، المباشرة قليلة الإقناع، وكان ينتظر تحول جذري للفن السابع عبر اقتصاد المعرفة والإنتاج الوطني بدل الإنتاج الريعي في رؤية 2030.

العثيم والتيار المتشدد

كان لـ”العثيم” مواقف قوية ضد التيارات المتشددة في السعودية.. يقول الراحل في آخر حواراته الصحفية مع مجلة “الفيصل”، المنشور في مارس الماضي

“التشدد مشكلة للوطن كله وليس للمسرح، التشدد منع الترفيه، ومنع الغناء، ومنع أشياء كثيرة، ولسنا نحن من تضرر من التشدد، ربما سمحوا لمن يثقون بهم من المسرحيين أن يعرضوا حينها، طبعًا هي مرحلة مظلمة.

نتذكر ما حدث في جامعة اليمامة أيام التشدد، عندما تقافز ثلاثة وثلاثون محتسبًا إلى المسرح وكسروه، فكانت مسرحية الاحتساب لذيذة كمسرحية العرض، يعني كلاهما مسرحية وإن كانت متشددة إلا أنها مسرحية ذكرها التاريخ. كنا موجودين ورأينا العنف في أبشع صوره. وكأن انتصار الإسلام في تكسير مسرحية، هذا سؤال ما زال معلقًا وليت الإخوة المحتسبين يرجعون إلى عقولهم وننسى تلك المرحلة بكاملها”.

ماذا كتب قبل وفاته مباشرة؟

لم يتوقف العثيم عن التواصل مع متابعيه عبر حسابه على تويتر حتى ساعاته الأخيرة، مشغولًا بهموم محيطه العربي، ومحذرًا من السياسة القطرية والنفوذ الإيراني التركي المتزايد في المنطقة.

 

وأضاف في تغريدة أخرى

العثيم رحل.. لكن إرثه باق

كتب العثيم نصوص أغانٍ كثيرة، بينها مئة أغنية كاملة جمعها في كتاب “مئة أغنية”، الذي لم يمهله العمر لطباعته.

غيب الموت العثيم قبل أن يثري الثقافة والفن العربيين بمسرحيات وأفكار وروايات كانت تزدحم في رأسه، وكان يستعد لكتابتها رغم مرضه الطويل.

كان يشعر بشغف للعودة إلى أول الذاكرة، إلى صور قديمة مفعمة بالغموض والأسرار، قرر أن يكشفها ويحكيها ويغنيها. كان يرى أن الوقت ما زال مبكرًا للذبول والتوقف عن العطاء. كان يعتقد أن القصة لم تنته بعد.

نقل عنه الكاتب صالح الفهيد على صفحات “عكاظ” تقليله من أهمية المرض قبيل وفاته بقليل. وصفه بـ”مجرد فشل كلوي”، لكنه للأسف لم يكن كذلك.

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك