سكاكين السوشيال ميديا التي تحتاجها صناعة الفن أحيانًا | حاتم منصور

سكاكين السوشيال ميديا التي تحتاجها صناعة الفن أحيانًا | حاتم منصور

26 May 2019
حاتم منصور
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

في الأسابيع الماضية، شهدت منصات السوشيال ميديا هجومًا مكثفًا على أعمال فنية وأسماء بعينها، لدرجة أثارت تساؤلات عن تأثير هذا العالم على مسار صناعة الفن، وعن حدود المقبول والمرفوض في هذه الحملات.

على المستوى الإقليمي، قد تكون أبرز هذه الحالات ما تعرض له الممثل محمد ممدوح بسبب عدم وضوح صوته في بعض المشاهد، وانتقال هذه الحملات أحيانًا من ملاحظة جادة وسليمة تعيق ممثل موهوب، ويحتاج إلى علاجها، إلى مرحلة السخرية والاستهزاء من كونه يعمل أساسًا كممثل.

Leaving Neverland.. قضية مايكل جاكسون: السينما قاضٍ والجمهور هيئة محلفين

الحالة الأخرى الأشهر قد تكون ما تعرضت له الممثلة مي عز الدين من سخرية بسبب أدائها في مسلسل البرنسيسة بيسة الذي يعتبره عديدون ومنهم كاتب هذه السطور، نموذجًا للكوميديا السمجة المفلسة، والأداء السخيف المفتعل.

أما على المستوى العالمي فيظل الموسم الثامن والأخير من Game of Thrones النموذج الأهم، بفضل ما أثاره من إحباط وسط الملايين من عشاق المسلسل، سواء بسبب اختيارات السرد التي رآها البعض مأساوية، أو بسبب الاختيارات الفنية التي تضمنت مثلًا حلقة كاملة تدور أغلب أحداثها وسط ظلام دامس، وسخر منها العديدون.

قد يكون من المهم قبل أي شيء، أن نوضح أن مصطلح “تنمر” الذي استخدمه البعض بإفراط لإدانة هذه الحملات في حالة (محمد ممدوح – مي عز الدين) لا محل له من الإعراب. كلاهما يقدم نظريًا منتجًا فنيًا للجمهور، وبالتالي يصبح إبداء الرأي جزءًا أساسيًا من حق هذا الجمهور، حتى في الجزئيات شديدة الحساسية مثل الشكل.

10 اختيارات تمثيلية رفضها الجمهور ثم أثبتت صحتها | حاتم منصور

هذه معادلة تختلف تمامًا عما يمكن أن تتعرض له مثلًا فتاة لم تطلب من الآخرين إبداء رأيهم في وزنها أو شكلها أو ملابسها، ورغم ذلك تسمع بانتظام يوميًا ملاحظات وسخرية من إناس لا تعرفهم أحيانًا في هذا الشأن. أو ما يمكن أن يتعرض له مراهق متلعثم من سخرية في المدارس. في الحالتين يمكن تفهم ضرورة تصنيف الفعل كتنمر.

عندما يتعلق عملك بشيء يتفاعل معه الجمهور، تتساوى جمل الإشادة مع جمل الإدانة. لا فارق في الحقوق بين متفرج يقول إن مي عز الدين قدمت أسوأ وأسخف أداء كوميدي، وأنها مفلسة فنيًا رغم كل المحاولات التي نالتها على مدار سنوات، وبين متفرج يقول إن أداءها عظيم ومضحك وإنها ممثلة موهوبة.

في العصور السابقة، كان إبداء الرأي ونشره حقًا حصريًا لمن يملك مساحة إعلامية ما، ولهذا انفرد النقاد والصحفيون ومقدمو البرامج التليفزيونية بهذا الحق. اليوم أصبح هذا الحق متاحًا للجميع بفضل السوشيال ميديا، وأصبح بالإمكان أن يصل صوت هذا الجمهور لفنان اعتاد على سماع المجاملات فقط من الدوائر المحيطة به، ويعيش في قوقعته الخاصة.

كومكس السخرية قد يكون في الحقيقة أسهل في الانتشار من مقال نقدي تفصيلي؛ لأن الأول يداعب احتياج السوشيال ميديا للفكاهة، وللرد على استهزاء واستسهال صناع الفن، باستهزاء واستسهال مماثل.

ما سر رداءة مسلسلات رمضان ولماذا ستظل كذلك؟

لدينا في المقابل بالتأكيد جانب سلبي، يتعلق برغبة البعض في المشاركة في أي تريند على السوشيال ميديا، سواء كان مضمونه منصفا أم لا. لكن حتى مع الجانب السلبي للأمور، تظل هذه الهجمات فعالة في مد جسر بين الجمهور وبين صناع الفن والمحتوى الترفيهي، وفي إصلاح وتدارك بعض العيوب.

بفضل هذه الحملات قد ينجح محمد ممدوح مستقبلًا في علاج مشكلة الصوت بفضل تدريب مستمر، أو يراعي مخرج ما ومهندس صوت هذه المشكلة، بإعادة تصوير أي مشهد غير واضح يخصه، حتى الوصول لنتيجة سليمة صوتيًا.

بفضلها أيضًا قد يقرر منتج وفريق عمل مسلسل كوميدي ما في السنوات القادمة، استبعاد مي عز الدين نهائيًا من حساباتهم، وإسناد دور البطولة لفنانة مشهورة أكثر موهبة في هذا المجال، أو لممثلة صف ثان لا نعرف اسمها حاليًا، وتستحق فعلًا هذه الفرصة.

Ramy .. كوميديا الهوية في منزل أسرة مهاجرة | أمجد جمال

بصياغة أخرى: نعم، لا بأس نهائيًا بذبح أسماء لم تثبت جدارتها رغم تعدد الفرص. في الحقيقة هو ذبح عادل وجزء ثابت من منظومة الفن؛ لأنه إجراء يفتح الباب أمام آخرين.

بفضل هذه الحملات أيضًا قد يراعي صناع المسلسلات المنبثقة الجاري تحضيرها حاليًا من Game of Thrones نقاطًا غابت عنهم في الموسم الثامن. أو سنشهد ردودًا وتوضيحات تفتح نقاشات ثرية، كما حدث مع رد مدير التصوير فابيان فاجنر بخصوص شكوى الظلام الدامس في إحدى الحلقات.

هل تريد معرفة المزيد عن السلسلة الجديدة المتعلقة بـ Game of Thrones؟

بمجرد انتهاء جيم أوف ثرونز أعلن عن سلسلة جديدة متعلقة بها، تتضمن “حكايات السابقين” أو ما يسمى في لغة الكتابة Prequel….

Posted by ‎دقائق‎ on Tuesday, May 21, 2019

للسوشيال ميديا سكاكينها بالتأكيد، لكن هذه طبيعة الأمور. لا يمكن أن تقدم منتجًا لملايين البشر، وأن تتربح كفنان أو كجهات إنتاج ملايين سنويًا، ثم تنتظر الإشادة فقط واستمرار الفرص. الفن مثل أي مجال آخر. منافسة مستمرة ودائمة، لا بقاء فيها إلا للأفضل.

مستقبل الترفيه: كيف تحققت نبوءة مخرج تيتانك في لعبة العروش وأفنجرز؟

أما عن الهجوم الحالي على جمهور قرر فقط إبداء رأيه وانطباعاته، ووصمه باتهامات غريبة مثل التنمر والعنصرية وخلافه، فقد يكون الأجدر توجيه هذا الهجوم لنماذج بائسة يحتار المرء في فهم أسباب تصنيفها كإعلاميين وفنانين. نماذج مثل الموجودة في هذا الفيديو.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك