عاشوراء السني.. ولغز انتصار موسى على فرعون | هاني عمارة

عاشوراء السني.. ولغز انتصار موسى على فرعون | هاني عمارة

19 Sep 2018
هاني عمارة دقائق.نت

هاني عمارة

باحث في جماعات الإسلام السياسي والتراث الإسلامي

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

هل صيام عاشوراء نكاية في الشيعة واحتفال بمقتل الحسين؟

هناك رأي معاصر بأن أحاديث صيام عاشوراء في كتب الحديث السنية هي من وضع الأمويين؛ احتفالًا بقتل الحسين.

يروج هذا الرأي بكثرة بين المفكرين (غير الإسلاميين)، والشيعة المعاصرين، والقرآنيين، نقلًا عن المستشرقين بالأساس

يعتمد هذا الرأي على إشكالية كبيرة في الحديث الأساسي في صيام عاشوراء، الوارد في البخاري، والذي يربط عاشوراء بنجاة موسى من فرعون؛ لكون يوم كيبور لا يوافق تاريخ عبور البحر الذي يكون في عيد الفصح، بل تاريخ الغفران من عبادة العجل، كما أن الصيام عند اليهود علامة حزن وتوبة وليس طقسًا احتفاليًا.

هل مرويات عاشوراء أموية؟

على العكس من ذلك، وبالبحث في أسانيد هذه الأحاديث، تتفاجئ أن معظمها أتت من طرق أعداء الأمويين، وأشهرها طريقان :

الطريق الأول: يأتي من طريق أهل المدينة، عن هشام بن عروة بن الزبير. والعداء معرف بين آل الزبير وبني أمية، بعد وقعة الحرة، وإعلان عبد الله بن الزبير دولته في الحجاز، وحربه على الأمويين، بالإضافة إلى أن هشام بن عروة نفسه انتقل وعاش في الكوفة ومات بها. وهناك ريبة وتشكيك في أحاديثه المروية بالكوفة لدى نقاد الأحاديث.

الطريق الثاني: من طريق أهل العراق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وسعيد بن جبير تابعي من أهل الكوفة، قتله الحجاج بعد اشتراكه في ثورة ابن الأشعث ضد الأمويين.

ورواية سعيد بن جبير هي الأشهر، وهي التي فيها زيادة (أن عاشوراء يوم نجا الله فيه موسى من فرعون) وفي رواية (أظهر الله فيه موسى على فرعون)، وهي الواردة في البخاري، وهي التي سنتكلم عنها بالتفصيل.

يقول البخاري:

حدثني محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم النبي المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النبي لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم. فصوموا.

والحديث دقيق في تأريخ الهجرة؛ لأن الرسول هاجر فعلًا يوم 12 ربيع محرم، موافقًا لـ 10 تشري العبري (عاشوراء اليهودي) سنة 4383 عبري. وكان التقويم واحدًا قبل إلغاء النسيء وإسقاط شهوره من التاريخ، فتحول تاريخ هجرة الرسول من محرم إلى ربيع،  كما أن الحديث يتكلم عن صيام اليهود لذلك اليوم، وهذا صحيح أيضًا.

إشكالية الرواية والغرض منها

أما غير الصحيح في هذا الحديث، فهو مناسبة عاشوراء، فالرواية تقول إن عاشوراء عند اليهود هو يوم نجاة موسى من فرعون، وهذا غير صحيح، لكنه ذكرى خطيئة أجدادهم بعبادة العجل، فلهذا يصومون؛ فالصوم عندهم علامة حزن وتوبة، وليس سلوكًا احتفاليًا، ولذلك يسمى عندم يوم الغفران أو الكفارة (يوم كيبور).. فهل هذا الخطأ من راوي الحديث عفوي أم أنه مقصود لذاته؟؟

الذي يجعلك تشك في أن الخطأ مقصود، هو الربط بين عاشوراء وما يعنيه من رمزية الثورة على الحاكم، بدءًا من ثورة الحسين ضد يزيد، وقصة موسى وفرعون، وانتصار موسى “المؤمن المعارض” على فرعون “الحاكم الظالم”، لكن هذا لم يحدث.. فما الغرض من ذلك؟

اقرأ أيضًا: أفخاخ الإسلاميين: ٤- فخ الجهاد

الثورة مستمرة

يبدو أن الحديث وضع تحت شعار “الثورة مستمرة”. والذي يدعم هذا التصور أن أغلب التحركات والثورات ضد الأمويين كنت تحدث في شهر المحرم.

الأولى كانت ثورة عبد الرحمن بن الاشعث في الكوفة، والتي بدأت في أوائل سنة 81 هجرية، زمن عبد الملك بن مروان. وهي التي اشترك فيها سعيد بن جبير، راوي الحديث بزيادة انتصار موسى على فرعون.

وفي شهر محرم عام 122، بدأ التحرك العسكري لثورة زيد بن علي ضد الأمويين، والتي انتهت بمقتله وصلبه في شهر صفر من نفس العام.

اقرأ أيضًا: أفخاخ الإسلاميين: 6- فخ المظلومية

انتصار موسى “العباسي” على فرعون “الأموي”

أما في 10 محرم عام 132 هجرية، وبعد سنوات من العمل السري، بدأت أولى التحركات العسكرية للثورة العباسية ضد الأمويين في العراق، من خلال جيش قحطبة بن شبيب. وحدثت المعركة بين جيش العباسيين بقيادة قحطبة وجيش الأمويين بقيادة يزيد بن هبيرة، وفيها انتصر جيش العباسيين، لتضع بداية النهاية للأمويين.

وفي النهاية، في 10 محرم سنة 136 هجرية، أُعلن انتصار موسى على فرعون، بإعلان أبو جعفر المنصور خليفة على المسلمين، بعد الوفاة الغامضة والمفاجئة لأخيه السفاح.

باختصار: لو كان ربط تاريخ عاشوراء بـ “انتصار موسى” على فرعون متعمدا، فسيكون المستفيد منه مناوئي الأمويين وليس الأمويون أنفسهم.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك