كيف صنعت جماعة الإخوان أسطورة أحمد ياسين ؟ | س/ج في دقائق

كيف صنعت جماعة الإخوان أسطورة أحمد ياسين ؟ | س/ج في دقائق

20 Mar 2019
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

الشيخ أحمد ياسين – خاصة لمن تشكل وعيهم بالشأن العام في نهاية الألفية الثانية – أسطورة. شخص مقعد يقود العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيل.

فهل هو كذلك فعلا: أسطورة؟  صيغت لكي تصنع صورة ذهنية مثيرة للإعجاب، ولكن بعيدة عن الواقع؟

مع حلول الذكرى الـ 15 لاغتيال أحمد ياسين، سنحاول في دقائق جمع تفاصيل أكثر عن “أساطير” الشخصية القيادية.


أسطورة الميلاد.. حكاية تشابه أنبياء؟

مثل كثير من القصص العادية، بدأت حكاية أحمد ياسين في قرية جورة جنوبي قطاع غزة، في يونيو 1936.

في فيلم تسجيلي كتبه صلاح البردويل، عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس، يحكي شقيق أحمد ياسين الأكبر، قصة عن ميلاد شقيقه أحمد.

يقول إنه بعد ولادة أخيه أحمد راح يسأل أمه عن سبب اختلافها مع أبيه على اسم المولود الجديد، فقالت له إنه ولد مسمى. إنها رأت في المنام قبل حملها رؤية بأنها ستلد طفلًا اسمه أحمد، فقامت من النوم فتوضأت وصلت ثم نامت، ليأتيها نفس الرجل في المنام مجددًا، فاستغفرت ربها، فزارها ثالثًا وقال لها: “أنا لست شيطانًا. أنا رحمن. وابنك سيكون له مستقبل”.

تتماس القصة، كما هو واضح، مع قصص البشارة بميلاد أنبياء.

ثم جاء المولود.

مات والده قبل أن يتجاوز الطفل الخامسة من عمره، وكان ترتيبه الثالث بين ستة أخوة. وتسهيلًا للتمييز بينه وبين أكثر من أحمد في العائلة كان يسمى بـ “أحمد سعدة” نسبة إلى والدته.


كيف أشرف على التنظيمات العسكرية رغم إصابته بالشلل؟

في السادسة عشرة من عمره، أصيب أحمد ياسين بكسرٍ في فقرات العنق.

اختلفت الروايات حول سبب الإصابة، فذكرت المصادر الإخوانية أنها حدثت أثناء لعبه المصارعة مع بعض أقرانه، وأنه لم يخبر أحدًا لمنع حدوث مشكلات بين أسرته وعائلة صديقه، فلم يكشف الواقعة إلا عام 1989.

هنا نحن أمام مراهق يخفي سبب إصابته بالشلل عن أهله، ويظل محتفظًا بالسر حتى بلغ 53 عامًا.

غير أن طبيعة الأدوار التي قام بها في حياته لاحقًا تضيف احتمالًا لم تذكره الروايات الإخوانية، وهو إصابته في تدريب قتالي سري؛ إذ انخرط الشاب في عمل  التنظيمات السرية المسلحة. السؤال المنطقي خلف هذه الفرضية: هل يمكن لشخص أعجزه شلله عن الإلمام بأي خبرة عملية عن العمليات المسلحة أن يضطلع بمهمة قيادتها، أو حتى المفاضلة بين خططها لاختيار الأفضل؟

في 1983، اعتقلت السلطات الإسرائيلية أحمد ياسين بتهمة تشكيل تنظيم عسكري، وحوكم عسكريًا بالسجن 13 عامًا، قبل الإفراج عنه في عملية تبادل بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والسلطات الإسرائيلية في 1985.

اتفق ياسين مع مجموعة ممن يحملون فكر الإخوان في قطاع غزة عام 1987 على تكوين تنظيم أطلقوا عليه اسم “حركة المقاومة الإسلامية” المعروفة اختصارًا باسم “حماس”. وأعلن أنه هو المشرف  على الجناح العسكري. لتلقي القوات الإسرائيلية القبض عليه مجددًا في  مايو/ أيار 1989 مع المئات من عناصر الجناح المسلح. وقضت المحكمة العسكرية بسجنه مدى الحياة، إضافة إلى 15 عامًا أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين.

وبعملية تبادل أخرى في أكتوبر/ تشرين الأول 1997، أطلقت إسرائيل سراحه مقابل عميلين للموساد اعتقلتهما السلطات الأردنية عقب محاولة فاشلة لاغتيال خالد مشعل على أراضيها.

يبدو أن تقديم أحمد ياسين، الرجل المقعد صعب النطق، للعالم الخارجي كزعيم للتنظيمات المسلحة حقق رسالتين:

فمن ناحية المسلمين:

انظروا أيها المسلمون واخجلوا من أنفسكم، هاكم رجل مقعد يقود عمليات جهادية.

وإلى العالم الخارجي:

هذا رجل مقعد. كيف تتخيلوا أن يقود عمليات جهادية، أو حتى أن يشارك فيها.

ويبدو أن إسرائيل توصلت إلى قناعة بأن إشراف شيخ مقعد على التنظيمات المسلحة في غزة مجرد خدعة ناجحة، فقررت اغتياله. ربما من ناحيتها أرادت إزاحة تلك الأسطورة الناجحة من طريقها، وإبراز القيادات الحقيقية لعمليات حماس أمام العالم.

وبالفعل تعرض أحمد ياسين لمحاولة اغتيال فاشلة في 6 سبتمبر/ أيلول 2003، قبل أن تنجح المحاولة فجر الاثنين 22 مارس/ آذار 2004، بقصفه ومساعديه بثلاثة صواريخ أثناء خروجه من صلاة الفجر في مسجد المجمع الإسلامي بغزة.


أسطورة الزعيم المثقف.. البنا قدوتهم؟

أصدرت “رابطة علماء فلسطين في قطاع غزة” في العام 2006 كتاب “ثقافة الإمام الشهيد أحمد ياسين” ضمن سلسلة نحو “مجتمع خلوق ومثقف”، من تأليف نسيم شحدة ياسين، ويحيى علي الدجني.

في الكتاب، أفاض المؤلفان في خلع عدة أوصاف على الشيخ أحمد ياسين، منها الذكاء الشديد، واتساع الثقافة، والتقدير الشديد لدور المرأة. وأوصى المؤلفان بضرورة إجراء المزيد من الدراسة حول شخصية الشيخ أحمد ياسين “الظاهرة المعجزة”، سواء المتعلقة بالجانب الثقافي، وذلك بإفراد كل نوع من أنواع الثقافة لدى الشيخ ببحث مستقل، أو الجوانب التربوية لديه، وكذلك فقه الدعوة عنده، وذلك قبل أن ينقطع السند بوفاة أتباعه وأصحابه.

لكن

من تتبع مسيرة حياة أحمد ياسين، يعرف أنها لم تحتو على ما يجعل منه مثقفا عاديا، فضلا عن “موسوعي”. فهو لم يكن سوى مدرس ابتدائي وخطيب مسجد، وهي مؤهلات لا تختلف كثيرًا عن مؤهلات حسن البنا، مؤسس الجماعة،

كما أنه لم يكن له مؤلف واحد أصيل يحمل اسمه.


أسطورة النقاء.. هل اشترى السلاح بالمخدرات؟

في الصفحة 260 من الجزء الأول من كتاب “شذا الرياحين من سيرة واستشهاد الشيخ أحمد ياسين” للدكتور سيد بن حسين العفاني، ينشر المؤلف اعترافًا صريحًا من الشيخ بأنه كان يحصل على السلاح عن طريق بعض التجار اليهود الذين كانوا يسرقون السلاح من معسكرات الجيش ويبيعونه مقابل الأفيون والحشيش.


أسطورة الرؤية السياسية المتميزة. ولماذا اختار 2027 لسقوط إسرائيل؟

الوعي السياسي المميز جانب أساسي من الصورة التي رسخها إعلام الإخوان ولا سيما من خلال قناة الجزيرة عن الشيخ أحمد ياسين، حيث قدم كشخصية مقابلة للزعامات السابقة المزيفة.

سعى ياسين لربط حركته بالمحور الذي ضم إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وقطر مبكرًا.

وفي 29 أبريل/ نيسان 1998 جاءت زيارته الأولى إلى طهران على رأس وفد من حركة حماس، التقى خلالها المرشد علي خامنئي ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني كل على حدة، كما اجتمع بالرئيس الإيراني حينها محمد خاتمي، وكبار رجال دين الحوزة العلمية في قم، وألقى كلمة قبل خطبة الجمعة في جامعة طهران.

هذا الاختيار يمكن تقييم نجاعته “الجيوسياسية” من نتائجه الحالية، بسهولة. لكن حتى في الوقت الذي اتخذ فيه القرار، فإن عزل حماس عن محيطها وإلحاقها بمشروع تنظر له دول المنطقة الناطقة بالعربية بريبة لا يعبر عن “أسطورة وعي سياسي”، كما روج إعلام الإخوان.

أحمد ياسين في إيران

أحمد ياسين في إيران

جانب آخر من التفكير السياسي يظهر في “رؤيته المستقبلية” عن دولة إسرائيل، ومسوغات وأسس تلك الرؤية:

في ذكرى مرور 50 عامًا على قيام دولة إسرائيل، تنبأ أحمد ياسين بأنها ستنتهي في 2027 ؛  “لأنني اؤمن بالقرآن الذي قال إن الأجيال تتبدل كل 40 سنة، ففي الأربعين الأولى حصلت النكبة، وفي الثانية حصلت الانتفاضة، وفي الأربعين الثالثة ستكون النهاية”، ومضى يقول: “هذا استشفاف قرآني.. ربنا قرر عليهم التيه في سيناء 40 سنة، وكل 40 سنة سيتغير الحال”.


كيف تؤثر قطر على القرار الأمريكي … وكيف تأمن العقاب على ترويج الإرهاب؟ | س/ج في دقائق

انهض واقتل أولًا.. كتاب جديد يكشف أسرار وحدة الاغتيالات في الموساد

أفخاخ الإسلاميين: ٤- فخ الجهاد


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك