احتواء فيروس COVID-19 داخل إيران نفسها يمثل تحديًا بسبب ضعف البنية التحتية الصحية، والعقوبات الدولية التي تفرض قيودًا على سفر أخصائيي الصحة إلى البلاد، التي تضم أطباء أكفاء، لكن المستشفيات والمرافق الصحية في جميع أنحاء إيران غير مجهزة، خصوصًا في المناطق الريفية.

ضعف استعداد الحكومة للاتصال الحر والعلني بين فروعها وبين المؤسسات الصحية يزيد تعقيد الأزمة. الرئيس حسن روحاني تعهد بالشفافية بشأن مدى تفشي مرض COVID-19. لكن الولايات المتحدة تقول إنها “تشعر بقلق عميق إزاء المعلومات التي تشير إلى أن النظام الإيراني قمع التفاصيل الحيوية.

وتواجه إيران اتهامات بإخفاء حقيقة انتشار المرض كي لا تتضرر نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية. لكن خطورة الوضع تتجاوز حدود الداخل الإيراني بالنظر لخصوصية المزارات المقدسة عند الشيعة في جميع أنحاء العالم، خصوصًا في مرجعية قم. هذا يعني أن الإجراءات الخاصة التي اتخذتها دول المنطقة لتقييد الحركة من وإلى إيران ربما جاءت بعد فوات الأوان.

وأغلقت أرمينيا وأفغانستان وتركيا وباكستان والعراق وكردستان العراق حدودها مع إيران، كما فرضت الكويت وعمان والإمارات العربية المتحدة قيودًا على السفر إلى إيران. لكن بعد أن باتت إيران مصدرًا لعشرات الحالات في البلدان المجاورة، بما في ذلك أفغانستان والبحرين والعراق والكويت وعمان وباكستان.

وطلبت السلطات الإيرانية تجنب زيارة قم – مركز تفشي المرض – حاليًا، لكنها لم تغلق ضريح فاطمة المعصومة الذي يستقطب ملايين الحجاج الشيعة من جميع أنحاء العالم. مكتفية بتعقيمه وتعطيل صلوات الجماعة به.

خبراء صحة أعربوا عن قلقهم بشأن قرار إيران عدم تقييد الوصول إلى الضريح. لكن آية الله محمد سعيدي يصر على أن الضريح “دار علاج”. مضيفًا: “الناس يأتون الى هنا للشفاء من الأمراض العقلية والجسدية. لذلك، يجب أن يكون مفتوحًا، ويجب تشجيع الناس على المجيء إلى هنا”، لكنه أقر بضرورة “توخي الحذر”، على أن يتابع المسؤولون عن الضريح “مسائل النظافة”.

حتى قرار تعقيم ضريح فاطمة المعصومة قوبل باعتراضات من إدارته التي قالت إن “الحرم مبني بالفضة التي تعتبر في أعلى درجات المقاومة للبكتيريا، وتعتبر عائقًا محكمًا أمام فيروس كورونا” معتبرة أن قرار التعقيم “ناشئ عن عدم معرفة دقيقة بالأصول الإيمانية التحضرية للعالم الإسلامي”.

وبحسب المعلومات المتاحة من وزارة الصحة الإيرانية، فإن معظم الإصابات في مركز العدوى في قم. ورغم التشكيك في مصداقية الأرقام المعلنة، لكن حتى بحسب تلك الأرقام نفسها، تبقى نسبة الوفيات مقارنة بالمصابين في إيران في الأعلى خارج الصين بنسبة 16% .

الحالة صفر في إيران (المصاب الأول بـ COVID-19) كان تاجرًا سافر إلى الصين. من خلاله انتقل المرض إلى إيران. ومن هناك انتقل عبر زوار المراقد المقدسة إلى الدول المجاورة والقريبة التي تضم عددًا كبيرًا من الشيعة.

من هنا، يعتبر تحليل ستراتفور أن رحلات الحج الشيعي إلى إيران والعراق توفر بيئة لزيادة انتشار المرض. لكن المخاوف تتجاوز المزارات الشيعية. حتى المواقع السنية والمسيحية في جميع أنحاء المنطقة تعتبر أيضًا مصادر محتملة لنشر العدوى.

السعودية لم تسجل حتى الآن أي حالات كورونا، لكنها بادرت إلى تعطيل العمرة تخوفًا من انتقال المرض إليها، ضمن تدابير لمحاولة منع انتشار فيروس كورونا الجديد.

وتجذب العمرة عشرات الآلاف من المسلمين من جميع أنحاء العالم شهريًا. وتتزايد الأعداد في رمضان، تاسع شهور السنة الهجرية.

القرار يمنع الأجانب من الوصول إلى مكة والمدينة، واللتين تجذبان ملايين الأشخاص سنويًا كأقدس مدن العالم الإسلامي. وقالت السفارة السعودية في واشنطن إن حاملي تأشيرات السياحة من الدول التي سجلت إصابات بفيروس كورونا سيتم منعهم أيضًا من الدخول، لكنها وصفت الخطوات بـ “المؤقتة”، وأكدت أنها تخضع للتقييم المستمر.

كريستيان أولريشسن، زميلة معهد جايمس آي. بيكر الثالث للسياسة العامة، تقول إن الخطوة “غير مسبوقة، على الأقل في الآونة الأخيرة”، لكن بالنظر إلى انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم والطبيعة العالمية للعمرة، فمن المنطقي من وجهة نظر الصحة والسلامة العامة أن تتخذ السلطات السعودية هذا القرار، لا سيما بعد النموذج الإيراني.

يمثل الحج شعيرة رئيسية للمسلمين وتحدياً لوجستياً هائلاً للسلطات السعودية، مع حشود هائلة في الأماكن المقدسة محدودة المساحة نسبيًا. وسافر حوالي 2.5 مليون شخص إلى السعودية من جميع أنحاء العالم للمشاركة في موسم الحج في العام الماضي.

لطالما كان تفشي الأمراض مصدر قلق حول الحج، خاصة وأن الحجاج يأتون من جميع أنحاء العالم.

أول تفش مسجل في موسم الحج يعود للملاريا في عام 632. تسبب تفشي وباء الكوليرا في 1821 على سبيل المثال في مقتل ما يقرب من 20,000 حاج، ثم 15,000 حاج في 1865، ومنها انتشر في جميع أنحاء العالم.

وفي الآونة الأخيرة، ظهر خطر متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) فزادت تدابير الصحة العامة بين عامي 2012 و2013، على الرغم من عدم حدوث أي تفش.