ولد إيلي كوهين في مدينة الإسكندرية عام 1924 لأسرة يهودية متدينة.
رحل معظم أحبائه عن مصر في 1949 إلى إسرائيل المعلنة حديثًا، لكنه فضل البقاء، وانخرط في وحدة مخابرات إسرائيلية سرية خططت لعمليات تخريبية في مصر، التي ساعد آلاف اليهود على الخروج منها.
انتقل إلى إسرائيل في 1956، وهناك حاول الانضمام إلى الموساد – نخبة جهاز المخابرات الإسرائيلية، لكنهم رفضوه، لينتقل خائب الأمل إلى حياة هادئة مع زوجته نادية وأطفاله الثلاثة، ككاتب ملفات في شركة تأمين في تل أبيب.
رفض الموساد لم يكن حقيقيًا. أخضعوه للمراقبة دون علمه؛ استعدادًا لتجهيزه لأهم وأخطر مهمة في حياته.
أخيرًا جنده الموساد. كلفوه بالتسلل إلى أكثر دوائر المجتمع نفوذاً في سوريا. طلبوا منه إقامة علاقات صداقة مع السياسيين والضباط العسكريين، وتقديم التقارير إلى إسرائيل بمعلومات مخابراتية سرية.
خضع إيلي كوهين لدورة مكثفة للتدريب على الأسلحة، وتكتيكات قيادة السيارة المراوغة عالية السرعة، والتشفير والبث عبر الموجات الإذاعية.
اكتسب الجاسوس الوسيم سمعة كأفضل عازب في دمشق، وقيل إنه كان على على علاقة بـ 17 عشيقة جميلة خلال فترة عمله في سوريا.
وفي حفلات العربدة التي استضافها، دعا صفوة قادة الجيش السوري، واعتمد على استخراج المعلومات منهم تحت تأثير السكر – الذي كان يبدي تأثره به هو الأخر.
من هنا باتت شقة إيلي كوهين مشهورة باستضافة سهرات العربدة لعدد من الشخصيات الأكثر نفوذًا في دمشق.
من خلال علاقاته القوية، حصل كوهين على فرصة للذهاب في جولة إلى مرتفعات الجولان السرية - أحد أهم المواقع العسكرية السورية على الحدود مع إسرائيل.
خلال الجولة، اقترح كوهين على ضابط سوري زراعة أشجار الأوكالبتوس في الأماكن الرئيسية لتخفيف الحرارة عن حرس الحدود وإخفاء التحصينات العسكرية عن الإسرائيليين.
اعتقد الضابط أنها فكرة رائعة ووافق عليها بسهولة، ليستغلها الجيش الإسرائيلي بعد سنوات كعلامات إرشادية في قتل عدد لا يحصى من الجنود السوريين في حرب الأيام الستة عام 1967.
لم يكن إيلي كوهين مطمئنًا تمامًا لقصة رجل الأعمال العائد من الأرجنتين؛ بالدرجة التي دفعته - في رحلة سرية إلى إسرائيل عام 1964 - لطلب مغادرة سوريا إلى الأبد والعودة إلى تل أبيب لرعاية عائلته وطفله حديث الولادة.
لكن الموساد اعتبر أن المعلومات التي يرسلها كانت قيمة للغاية ولا يمكن الاستغناء عنها، فأمروه بالعودة مجددًا لمرة أخيرة، وهو ما وعد به زوجته نادية.
وصل إيلي كوهين في سوريا إلى درجة ثقة رشحته في مرحلة ما ليصبح نائب وزير الدفاع السوري.
مع ذلك، فإن حجم المعلومات التي دفعت الموساد لإعادة إيلي كوهين إلى سوريا هي نفسها التي أشعرت السوريين بالريبة.
هنا قرروا ملاحقة جواسيس إسرائيل بمساعدة نخبة من عملاء جهاز المخابرات السوفيتي (كي جي بي) الذين جلبوا معهم معدات راديو متقدمة.
الروس وأجهزتهم الحديثة حددت إشارة راديو صادرة من دمشق.. مصدرها كان منزل كوهين الفاخر.
وعندما ركل رجال مسلحون بابه للقبض عليه، وجدوا كوهين الموثوق به للغاية في منتصف عملية إرسال الشفرة السرية.
بقي التذكير أن رواية نتفليكس عن “القصة الحقيقية” للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين ربما لا تكون كذلك. ليست الرواية الوحيدة لأخطر جواسيس الموساد على الأقل. الرواية الأخرى مصدرها القاهرة.
الباحث مينا منير رصدها في دقائق..
سقوط الجاسوس إيلي كوهين.. أدلة جديدة تؤيد الرواية المصرية