الأموال الرخيصة.. كيف صنع أردوغان فقاعة نمو تركيا؟ | س/ج في دقائق

الأموال الرخيصة.. كيف صنع أردوغان فقاعة نمو تركيا؟ | س/ج في دقائق

10 Dec 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

وصل رجب طيب أردوغان إلى رأس السلطة في تركيا في 2002، فقاد نموذجًا اقتصاديًا رفع مستوى المعيشة، وسجل معدلات نمو قياسية ساعدته في الخروج منتصرًا في كل الاستحقاقات الانتخابية اللاحقة.

لكن الوضع الاقتصادي تغير في ٢٠١٨.

بلومبرج شبهت الوضع بسيارة تمضي بسرعة جنونية، بينما يتجاهل السائق العلامات التحذيرية التي تومض على لوحة القيادة، ليصل مصيره المحتوم في النهاية عندما تتحطم السيارة وتخرج من السباق. وقدمت في تحليل لها أسبابا لتراجع الاقتصاد.. أهمها الاعتماد على الأموال الرخيصة.

فما هي الأموال الرخيصة؟

كيف تورط فيها أردوغان؟

وكيف أثرت على الاقتصاد التركي؟

وإلى أين وصلت الأزمة؟

التفاصيل في السطور التالية من دقائق.

“لا تعاني من أزمة اقتصادية. ما يُشاع ما هو إلا تضليل” – أردوغان

ما هي الأموال الرخيصة؟

يشير مصطلح الأموال الرخيصة إلى قرار تتخذه السلطات النقدية الوطنية بخفض أسعار الفائدة؛ للتشجيع على الاقتراض وإنعاش النشاط الاقتصادي.

تخفيض سعر الفائدة يعني تخفيض تكاليف الإنتاج، وبالتالي زيادة ربحية المشروعات، وما يترتب عليها من إمكانية توسيع النشاط، ويزداد التفاؤل لدى المستثمرين، ويأخذ السوق اتجاهًا تصاعديًا.

زيادة الاستثمارات يعني زيادة فرص العمل، ورفع معدلات النمو.

تخفيض سعر الفائدة يرفع أيضًا القدرة الشرائية للمستهلكين، فيزيد الطلب على السلع، وترتفع أسعارها، (ترتفع معدلات التضخم).

هنا، عندما يتجاوز معدل التضخم الحدود الآمنة، ترفع البنوك المركزية سعر الفائدة، لكي تشجع المواطنين على الادخار بدلا من الاقتراض، أي تسحب السيولة من السوق، وبالتالي يقل حجم الطلب أمام المعروض من السلع والخدمات، فتنخفض الأسعار ويتراجع معدل التضخم.

أما استمرار أسعار الفائدة المنخفضة، في ظروف التضخم، فقد يشجع المقترضين على طلب المزيد من القروض، إما للتوسع، أو لسداد القروض القديمة، وهنا تظهر مشكلتان: السيولة الزائدة، واستمرار القطاعات المثقلة بالديون والإنتاجية المنخفضة. وذلك بسبب استمرار إعادة تمويل القروض المتعثرة.

باختصار، استمرار سياسة سعر الفائدة المنخفض، رغم تجاوز التضخم الحدود الآمنة، يراكم الديون على المستويين الوطني والفردي.

سميت رخيصة لأن الحصول على سيولة صار أسهل مما يجب.

كيف ورطت الأموال الرخيصة أردوغان؟

نموذج النمو الاقتصادي الأردوغاني ظل مدعومًا بالمال الرخيص لسنوات.

حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، فتبنى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسات نقدية توسعية، من خلال أسعار فائدة قرب صفرية وبرامج تيسير كمي لضخ كميات ضخمة من السيولة لإنقاذ النظام المالي وتحفيز النمو المحلي.

هنا ظهرت وفرة في الدولار، تحتاج لبيئة استثمارية صاعدة وتوفر أسعار فائدة أكبر نسبيا، بما يضمن فارقًا مربحًا لجهات الإقراض.

كان أردوغان يصارع لتحقيق معدلات نمو عالية تعزز شعبيته الانتخابية، لتجد الأموال الرخيصة طريقها إلى تركيا، التي أفرطت في الاقتراض بالعملة الأجنبية، ليحقق الاقتصاد التركي نموًا قياسيًا وصل 9.2 و8.5% في عامي 2010 و 2011 على التوالي، لكن صاحب ذلك تراكم الديون الخارجية، وخصوصًا قصيرة الأجل.

س/ج في دقائق: تهاوي الليرة التركية.. ما فعله أردوغان وما لم يفعله

تايم لاين| ترامب وأردوغان.. تاريخ من التلاسن والود المفقود

رهانات أردوغان الخاسرة: 2- عاد بخفي حنين

كيف تأثر الاقتصاد بالتطورات السياسية؟

كان النصف الثاني من عهد أردوغان معقدًا على كل المستويات. التوتر السياسي يزيد مع تصاعد الحرب الأهلية في سوريا وتورط أطراف دولية، وتأثير الاضطرابات يزيد على السوق مع إسقاط القوات التركية لمقاتلة روسية في أواخر 2015. أردوغان احتوى عواقب الحدث على حساب الإضرار بتحالف بلاده طويل الأمد مع الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك محاولة الانقلاب الفاشلة، وما تلاها من حملة تطهير واسعة في مؤسسات الدولة.

وبجانب انعكاسات السياسة على مؤشرات الاقتصاد، كانت لحظة الانكشاف قد لاحت مع خروج الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من سياسة ما بعد 2008، والاتجاه لرفع سعر الفائدة، لتبدأ الحركة العكسية؛ جهات الإقراض التي دخلت إلى الاقتصادات المتحولة، وبينها تركيا، تعود من حيث أتت.

في خريف 2016، بدأت علامات سقوط الليرة في الظهور، وبنهاية العام، كان المصرفيون يشمون رائحة أزمة حقيقية تقترب.

كلما اهتزت الليرة، تحولت العيون إلى البنك المركزي، ثم إلى أردوغان، الذي كان يتوجب عليه اتخاذ إجراءات ضرورية برفع معدلات الفائدة لحماية العملة المحلية والإبقاء على قواعد اللعبة نفسها على الأقل، وهو ما رفضه في عدة مناسبات، وقبله على مضض وبأضيق الحدود في مناسبات أخرى.

خفض أردوغان عبر سنوات حكمه الدين العام بشكل حاد، لكن ارتفعت الديون الخاصة في ظل وفرة المال الرخيص.

تدريجيًا، ارتفعت معدلات التضخم وزادت الضغوط على الليرة التركية.

بتراجع العملة المحلية، تزيد تكلفة الديون الخارجية؛ إذ ستضطر تركيا لدفع ليرات أكثر مما كانت تدفعه سابقًا لسداد الدين الخارجي بالدولار، هذا بخلاف الارتفاع الكبير في أسعار الواردات.

إلى أين وصلت الأزمة؟

وزارة الخزانة التركية قدرت إجمالي الدين الخارجي بنحو 466.67 مليار دولار بنهاية مارس/ أذار 2018، نصيب الدين المستحق الدفع منها بحلول يوليو/ تموز 2019 نحو 179 مليار دولار، بحسب تقديرات جيه. بي مورغان، أي ما يعادل ربع الناتج الاقتصادي للبلاد.

ومعظم الدين، نحو 146 مليار دولار، مستحق على القطاع الخاص، وخاصة البنوك.

وحال قرر الاحتياطي الفيدرالي الاستمرار في رفع أسعار الفائدة، فالضغوط على الاقتصاد التركي المحمل بالديون الدولارية سيشتد.

في أحدث تقرير لأداء الأسواق الناشئة في بلومبرغ، احتلت تركيا المرتبة الأخيرة.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك