الإرهاب تحت الحجاب … كيف فاقت بوكو حرام الجميع في استخدام الأطفال في التفجيرات الانتحارية

الإرهاب تحت الحجاب … كيف فاقت بوكو حرام الجميع في استخدام الأطفال في التفجيرات الانتحارية

18 Apr 2020
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط
‏"الأطفال المفخخين".. يؤرقون نيجيريا
فتاة لم تتجاوز عمر الرابعة عشرة تسير متسارعة بخطوات في ملابسها السوداء لتبحث عن إنسان، إنسان يعرف معنى ‏الإنسانية، ليس كمن تركتهم منذ قليل من معدومي الإنسانية، وما أن وجدت جنودًا من شرطة بلادها، حتى رفعت يديها ‏وصرخت: "أنقذوني لا أريد أن أموت، لقد فخخوني من أجل تفجير انتحاري".‏

خبير المفرقعات النيجيري "راندي إيلجيسني " تقدم لنزع فتيل الحزام الناسف الذي ترتديه الفتاة، فأمسك بزوج من ‏المقصات، ثم تلى صلاة قصيرة، وأخذ نفسًا هادئًا ثم توجه إلى الفتاة لنزع الفتيل، متذكرًا العديد من أصدقائه الذين قتلوا ‏في مواقف مشابهة أثناء محاولتهم نزع الأحزمة الناسفة من الأطفال الذي يتعامل معهم تنظيم "بوكو حرام" باعتبارهم ‏جيش المفخخين الخاص به في شمال نيجيريا.‏

‏" يجب أن نفعل ذلك بلطف، إذا انفجر هذا الشئ فسوف نختفي"، هكذا حاول الأخصائي إيلجيسني تهدئة الفتاة قبل أن ‏يقطع بمقصيه الأسلاك الموصلة للحزام الناسف.‏
خبير المتفرقعات "راندي إيلجيسني "، الذي أبطل مفعول عشرات المتفجرات التي ربطتها بوكو حرام حول الأطفال ‏يقارن عمله بعبور النهر، فإما أن تخرج حيًا أو تموت.‏

كان إيلجيسني يعمل شرطيًا ناجحًا في منتصف الألفينات، قبل أن ينضم لفريق التخلص من المتفجرات في نيجيريا، في ‏هذه الفترة كانت البلاد في فترة من السلام النسبي، وتركزت وظيفته في مرافقة أطقم البناء التي كانت تقوم بعمليات ‏تفجير لمد الطرق في الريف.‏

وفي 2010 ، بدأت بوكو حرام تضرب المباني الحكومية والكنائس والمساجد بقنابل الأسمدة الخام في سعيها ‏لإقامة "دولة إسلامية"، وخلال 4 سنوات توسع تمرد بوكو حرام لثلاث دول مجاورة، أحرق أعضاؤها القرى، مما ‏أدى إلى فرار مئات الآلاف.‏
تعتمد بوكو حرام على نظام ثنائي لتفجير الأحزمة الناسفة، فالعنصر الانتحاري بيده مفجر مربوط بالقنبلة، وهناك ‏شخص آخر معه جهاز تشغيل عن بعد للقنبلة، لضمان تفجيرها في حال تراجع الانتحاري عن العملية.‏

في إحدى العمليات، ربط عناصر بوكو حرام سترة معبأة مع الكرات الناسفة ومربوطة مع أنبوب مطاطي لميمونة ‏موسى، البالغة من العمر 16عامًا ، والتي كانت عناصر الجماعة اختطفتها في سن الخامسة عشرة وتم تزويجها قسرا ‏من إرهابي، وتم اختيارها بعد مقتل زوجها للقيام بالعملية.‏

بعد أسبوع من المحاضرات اليومية من رجال الدين الذين قالوا إن مهمتها سوف ترضي الله ، جاءت لحظة عملية ‏ميمونة، فتجمع حشد لمشاهدتها أثناء تركيب الحزام الناسف لها، فتذكرت ما شاهدته من أسابيع حيث مجموعة من ‏الرجال يلفون القنابل بالأم والرضيع على ظهرها.‏
‏"أخبروني أنني سأذهب إلى الجنة ، لكنني اعتقدت أنني سأذهب إلى الجحيم "، هكذا قالت ميمونة وهي ترسم مخططًا ‏يوضح طريقة تفجير القنبلة عبر وسطها.‏

عندما وصلت ميمونة إلى الهدف، كان من المفترض أن تمس الأسلاك معًا لتفجير القنبلة، لكنها وجدت رجالاً يرتدون ‏الزي العسكري فاستسلمت، فدعوا فرقة القنابل.‏
في عملية أخرى، سارت بيتنا أوما، ذات الخمس عشرة عامًا، لمدة يومين لبلدة جوزا تحمل على صدرها سترة ناسفة ‏للبحث عن أي شخص يزيل عنها الحزام الناسف، فأرهقها التعب فنامت تحت شجرة، وفي صباح اليوم التالي وجدها ‏حارس أمن فوجه بندقيته باتجاهها، ثم دعا فرق تفكيك القنابل.‏
عند وصول خبراء المفرقعات صرخت بيتنا: "إنها قنبلة، من فضلك، أنقذ حياتي"، فطلب منها أحد الضباط إزالة ‏حجابها ببطء، ثم قاموا بإزالة الحزام ومنحها الطعام والشراب.‏

بيتنا أوما قالت إن نسبة نجاتها كانت 50%، لكنها مرت بسلام من التجربة، وقامت بعد ذلك بتفقد المصلين في مسجد ‏بلدتها للبحث عن أسلحة ومتفجرات.‏

بعد ذلك بدأ فريق إيلجيسني في مواجهة المزيد من النساء المفخخات أكثر من الرجال، فإبمكان الحجاب الطويل للمرأة إخفاء ‏الأجهزة المتفجرة بسهولة، فالسيدات أقل وضوحا من الشباب في الأسواق والمساجد وتجمعات المدنيين.‏

وتعتبر وحدة إيلجيسني أن الأولاد المراهقين يشكلون خطراً أكبر من البنات المراهقات، فإنهم يظهرون عند نقاط ‏التفتيش ويهرعون بالبكاء طلبا للمساعدة في إزالة القنابل المربوطة بهم، ثم يفجرون قنابلهم بمجرد اقتراب الضباط ‏منهم.‏
في 2017، بدأت وحدة إيلجيسني باستخدام أداة تشويش الإشارة، بعد قيام بوكو حرام بإرسال أشخاص لمرافقة فتيات ‏صغيرات لم يثقوا بهن لتفجير القنابل التي كن يرتدينها، فيستخدم هؤلاء المرافقون هاتفًا خلويًا، أو مفتاح سيارة في كثير ‏من الأحيان، لتفجير القنبلة في الوقت المناسب، لكن جهاز التشويش يمنع الإشارة من تشغيل القنبلة.‏

المسؤولون النيجيريون يقدرون عدد الأطفال الذين تحتجزهم بوكو حرام بأكثر من 10 آلاف طفل، ومثلهم من الفتيات، ‏بعضهم من طلاب المدارس الثانوية الذيم تم اختطافهم، وتؤكد الأمم المتحدة أن بوكو حرام جندت على الأقل 8 ‏آلاف طفل.‏

‏ أحد الأطفال يبلغ 15 عامًا، أسره الجيش النيجيري، ادعى أنه قام بتركيب 500 قنبلة، وأن التنظيم شجعه على الابتكار ‏لجعل القنابل أكثر صعوبة في تفكيكها.‏

يقول الضابط إيلجيسني إن القنابل التي يحملها الأطفال في نيجيريا أصبحت أكبر وأكثر قوة وأكثر صعوبة في ‏اكتشافها، فيقوم صانعو القنابل ببوكو حرام بابتكار أجهزة جديدة مدمجة في حقائب يدوية مخصصة، وأصبحوا يخفون ‏أجهزة التفجير داخل الكتب، مما يجعل المفجرين يشبهون أطفال المدارس. ‏
‏"أنا لا أنام، فصور رفاقي الذين استشهدوا في التفجيرات لا تفارق هاتفي المحمول"، الضابط راندي إيلجيسني.‏
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك