الحُديدة.. لماذا تمثل نقطة تحول في حرب اليمن؟ | جمال أبو الحسن

الحُديدة.. لماذا تمثل نقطة تحول في حرب اليمن؟ | جمال أبو الحسن

9 Jun 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

قال تشرشل يوما عن معركة العلمين إنها ليست النهاية، وليست حتى بداية النهاية، ولكنها قد تكون نهاية البداية! المعنى ذاته ينطبق على الحديدة على الساحل اليمني على البحر الأحمر. هذه المدينة الصغيرة (5 كيلومتراً× 6 كيلومتراً)، والتي يقطنها ما يقرب من 700 ألف نسمة بها الميناء الرئيسي لليمن في المياه العميقة.

أهميتها الاستراتيجية تكمن في أنها شريان الحياة ومنفذ الغذاء والمساعدات لبلدٍ صار يُعاني غالبية سكانِه من انعدام الأمن الغذائي، خاصة في المناطق التي يُسيطر عليها الحوثيون.

يُضاف إلى ذلك أن الحديدة حلقة مهمة في معركة البحر الأحمر، أو ساحل تهامة التي تخوضها قوات الشرعية اليمنية بدعم من تحالف الشرعية. لو سقط هذا الميناء بيد تحالف الشرعية، فإن الطريق سيكون ممهداً للسيطرة على الساحل المحاذي للبحر الأحمر بأكمله، ومن ثمَّ تقليص قدرة الحوثيين على القيام بعمليات نوعية تستهدف أمن البحر الأحمر ومنفذه الأهم، مضيق باب المندب، الذي يمرُ من خلال 4 مليون برميل نفط يومياً.

خطط السعودية والإمارات لاستعادتها

في الأسابيع الأخيرة، يباشر تحالف دعم الشرعية هجوماً من جهتين على المدينة. من الشمال تتقدم قوات مدعومة سعودياً، ومن الجنوب تتقدم قوات مدعومة إماراتياً (ولها الدور الأهم).

الخبراء العسكريون يقولون إن تحرير المدينة ليس مهمة مستحيلة. تحرير مدينة عدن في 2015 لا يزال تجربة حاضرة في الذهن. كان يقطنها عددٌ أكبر من السكان (1.7 مليون)، وكان تحقيق الحسم العسكري فيها أصعب. تحقق هذا الانتصار بمشاركة أعداد قليلةٍ للغاية من القوات الخاصة الإماراتية. يمكن تكرار نفس النجاح في الحديدة. من الواضح أن دفاعات الحوثيين تنهار بسرعة تحت الضغط المكثف من أكثر من اتجاه.

                                 

والحال أن التركيبة السكانية للحديدة تخدم تحالف دعم الشرعية. فلا حاضنة شعبية فيها للحوثيين، إذ تنتمي أغلبية السكان إلى الشافعية لا الزيدية. وليس صعباً تثوير هذه القطاعات السكانية ضد الحوثيين مع اقتراب لحظة الحسم.

أغلبية السكان هم – في واقع الأمر- رهائن لدى الجماعة الحوثية التي لا يتجاوز عدد أفرادها في المدينة الخمسة آلاف. في المقابل، فإن قِوام القوات التي تتهيأ لتحرير المدينة يتجاوز أربعة أضعاف هذا العدد.

ضربة للحوثيين

يبدو أن القوى الرئيسية في تحالف الشرعية (السعودية والإمارات) قد حسمت أمرها بضرورة تحرير الميناء في أسرع وقت، وبصورة حاسمة. بقاء الحديدة بيد الحوثيين معناه أن يتوفر لهم شريان بحري متصل مع إيران.

يبدو أيضاً أن الولايات المتحدة، وبعكس مواقفها غير الحاسمة حيال الصراع اليمني خلال العامين الماضيين، قد صارت أقرب إلى ضرورة حسم الموقف العسكري.

هذه العوامل تجعل من سقوط الميناء الاستراتيجي، ومن بعده بعض المواقع المهمة على ساحل البحر الأحمر، أمراً مُحتملاً خلال الأسابيع القادمة.

على أن سقوط الحديدة لا يعني بالضرورة نهاية الصراع اليمني الضاري. الحوثيون لا تزال لديهم صنعاء؛ العاصمة وقلب الحكم والمؤسسات الذي سيطروا عليه بالقوة في سبتمبر 2014. اقتحام صنعاء مهمةٌ أصعب كثيراً من الناحية العسكرية، وأكثر كُلفة من الزاوية الإنسانية.

مع ذلك، فإن سقوط الحديدة التي تُمثل شريان حياة ومصدر جباية للحوثيين سوف يوجه ضربة قاصمة لمشروعهم، وربما تقضي الضربة على معنويات مقاتليهم.

إن تحقيق الحسم العسكري الكامل في الصراع اليمني قد لا يكون أمراً ممكناً، لطبيعة الأرض والسكان والخبرة التاريخية. على أن بالإمكان حشد جهد عسكري من أجل توجيه ضربة قاصمة للمشروع الحوثي/الإيراني في هذا البلد، والحيلولة دون بزوغ “حزب الله جديد” على ساحل البحر الأحمر الذي تمر من خلاله 13% من التجارة العالمية.

الهدف في اليمن ليس تحقيق الانتصار الكامل، ولكن حرمان الخصم من فرض إرادته.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك