الحكاية في دقائق: آندرو برونسون.. أمريكا وتركيا من المواجهة إلى الصفقة

الحكاية في دقائق: آندرو برونسون.. أمريكا وتركيا من المواجهة إلى الصفقة

14 Oct 2018
تركيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

في غضون الانشغال العالمي بأزمة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، انتهت أزمة أخرى شغلته من قبل، أزمة القس الأمريكي أندرو برونسون، المحتجز في تركيا. النهاية جاءت بحكم محكمة رفع الإقامة الجبرية عن القس، وعاقبه بالسجن مع وقف التنفيذ، مما مكنه من العودة إلى موطنه الولايات المتحدة في نفس اليوم، ليستقبله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.

لماذا سجنت تركيا القس من البداية، وكيف تبادلت تركيا وأمريكا تلاسنات علنية، وأي الطرفين كان كلامه مصحوبا بالفعل وأيهما مجرد خطابة بلاغية. الحكاية هنا في دقائق.

البدايات الأولى.. انقلاب 2016

في 15 يوليو 2016، تعرض أردوغان لمحاولة انقلاب فاشلة لم تتجاوز عدة ساعات.  ما حدث تلك الليلة منحه الفرصة لشن حملات اعتقالات واسعة ضد معارضيه في كل أجهزة الدولة لم تتوقف حتى اللحظة.

الحملات طالت، ضمن آلاف آخرين، قسا أمريكي، من ولاية نورث كارولينا، يعيش في تركيا منذ أكثر من 23 عامًا، ويرعى كنيسة للبروتستانت في مدينة إزمير على الساحل الغربي، تمامًا كما طالت زوجته.

في 7 أكتوبر 2016، ألقى الأمن التركي القبض على برونسون وزوجته، التي أطلق سراحها بعد 13 يومًا، واتهمته بالانضمام لخلية من 21 شخصًا تحت مظلة جماعة الخدمة، التي أسسها فتح الله جولن، الداعية التركي الذي يعيش في المنفى الاختياري في ولاية بينسيلفانيا الأمريكية منذ 1999، والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب.

برونسون، الذي كان يسعى حينها للحصول على إقامة دائمة في تركيا، واجه كذلك تهمتي التجسس، ومساعدة حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا كجماعة إرهابية، فضلًا عن المشاركة في خطة الانقلاب الفاشل.

المقلوبة.. دليل الاتهام

احتجزت السلطات التركية آندرو برونسون لأكثر من 12 شهرًا دون توجيه اتهام رسمي، ليواجه أولًا اتهامات بالعمل على “تقسيم تركيا” عبر التبشير بمعتقداته المسيحية. اتهامات اعتبرها محاميه كما اعتبرها نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس دون دوليل.

تحولت الاتهامات لاحقًا بشكل متسارع، من التعاون مع حزب العمال الكردستاني، وتنظيم اجتماعات متعاطفة مع التنظيم، واستضافة لاجئين أكراد في مبانٍ تابعة لكنيسته، إلى الاتصال بمجموعات تقول تركيا إنها متورطة بشكل رئيسي في تدبير محاولة الانقلاب.

أحد أدلة الاتهام كانت “المقلوبة”، وهي طبق شرقي تقول تركيا إنه قاسم مشترك بين أتباع جولن، الذين يتناولونه في مقراتهم السرية، وإنها وجدت فيديو على هاتف صادرته من برونسون، تلقاه من ابنته، حول ذلك الطبق.

الأدلة الأخرى تتعلق باشتراكه في تجمع لأنصار جولن، وحديثه بشكل إيجابي عن العلاقة بين المسيحية ومبادئ حركة الخدمة، وكذلك اشتراكه في مجموعة “مورمون” الثقافية السرية، والتي تتهمها الحكومة التركية بجمع معلومات لحساب واشنطن، فضلًا عن للإطاحة بالبرلمان والحكومة، ومحاولة تغيير نظام الحكم في أنقرة.

“رسول المسيح” يصل المحكمة

خضع برونسون لجلستي استماع أمام محكمة العقوبات المشددة في إزمير. في الجلسة الأولى، أبريل الماضي، قال برونسون: “جئت إلى تركيا عام 1993 لأحكي للناس عن يسوع المسيح. الحكومة التركية كانت تراقبني. لم أفعل شيئًا في الخفاء قط ضد تركيا”.

في مايو، استأنفت محكمة تركية محاكمة برونسون، وأبقت عليه قيد الاحتجاز.

في الجلسة الثالثة، 25 يوليو الماضي، أمرت بنقله من السجن إلى منزله تحت الإقامة الجبرية، لكنها رفضت دائمًا عدة التماسات للإفراج عنه والسماح له بمغادرة تركيا، كان آخرها في 17 أغسطس الماضي، حيث قالت محكمة استئناف إن عملية جمع الأدلة لا تزال جارية، وإن من المحتمل أن يفر من البلاد حال تحريره من سوار الرقابة الإلكترونية المعلق في يده.

برونسون برأس جولن.. وقبضة ترامب

في سبتمبر 2017، اقترح أردوغان صفقة تبادل تقضي بالإفراج عن برونسون مقابل تسليم جولن. وقال، في تجمع لضباط الشرطة في أنقرة، موجهًا حديثه للولايات المتحدة: “أنتم أيضًا لديكم جولن. سلموه لنا، ثم نحاكم برونسون ونسلمه لكم”، لكن واشنطن رفضت الاقتراح تمامًا، وتمسكت إدارة ترامب بالإفراج غير المشروط عن القس المحتجز.

مسار القضية ارتبط بالتصعيد الذي اتبعته إدارة ترامب ضد حكومة أردوغان. نائب الرئيس الأمريكي هدد تركيا بفرض عقوبات قوية حتى يصبح آندرو برونسون حرًا.

أطلقوا سراح برونسون الآن أو كونوا مستعدين لتحمل العواقب.

مايك بنس

بعد نحو 24 ساعة، جاء الرد التركي على لسان وزير الخارجية ​مولود جاويش أوغلو:

لا يمكن لأحد أن يفرض إملاءاته علينا، ولن نتسامح مع أي تهديد

لاحقًا، فرضت واشنطن عقوبات على وزيري العدل والأمن الداخلي التركيين عبد الحميد جل وسليمان صويلو؛ ردًا على رفض أنقرة إطلاق سراح برونسون. وشملت العقوبات مصادرة أي ممتلكات للوزيرين تحت الولاية القضائية الأمريكية، ومنع الأمريكيين من التعامل معهما، وتجميد أصولهما المالية المحتملة في الولايات المتحدة.

بالتزامن، قالت “بلومبرج” إن واشنطن تجهز قائمة سوداء تشمل شخصيات وشركات تركية قد تتعرض لعقوبات أمريكية على غرار القوائم الروسية، قبل أن يعلن ترامب بنفسه مضاعفة التعريفات الجمركية على الواردات التركية بنسبة 20% للألومنيوم و50% للحديد، مؤكدًا اتجاهه للتصعيد طالما بقي القس الأمريكي محتجزًا.

أردوغان قرر الرد على التصعيد بالتصعيد، فجمد هو الآخر أصول وزيرين أمريكيين في تركيا، ثم يرفع الرسوم الجمركية على واردات بلاده على عدد من البضائع الأمريكية، معلنًا تمسكه بزيادة الإنتاج والتصدير، وتقليص الاعتماد على العملات الأجنبية. وقال:

“إذا كان لديهم دولاراتهم، فنحن أيضًا لدينا شعبنا، لدينا الصلاح والاستقامة، ولدينا إلهنا”.

الرئيس الأمريكي لم يدع أي فرصة تجمع مسؤولين أمريكيين بنظرائهم الأتراك تمر دون طلب واضح بالإفراج عن آندرو برونسون دون قيد أو شرط. ومع التمنع التركي، كانت العقوبات على تركيا، الأمر الذي كان له دوره في دفع عملتها الليرة للهبوط إلى مستويات قياسية.

بالنهاية، أفرجت تركيا عن آندرو برونسون دون الحصول على جولن.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك