في مقاله بنيويورك تايمز، يكشف ديفيد كيركباتريك، مدير مكتب الصحيفة في مصر حينها، أن أوباما واصل دعمه لمرسي حتى اللحظات الأخيرة؛ علنًا عبر الحث على احترام نتائج “الانتخابات الحرة” في مصر، وسرًا عبر اتصال هاتفي بمرسي قبل يومين من عزله ناشده فيها القيام بـ “خطوات جريئة” للتشبث بموقعه، ليرد محمد مرسي واصفًا أوباما بـ “الصديق المخلص”.
يضيف كيركباتريك أن أغلبية إدارة أوباما كانت تؤيد عزل مرسي، وبينهم مسؤول القيادة المركزية جيمس ماتيس، الذي رأي أن “الإخوان والقاعدة يسبحون في نفس البحر”، ومدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية مايكل فلين الذي اعتبر أن “أيديولوجيتي الإخوان والقاعدة واحدة”، وحتى وزير الخارجية جون كيري، الذي وصف مرسي بـ “أكبر مغفل قابله في حياته يقود “مجموعة مخابيل”.
ينقل كيركباتريك عن كيري أن الفريق عبد الفتاح السيسي لم يفعل سوى أن استجاب للإرادة الشعبية من أجل إنقاذ مصر.
بن رودز، نائب مستشار الأمن القومي حينها، قال إن أوباما كان بين من سعوا لتعامل أمريكي مختلف، لكنهم كانوا على جزيرة منعزلة داخل الإدارة.
وفي اجتماع بعد ساعات من الإطاحة بمرسي، استسلم أوباما، ولم يبادر لتوصيف ثورة 30 يونيو بالانقلاب، لكنه تحرك باتجاه تجميد المساعدة العسكرية (1.3 مليار دولار) ومساعدات اقتصادية (250 مليون دولار) وحجب ضمانات القروض (300 مليون دولار) ووقف تسليم معدات عسكرية، وتعليق مناورات النجم الساطع العسكرية المشتركة.
فور إعلان الإطاحة بمرسي، سارعت السعودية والإمارات لتهنئة الرئيس المؤقت عدلي منصور، وتقديم حزمة مساعدات سخية لمصر، وصلت 12 مليار دولار. تنقل فاينانشيال تايمز عن مصدر سعودي مطلع على إن المساعدات الخليجية لمصر “لم تكن مجرد أداة دبلوماسية، ولكن اعتراف بأن البلاد كانت ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي وأنها أكبر من أن تفشل”.
سياسيًا، كان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد أول مسؤول رفيع المستوى يزور مصر بعد الإطاحة بمرسي، على رأس وفد ضم أيضًا مستشار الأمن القومي هزاع بن زايد.
وتؤكد الجارديان أن دعم مصر كان أحد أهم بنود زيارة رئيس الاستخبارات العامة السعودية بندر بن سلطان إلى روسيا في ديسمبر/ كانون الأول 2013.
وتضيف نيويورك تايمز أن وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل زار أوروبا خصيصًا لدفع العواصم الغربية للتراجع عن الجهود المبذولة لمعاقبة مصر.
وفي باريس، قال الفيصل إن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أيد خارطة الطريق بعدما عرضت بلاده “الحقائق وليس الافتراضات”، مؤكدًا أن “الأمة غنية وستقدم المساعدة لمصر حال هدد أحدهم بوقفها”.
وتنقل الصحيفة عن أنور ماجد عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، أن السعودية أوصلت تقييمها للوضع إلى جميع الأصدقاء في الولايات المتحدة وأوروبا.
الخدمة تشير إلى بعد آخر عندما نقلت عن دبلوماسي عربي – لم تحدد جنسيته – قوله: “إذا قطعت المساعدات الأمريكية، تأكد من وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القاهرة في غضون شهرين أو ثلاثة، وسيقدم المساعدة بدون قيود”.
وبتجميد المساعدات الأمريكية، دخلت القاهرة مفاوضات مع موسكو لشراء أسلحة روسية، فيما نقلت صحف مصرية عن مصادر رسمية تأكيدها دعم السعودية والإمارات للصفقة.
وتقول الجارديان إن ملك السعودية الراحل عبد الله كان حادًا على غير العادة في دعم مصر، حين قال علنًا: “ليعرف العالم أن السعودية تقف مع مصر ضد الإرهاب والتطرف والفتنة وضد كل من يحاول التدخل في شؤون مصر الداخلية“.
تضيف الصحيفة إن العاهل السعودي – الذي عُرف عنه تفضيل دبلوماسية الكواليس – كان واضحًا جدًا في توجيه خطابه إلى حليفه الآخر، الولايات المتحدة.
وتعهد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بتعويض مصر عن أي خسارة من أموال الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة.
وتقول الجارديان إن السعودية ضغطت على الولايات المتحدة في اجتماعات بين مسؤولي في الخارجية السعودية على دعم التطورات الجديدة في مصر، في وقت كانت الأوضاع لا تزال هشة ولا يمكن التنبؤ بها.
وفي مقال لديفيد كيركباتريك في نيويورك تايمز، يقول إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ضغط باتجاه تجنب الصدام مع السعوديين والإماراتيين.
مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية أمين شلبي يقول إن الدعم الخليجي كان عاملًا رئيسيًا في تثبيت أقدام النظام الجديد وتحول مواقف دول عدة اتخذت موقفًا عدائيًا من ثورة 30 يونيو. “لولا الموقف الخليجي لتغير الكثير”.