صمتت إلهان عمر تماما عن الغزو التركي لشمال شرقي سوريا، وعن مأساة الكرد وغيرهم من المواطنين السوريين الذين يعيشون في هذه المنطقة. ثم صوتت ضد الاعتراف بالتطهير العرقي للأرمن على يد الخلافة العثمانية، خروجًا على الإجماع الكاسح لحزبها لصالح القرار، لتكون واحدة من اثنين فقط يعترضان عليه في حزب الديمقراط.
إلهان عمر نائبة في الكونجرس الأمريكي، عن ولاية مينيسوتا. تدرجت في العمل السياسي بعد بروزها في صفوف الجالية الصومالية. وطرحت نفسها اسما بارزا ضمن موجة النائبات الديمقراط الشابات في ٢٠١٨.
وهي تقدم نفسها، كما زميلاتها، مدافعة عن “حقوق الإنسان”.
الديمقراط عارضوا قرار ترامب بالانسحاب من شمال شرق سوريا معتبرين أنه خذل الكرد بالسماح لتركيا باجتياح شمال شرق سوريا.
حتى الجمهوريون، خرج عدد منهم عن تأييدهم المعتاد للرئيس ترامب وانتقدوا قراره.
أما إلهان عمر فالتزمت الصمت تماما عن جرائم إردوغان بحق الكرد.
لماذا؟
جوردان ساشاتل، وهو مراسل لكونزرفاتيف ريفيو، صادف مقالا في موقع يصدر في مينيسوتا باللغة الصومالية، وموجه إلى الجالية الصومالية في الولاية. المقال يعود تاريخه إلى سبتمبر ٢٠١٧. ويتناول اجتماعا بين إلهان عمر، ولم تكن مشهورة حينها، وبين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
إلهان عمر ذهبت إلى الاجتماع الذي تم أثناء زيارة إردوغان لاجتماعات الأمم المتحدة الدورية في سبتمبر ٢٠١٧ بوصفها ممثلة عن المجتمع الصومالي في ولاية مينيسوتا. واللقاء كان في فندق في نيويورك.
ثم عادت وغردت بخصوص هذا الاجتماع .. باللغة الصومالية.
لقاء إلهان عمر بإردوغان خارج عن العادة، بالنظر إلى أن إلهان عمر لم تكن وقتها شخصية معروفة، ولقاؤها برئيس دولة ليس حدثا متكررا.
إلهان عمر قادت الوفد الصومالي، وفيه زوجها الذي لا يعمل في السياسة، والذي يظهر في الصورة إلى جوارها.
غريب أيضا أن المقال الذي كتبه عبد الرحمن مختار، مؤسس ومحرر الموقع الصومالي Tusmo Times أُلغي من الموقع (القصص التي تعود إلى نفس التاريخ لا تزال باقية).
لكن كونزيرفاتيف ريفيو استطاعت أن تحصل على نسخة منه عبر موقع أركايف.أورج، ثم ترجمته عبر خدمة ترجمة من الصومالية إلى الإنجليزية.
[su_box title=”” style=”glass” box_color=”#00C5D6″ radius=”1″]
[su_quote]
[/su_quote]
[/su_box]
القصة المنشورة في الموقع الصومالي مبنية على رواية إلهان عمر للقاء، وفي تغريدتها بالصومالية عن اللقاء وضعت لينك للقصة الصحفية التي ألغيت لاحقا من الموقع. قالت إلهان عمر إنها التقت مع إردوغان لحوالي الساعة، وأنهما ناقشا أمورا تخص الصومال والصوماليين في مينيسوتا.
وشكرت إردوغان على الدعم التركي للروهينجا في ماينمار. وناقشا أيضا التجارة بين تركيا والصومال.
يقول التقرير في الموقع الصومالي إن إلهان عمر لم تلتق بإردوغان فقط بل أيضا برئيس الوزراء التركي وغيره من كبار المسؤولين الأتراك.
في نفس العام افتتحت تركيا قاعدة عسكرية في الصومال. وهي جهة الإمداد الرئيسية بالأسلحة والمساعدات الأخرى للنظام الصومالي.
بخلاف الحديث عن “الصومال” ماذا كسب الطرفان، إردوغان وإلهان، من هذا اللقاء؟
طلب إردوغان من إلهان عمر أن ترفع صوتها بالدعم لتركيا. وقد فعلت.
طالبت في مقال في الواشنطن بوست – على عادة الإسلامجية حين لا يمسهم الضر – بأن تعمم الولايات المتحدة “قيمنا العالمية” في سياستها الخارجية. تقصد بقيمنا أي القيم الأمريكية.
[su_box title=”” style=”glass” box_color=”#00C5D6″ radius=”1″]
[su_quote]
[/su_quote]
[/su_box]
القيم الأمريكية العالمية التي تطلبها إلهان عمر، لا تخص تركيا على الإطلاق. صمتت مؤخرا عن الاجتياح التركي لشمال شرق سوريا. خرجت عن الإجماع الحزبي في الاعتراف بمذابح الأرمن على يد الخلافة العثمانية.
لكنها تخص بتعميم “القيم العالمية” مجموعة معينة من الدول، للمصادفة، هي خصوم تركيا في الشرق الأوسط. وبمعنى أدق الدول التي رفضت التغول التركي عن طريق العناصر المحلية الداعمة. عددتهم في المقال المشار إليه في الواشنطن بوست: مصر والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسعودية..
لاحظوا المصادفة: رباعية مكافحة الإرهاب التي وقفت ضد دعم قطر للإرهاب عن طريق جماعة الإخوان المسلمين، دولة دولة، لا دولة زادت ولا دولة نقصت.
[su_box title=”” style=”glass” box_color=”#00C5D6″ radius=”1″]
[su_quote]
[/su_quote]
[/su_box]
في الاختبارين اللذين خصا تركيا، في مأساة الكرد والتطهير العرقي ضد الأرمن. رفعت صوت دعم تركيا عاليا. تماما كما طلب منها إردوغان منذ سنتين.
هذا ما كسبه إردوغان. فماذا كسبت هي؟
إلهان عمر جزء من الشبكة الإسلامجية الممتدة عبر الحدود، والتي تستفيد من لوبي الإسلامجية في التلميع السياسي.
الإسلامجية احتكروا أصوات المسلمين في الغرب. قدرتهم على التنظيم مكنتهم من وضع أنفسهم في موقع القيادة. إن أراد حزب يساري مرشحين يكسب بهم أصوات المسلمين قدموا هم مرشحيهم. لقاء إردوغان لم يكن إلا مباركة علنية من زعيم الحلف العثماني لهذه السيدة الصومالية الأمريكية المغمورة. وضوء أخضر للآلة الإعلامية الإسلامجية لكي تدعمها.
لكن الأمر لم يقف عند حد المباركة والدعاية.
في أبريل ٢٠١٩ كتب طارق الشرقاوي، مدير مكتب الأبحاث التابع لوكالة TRT الحكومية التركية حاثا الأتراك في كل مكان على التبرع لإعادة انتخاب إلهان عمر. حسب ما رصد معهد أبحاث ميديا الشرق الأوسط، ميمري ..
سبعة منافذ إعلامية حكومية أو مقربة للحكومة أعادت نفس النداء.
حسب القانون الفيدرالي الأمريكي يحظر على السياسيين الأمريكيين تلقي تمويل من غير الأمريكيين لحملاتهم الانتخابية.
قصة إلهان عمر تجسيد لدولة الإسلامجية وتنظيمها العابر للحدود. من تركيا إلى الصومال، والآن في الكونجرس الأمريكي. لكن كما أنهم يستفيدون من الصعود السياسي، فإن الصعود السياسي يضعهم في مركز الضوء فيكشفهم.
معضلة زواج إلهان عمر .. هل تزوجت من أخيها صوريا؟ | الحكاية في دقائق
إلهان عمر VS دونالد ترامب وحزب الجمهوريين | الحكاية في دقائق