يقول إدوارد جيبون في كتابه "تاريخ أفول وسقوط الدولة الرومانية" بوضوح:
"إذا دعي إنسان لاختيار فترة في تاريخ العالم كانت فيها حالة الجنس البشري الأكثر سعادة وازدهارًا فسيختار دون تردد الفترة بين موت دوميتيان، الإمبراطور الروماني الحادي عشر وحتى تولي كومودوس، الإمبراطور الثامن عشر.
الفترة تمتد بين عامي 96 و 192 ميلادية.
بحسب كتاب جيبون، فإن الإمبراطورية الرومانية كانت في تلك الفترة دولة مركزية منظمة تخطت مرحلة التأسيس في عصر أغسطس، والاضطرابات التي شهدتها في عصر ورثته، كما انتهت فيها الحرب الأهلية التي عرفت باسم "القياصرة الأربعة"، واستقرت فيها حكومة تسيطر على كامل البحر المتوسط وجنوب أوروبا حتى نهر الدانوب، بقيادة إمبراطور حسن السمعة بين معاصريه هو "نيرفا" الذي بدأ عصر "الأباطرة الصالحين الخمسة"
هذه الفترة عرفت تاريخيًا بالاستقرار الاقتصادي، وانخفاض نسبة الفقر، والحدود القوية الآمنة، وتوحيد قيادة الجيش الروماني بصلح بين القادة العسكريين.
لم تشهد الفترة حروبًا كبرى سوى معركة امتدت 4 سنوات ضد الفرس.
في هذه الفترة أيضًا، عاش أهم رموز الثقافة الرومانية مثل تاسيتوس وسوتونيوس وبلوتارك.
باختصار، كان من الرائع أن تكون رومانيًا في تلك الفترة.
أراء جيبون ليست مجرد تفضيل شخصي، بل كانت مبنية على أراء تاسيتوس مؤرخه المفضل.
جيبون كان ينظر لأوروبا باعتبارها وريثة الإمبراطورية الرومانية، ويرى أن الشعوب الأوروبية في عصره تشبه الشعب الروماني؛ فهي دول متحضرة بدأت في التوسع خارج القارة لتجد نفسها في مواجهة شعوب مختلفة تمامًا عنها.
في نفس كتابه، يقصر جيبون الشعوب المتحضرة في العالم حينها - بجانب أوروبا - على الهند والصين ومناطق أخرى يمكن التجارة معها، والسبب الذي يجعل هذه الشعوب متحضرة هو امتلاكها حضارة وتراث "يجعل شعبها مهذبًا"، بينما الخطر يواجه أي أوروبي في كل ركن أخر من العالم حسب وجهة نظره.