المفترس يلتهم نفسه في The Predator

المفترس يلتهم نفسه في The Predator

2 Oct 2018
حاتم منصور
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

عام 1987، وضع شين بلاك اسمه بسرعة ضمن قائمة أهم كُتاب أفلام الأكشن، بفضل فيلمه الأول Lethal Weapon. في نفس العام، اختاره منتج الفيلم جول سيلفر، للمشاركة كممثل بدور صغير في فيلم المفترس Predator أمام شوارزينجر، وتحت قيادة المخرج جون ماكتيرنان؛ لاكتساب خبرات عملية من واقع تصوير وصناعة الأفلام.

واصل بلاك طريقه بكتابة أفلام أكشن أخرى ناجحة، جعلت منه (أغلى سيناريست في هوليوود) منتصف التسعينات، قبل أن يتوقف فترة طويلة بسبب إدمان المخدرات، ليعود لاحقًا ليجرب نفسه كمخرج، بالإضافة لعمله الأصلي كسيناريست، محققًا نجاحات جديدة، كان أبرزها فيلم مارفل 3 Iron Man.

الحصاد السينمائي لـ كوميك كون 2018

في المقابل، نال Predator حظه من النجاح الجماهيري وقت عرضه، وازداد لمعانًا بمرور السنوات، ليتحول لأيقونة من علامات الثمانينيات، أيقونة دشنت أفلامًا أخرى، وألعاب كمبيوتر، وقصص كومكس، تضمنت كلها هذا الوحش الفضائي، الذي نال الخلود في ذاكرة عشاق السينما.

شوارزينجر مع طاقم الفيلم الأول (شين بلاك أقصى اليسار)

عوامل عديدة جعلت الفيلم الأصلي يصمد في اختبار الزمن، ابتداءً من تصميم الوحش المهيب الذي أبدع في تنفيذه خبير المؤثرات البصرية والماكياج ستان ونستون، ونال عنه ترشيح أوسكار، مرورًا باختيار موفق لفريق أبطال، تضمن شخصيات ذكورية شرسة الطباع لكن خفيفة الظل. وانتهاءً بمخرج أكشن ماهر، استفاد من التصوير وسط غابات المكسيك، ومن المؤثرات الصوتية والبصرية، لصياغة فيلم أكشن سريع ومبهر وعنيف، ودسم جدًا من حيث لحظات الشد العصبي، والمشاهد الدموية المبتكرة.

بعد 31 عامًا من الفيلم الأول، و4 أفلام محبطة ومتوسطة النجاح، قررت شركة فوكس الاستعانة بشين بلاك لكتابة وإخراج فيلم Predator جديد، بتصنيف رقابي R يسمح بنفس كمية العنف الأصلية. معطيات واختيارات تبدو بالحسابات النظرية واعدة جدًا، لدرجة لم أتردد معها في اختيار الفيلم ضمن قائمتي لـ أهم الأفلام المنتظرة في النصف الثاني من 2018.

الآن، بعد مشاهدته، مضطر آسفًا لتصنيفه ضمن قائمة إحباطات العام؛ لأن شين بلاك، رغم مشاركته في الأصل كممثل، لم ينجح في استيعاب عناصر تميزه بالكامل، مع ملاحظة أن تحميله مسئولية الإخفاق وحده محور خلاف لأسباب سنستعرضها لاحقًا.

إعلان فيلم The Predator

الأزمة الأبرز هنا قد تكون القالب الذي اختاره للفيلم. ما أراده ببساطة هو صناعة فيلم مرح الإيقاع بالأساس، يتضمن مشاهد أكشن وعنف. الإشكالية ليست في التركيبة في حد ذاتها، لكنها في المزج غير الموفق بين النوعين. أجواء الكوميديا يقاطعها دومًا عنف وتوتر فتفقد بهجتها، وأجواء العنف والتوتر العصبي يقاطعها دومًا نكات فتفقد فاعليتها.

الفيلم الأصلي في المقابل، رغم توفر لحظات مرح عديدة فيه، يعرف قالبه الرئيسي جيدًا، وقالبه الرئيسي هو ببساطة أنه فيلم أكشن سريع وعنيف وموتر. فيلم يعرف متى يلقي نكتة، ومتى يحتفظ بمسار موتر وحاد ومرعب.

ديدبول ينعي نفسه ويصلح هوليوود في Deadpool 2

طاقم الأبطال الذي يواجه الوحش هنا يتضمن شخصيات غريبة وخفيفة الظل مثل الأصل، لكن تكدس الفيلم بأفكار عديدة ومسارات أخرى لم يسمح بخلق ترابط مماثل بين الجمهور وهذه الشخصيات. يمكنك ببساطة أن تحذف بعضها هنا دون أن يتأثر الفيلم، وهو شيء يصعب قوله عن الأصل.

طاقم الفيلم الجديد. من اليمين: تريفانتي رودس – بويد هولبروك – أوجوستو أجيليرا – توماس جين – كيجان مايكل كاي – ألفي ألين

على مستوى الأكشن، يصعب اصطياد مشهد مميز هنا يخلد في الذاكرة. الأسوأ أن مسار المتعة غير تصاعدي. أفضل المشاهد في منتصف الأحداث، عندما يحاول الوحش الهروب من مُختبر. كل شيء بعد هذا أقل فاعلية ومتعة، خاصة المعركة النهائية التي جاءت روتينية ومُكدسة جدًا بالجرافيك، وأقرب لأجواء أفلام مارفل المعاصرة منها لفيلم يحاول استلهام سحر الأكشن في الثمانينات.

كل شيء ولا شيء في “أفنجرز انفينيتي وور”

محاولات بلاك لتطعيم البناء الدرامي بملامح أخرى من سينما الثمانينات، مثل الطفل الانطوائي الضعيف الذي يعرف أكثر من الكبار حوله، والبطل الذي توكل له الحكومة مهمة سرية لإنقاذ البلاد من كارثة كبرى، عناصر تتحرك هنا دون ختام مناسب، وكأنها خيط درامي ينقصه تكملة ما، أو حُذفت منه هذه التكملة.

يضعنا السطر الأخير أمام عوامل مر بها هذا الفيلم أثناء صناعته، أبرزها أخبار مؤكدة من أبطاله والمخرج أن الثلث الأخير تم استبداله بالكامل بعد الانتهاء من التصوير، مقابل ثلث آخر جديد بدأ بلاك كتابته وتنفيذه لاحقًا.

تصريحات بلاك دبلوماسية جدًا في هذا الشأن، ومضمونها أنه اتفق مع شركة فوكس على تنفيذ نهاية جديدة أفضل من الأصلية، لكن المسار العام غير المترابط للفيلم ككل، وظهور عناصر عديدة وسط أحداثه، لم يثمر عنها توظيف حقيقي أو استخدام حتى نهايته، معطيات توحي أن هذه التغييرات فُرضت عليه. باختصار، هناك فيلم آخر أراده بلاك، ولم يُكتب لنا أن نشاهده.

هل هو فيلم أفضل أم أقل؟ هذا السؤال سيظل لغزًا غالبًا؛ لأننا لن نشاهد الفيلم البديل للمقارنة. لكن تواضع مستوى The Predator وعدم تماسكه من حيث السرد، مقارنة بكل أعمال بلاك السابقة، عناصر تجعلنا نرجح أن بلاك سقط ضحية لتغييرات وقرارات إنتاجية لا دخل له فيها.

إجمالًا يظل الفيلم ثاني أفضل أفلام السلسلة بعد الأصل، وأكثر متعة وتسلية مقارنة بأفلام حققت ثروات في شباك التذاكر مؤخرًا. أخص بالذكر هنا Jurassic World: Fallen Kingdom – The Meg كفيلمين من أسوأ ما شاهدت طوال الصيف. لكن في المقابل، يظل The Predator خطوة أخرى غير ناجحة لإعادة ميلاد الوحش، وغالبًا على ضوء أرقام الايرادات الأولية المحبطة، سيعود المفترس لثبات آخر طويل.

7 دروس من شباك التذاكر في صيف 2018

رغم هذا، هناك مكسب سينمائي مهم جدًا ومؤكد من مفترس 2018، وهو تحفيز جيل جديد على مشاهدة مفترس 1987!

باختصار:

المفترس يعود في 2018 بفيلم يحمل بعض جينات وسحر الأصل، لكن أقرب إجمالًا لمسخ تم تهجينه بجينات أخرى لا تناسبه.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك