الهارب من الذئاب ضد الراقص مع الكلاب في Alpha‬

الهارب من الذئاب ضد الراقص مع الكلاب في Alpha‬

22 Sep 2018
حاتم منصور
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

الكلاب صنف كائنات ظهر للوجود بفضل مزيج من الانتقاء الطبيعي والانتقاء الاصطناعي للذئاب الرمادية. طبقًا لأغلب الدراسات العلمية، كانت شرارة ظهورها منذ 30 ألف عام على الأكثر، وهو رقم ضئيل جدًا قياسًا بعمر الحياة الإجمالي على الأرض.

الفقرة العلمية السابقة قد تكون المدخل الأنسب للحديث عن فيلم Alpha، رغم كونه عملًا روائيًا قبل أي شيء، وغير مُقيد بالجانب العلمي والبيولوجي الموجود في الأفلام التسجيلية المتعلقة بدراسة هذه الظواهر والتغيرات.

اقرأ أيضًا: ما نفهمه خطأ عن نظرية التطور

لدينا هنا باختصار حدوتة عن المغامرة التي انتهت بنجاح أول انسان في استئناس ذئب، وتحويله لهذا الكائن المطيع المسلي الصديق الذي استفادت منه البشرية لاحقًا في أنشطة هامة، مثل الصيد والحراسة وتربية المواشي وخلافه.

إعلان فيلم Alpha

من البداية، يخبرنا صناع الفيلم أن هذه الحدوتة تدور أحداثها في العصر الجليدي منذ 20 ألف عام، في وقت كانت فيه حياة البشر بدائية، وتعتمد على الصيد كنشاط رئيسي.

يعيب الفيلم بالأساس عدم التزامه بمسار ونمط متماسك واضح. من ناحية، هو جدي جدًا، لدرجة اختلاق لغة بين الشخصيات، تصاحبها ترجمة تظهر على الشاشة لإقناعنا بزمن الأحداث. ومن ناحية أخرى، يمكنك أن تلمس، في الملابس مثلًا، دقة صنع ودرجة إتقان شكلي وهندسي لا تتناسب للدرجة مع عصور ومجتمعات بدائية.

اقرأ أيضًا: بردية كوبنهاجن تكشف كيف حدد المصريون القدماء نوع الجنين

هذا التأرجح يظهر أيضًا في طريقة السرد نفسها، وفي التكوينات البصرية. لا وجود طاغيا هنا لصرامة وقسوة وواقعية فيلم مثل The Revenant الذي أخرجه أليخاندرو إيناريتو، ولا وجود طاغيا أيضًا للجانب المرح الطفولي البسيط الموجود في أفلام ديزني الكلاسيكية، المتعلقة بحواديت (الصبي وكلبه الأليف).

رغبة صناع الفيلم في إمساك العصا من المنتصف، انتهت بحدوتة لا تدفع للتفاعل للدرجة. حدوتة ترفض أن تندرج تحت إطار واقعي صارم، أو إطار فنتازي مرن، وتتأرجح بينهما طوال الوقت، دون أن تترك للمتفرج فرصة لبناء أساس للمتابعة والتفاعل.

العيب الثاني والأهم ربما، هو الوقت الطويل الذي استغرقه الفيلم للوصول لمحطته الأساسية، وهي لقاء بطلنا البشري مع بطلنا الذئب/الكلب. نصف الفيلم تقريبًا تمهيد لهذا اللقاء، ومن المؤسف أنه تمهيد غير شيق للدرجة، ويمكن اختزاله لمدة زمنية أقل.

النصف الثاني قد يكون أفضل نسبيًا؛ بفضل أداء كودي سميت ماكفي، وتسلسل فعال للعلاقة بين الطرفين. رغم هذا، تسير الأحداث إجمالًا بشكل متوقع جدًا، وعلى وتيرة تفتقد للتجديد في قصص البقاء ضد مخاطر الطبيعة والجوع.

شبيهة ظل الإله المقدس | لماذا عشق المصريون القدماء القطط؟ | الحكاية في دقائق

رغم كل هذه العيوب، يصمد الجانب البصري أحيانًا كعنصر إنقاذ في عشرات المشاهد الممتعة على الشاشة الكبيرة، وهي نقطة منطقية إذا وضعنا في الاعتبار تاريخ المخرج ألبرت هيوز، الذي قدم سابقًا أفلامًا مثل From Hell – The Book of Eli.

هذه المشاهد تتضمن مثلًا مشهد البداية، الذي تلاحق فيه قبيلة قطيعا من الثيران الوحشية، ومشهدا آخر يشترك فيه البطل والذئب، في عملية صيد وحصار لفريسة، واختار المخرج تنفيذه في لقطة واحدة بديعة، بزاوية تصوير رأسية Overhead Shot.

إجمالًا، استفاد الفيلم في مقاطع كثيرة من مخرجه وخياله البصري الثري، واستفاد أيضًا من تقنية الـ 3D، ومن التصوير وسط الطبيعة الكندية، لكن جماليات هذه المقاطع بصريًا تاهت وسط فيلم لم يحدد من البداية طريقًا واضحًا للسرد، وانتهت كمجرد مشاهد خلابة قد تصمد بسهولة في الذاكرة، دون أن تكفي لتأسيس صمود مماثل للفيلم ككل.

يقال أن الكلب أفضل صديق للانسان، ولهذا يستحق حتمًا فيلمًا أفضل. لكن على صعيد آخر، من الجيد أن نرى محاولة هوليوودية، لا تخلو من طموح، لتفسير هذه الصداقة التي غيرت عالمنا للأبد.

اقرأ أيضًا: نظرة صادمة للأمومة والإنجاب في Tully

بقى أن أذكر حوارًا طريفًا جدًا، دار خلفي بين أم وطفلها أثناء تترات النهاية. الطفل استوعب أن ما شاهده يتعلق بذئب تحول سلوكيًا لكلب، وتساءل عما إذا كان هذا ممكن الحدوث فعلًا؟ والأم أجابت بمنتهى الثقة، بأن هذا كلب طوال الوقت، لكن مشكلته أنه كان مسعورًا فقط في بداية الأحداث!

مجهودات هوليوود تكفي لإثارة فضول وتساؤلات الأطفال في العالم كله، لكنها للأسف لا تكفي لإنقاذهم من أسر مأساوية!

باختصار:

فكرة ثرية عن قصة نشأة أفضل صديق للانسان، جرى إهدارها في فيلم متوسط، رغم ثرائه البصري في عشرات المقاطع.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك