انتخابات بريطانيا | لماذا تدعم جماعة الإخوان جيريمي كوربن بقوة؟ | مينا منير

انتخابات بريطانيا | لماذا تدعم جماعة الإخوان جيريمي كوربن بقوة؟ | مينا منير

7 Nov 2019
مينا منير دقائق

مينا منير

باحث بجامعة لوزان - سويسرا

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

صراع البريكزيت في بريطانيا يدخل مرحلة جديدة. الشلل البرلماني التام أفضى إلى انتخابات برلمانية جديدة في 12 ديسمبر.. عناوينها أخطر كثيرًا من البريكزيت ذاته. تتعلق بتهديد الأمن القومي والاقتصادي لدولة بحجم وتأثير بريطانيا.

الخطر الوجودي مرتبط بطبيعة الصراع الحقيقي بين المحافظين والعمال. البريكزيت مجرد مسألة طارئة على الصراع لا العكس. رئيس الحكومة بوريس جونسون يواجه زعيم العمال جيريمي كوربين في صراع هوية وطبيعة وجود بريطانيا.. صراع أيديولوجي أدركه جونسون جيدًا منذ وصوله المنصب، وكرره تقريبًا في كل خطاباته ومواجهاته داخل مجلس العموم منذ خطابه الأول:

بريطانيا في مواجهة رجل ماركسي يتحالف مع أعدائها. والخطر الكبير من وجود كوربين على مقربة من الحكم يهدد كيان الدولة. ليس فقط جونسون من يرى ذلك، كوربين نفسه يقر بأن هذه الانتخابات فريدة في هذا العصر، وفرصة يجب اغتنامها.

هل الأمر مجرد شجار سياسي؟ لنرَ

في السياسة والاقتصاد والأيديولوجيا.. تأثيرات عالم ما بعد البريكزيت ستطال الجميع | مينا منير

“نكتة بايخة” في معركة الجيل

معركة الجيل بدأت بسحق حزب العمال، بقيادة إد ميليباند، في انتخابات 2015.

أين الخطأ؟ كان السؤال أمام أعضاء حزب العمال. الأغلبية رأته في فقدان الحزب يساريته منذ أيام توني بلير، وبالتالي فقدان هويته التي أكسبته قاعدته الشعبية.

هنا ظهر أكثر قادة الحزب راديكاليةً في تاريخه كبديل منطقي يمكن أن تلتف حوله جماهير اليسار.. جيريمي كوربين.

منذ أول يوم، أطلق كوربين أكثر السياسات اليسارية طُرفةً، ليس فقط بخطط تأميم المؤسسات وزيادة الضرائب، لكن الأكثر غرابة وعده بطباعة المزيد من الأوراق النقدية حتى دون غطاء من الذهب في بنك إنجلترا!

لم يستهدف كوربين من يقيّمون سياساته الاقتصادية بالأرقام، بل الشريحة الأكثر راديكالية في خياراتها اليسارية.. نشطاء الحركات الطلابية النسوية واليسارية مثل Momentum من الطلبة المراهقين، وجماعات الإسلام السياسي.

“النكتة البايخة” تحولت إلى قضية خطيرة حين أزاح كوربين كل منافسيه على زعامة حزب العمال وصار رئيسًا له.

مكمن الخطورة هنا إثبات نجاح كتلة ضخمة من هذه المجموعات البديلة في إملاء سياساتها على أكبر أحزاب بريطانيا في عدد الأعضاء المسجلين.. هذا يعني أن ضمان بقائه في زعامة الحزب لا يرتبط بمنطقية سياساته، وإنما مقدار رضا المجموعات الراديكالية عنها.

إذًا ما الذي يمثله كوربين من خطر؟

صديق الإرهابيين

لا يخجل كوربين من توصيف نفسه كصديق للجماعات الإرهابية المسلحة. بينما كانت ميليشيا الجيش الجمهوري الأيرلندي IRA تهز لندن بقنابلها المزروعة في القطارات والأنفاق، كان كوربين يدعم قياداتها الانفصالية علنًا، وأشهرهم جيري آدامز، الذي كان في غاية السعادة لوصول كوربين لرئاسة الحزب، متمنيًا له رئاسة الحكومة.

كوربين وجيري آدامز – 1995

أما علاقته الدافئة مع إيران وحزب الله وحماس فكانت جزءًا من قبول الإسلاميين لدعمه في الانتخابات. كوربين تلقى 20 ألف إسترليني دعمًا ماديًا مقابل ظهوره عبر “برس تي في”، المنبر الرسمي للنظام الإيراني، ليتغزل في محاسن ذلك النظام الإرهابي. الغريب أنه لم ينكر أو يبرر ذلك.. اكتفى بأن المبلغ لم يكن كبيرًا، وكأن دعم الإرهاب إعلاميًا مقبول طالما أنه لم يحصل على رقم كبير!

ما نتحدث عنه هنا ليس ماضيًا من زمن “طيش الشباب”، إنما حاضر يمارسه جهارًا نهارًا. في ذكرى الثورة الإيرانية 35، ذهب الرجل لإيران للاحتفال بها مع الإمام حسن الصدر، ملقيًا محاضرة بعنوان “The Case for Iran”.

وفي 2014 حضر كوربين ندوات في لبنان لدعم من أسماهم بـ “الأصدقاء“: حزب الله وحماس.

لاحقًا، طار كوربين إلى تونس لحضور مؤتمر لدعم فصائل مسلحة فلسطينية، وشارك في وضع إكليل زهور على قبر الإرهابيين الذين قاموا بعملية ميونخ 1972 الشهيرة والتي ذُبح فيها أعضاء الوفد الأولمبي الإسرائيلي.

كاد الجاسوس أن يكون رسولا: أوليج جوردييفسكي كشف استعداد اشتراكيين لخيانة أوطانهم | مينا منير

حزب الإخوان

أما الدعم الأكبر الذي حصل عليه فكان من جانب جماعة الإخوان التي دعمها بشدة في المقابل تحت قبة البرلمان.

منذ انتخاب السيسي رئيسًا لمصر، لم يحاول كوربين إخفاء كراهيته.. وقف داخل المجلس ينادي بمنع استقبال طائرة السيسي الذي كان متجهًا إلى لندن في زيارة رسمية.

تلي ذلك تنسيق واضح مع مجموعات الإخوان في لندن، تجلت في محاولاته المستميتة منع إجراء تحقيق في أيديولوجيا الجماعة، بالتنسيق مع أنس التكريتي، أحد أبرز منفذي أجندة التنظيم في لندن، ومجموعة الإخوان Global Watch عبر حملة توقيعات على خطاب يدافع عن الإخوان ويعدد مناقبهم في المجتمع البريطاني، الدور الذي يعرفه الجميع في دعم حزب العمال. لاحقًا، أقر أنس التكريتي بنجاح هذا الدور. زيارات كوربين متكررة للقاء أعضاء الإخوان في مسجد فينسبري بارك جاءت في هذا السياق.

موقعة السيسي وموقفه من جماعة الإخوان

موقعة السيسي وموقفه من جماعة الإخوان

خلية تزوير انتخابات في بريطانيا.. كلها من المسلمين .. هل أنجحت مرشحة اليسار؟ | الحكاية في دقائق

رجل قطر

مقاربة كوربين تحولت إلى حركة تنظيمية داخل الحزب تجاه أحلاف إقليمية في الشرق الأوسط، ليس فقط مع إيران، لكن مع الدولة الأولى في رعاية الجماعات الإسلامية المسلحة في العالم، قطر.

بعد المقاطعة الرباعية لقطر، دعت الأخيرة نواب حزب العمال ولورداته لزيارة قطر والوقوف على حقيقة الأمر. المعاملة السخية التي شملت هدايا مادية وعينية قيمة جدًا أقروا بها على موقع البرلمان.

 لكن ما جرى بعد تلك الرحلة يهمنا أكثر. تحول حزب العمال ورئيسه إلى داعم شرس للدوحة، لدرجة استهلال أمير قطر زيارة بريطانيا بلقاء جيريمي كوربين وليس رئيسة الوزراء!

منذ ذلك الوقت، لم يترك كوربين فرصة إلا ويهاجم فيها مصر والسعودية.

اجتماع كوربين وتميم بن حمد

اجتماع كوربين وتميم بن حمد

التجربة السويسرية… هل يسحق البريطانيون اليسار والاتحاد الأوروبي في الانتخابات القادمة؟ | مينا منير

نقطة اللا عودة

لا يستطيع كوربين اليوم العودة عن تلك الخيارات؛ ليس فقط لأنه مؤمن بها، لكن لأن بقاءه بات مرتبطًا بها ارتباطًا وجوديًا. الحزب الذي تحول إلى حصن للإسلاميين ومعاداة السامية بسبب أتباعه لن يقبل بسياسة بديلة. بالتالي فإنه يدرك تمامًا – وهو محق في ذلك – أن انتخابات 12 ديسمبر معركة بقاء بالنسبة له: إما أن ينتصر بمجموعته أو يُسحق معها بلا رجعة.

الانتصار هنا ليس بالضرورة الوصول إلى أغلبية برلمانية منفردة. قد تحققه أكثرية قادرة على تحقيق ائتلاف مع أحزاب أخرى مثل الليبراليين الديمقراطيين (نعم، لسخرية الأقدار اسم الحزب كذلك!) والخضر وغيرهم.

لذلك، فهناك خطر حقيقي استدعى أجهزة أمنية واستخبارية في العالم للتوصية بالتعامل الحذر مع حكومة كوربين في مسألة تبادل المعلومات الاستخبارية بسبب توجهاته المشبوهة.


إجابة خطأ يا شعب. هل ينفذ “الديمقراطيون” الأوروبيون إرادة الشعوب دائمًا؟ | تايم لاين في دقائق

تونس – كندا – أمريكا – إسرائيل – بريطانيا.. العالم في ظل ديمقراطية الشلل | الحكاية في دقائق

بين حكايات الأخوين كيبلر وروايات سلافوي كجيجك.. من صنع بؤس العالم؟ | مينا منير

جريتا ثونبرج.. دليل اليسار لإنتاج جماعات الكراهية | مينا منير


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك