جيش أوروبا المستقل .. أكبر من مجرد فكرة عسكرية .. فهل أوروبا جادة في تأسيسه؟| دقائق.نت

جيش أوروبا المستقل .. أكبر من مجرد فكرة عسكرية .. فهل أوروبا جادة في تأسيسه؟| دقائق.نت

20 Nov 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

لسنوات طويلة، اعتمدت أوروبا بشكل رئيسي على الحماية الأمريكية في مواجهة الاتحاد السوفيتي. ومع سقوط الأخير، توقع كثيرون اختفاء الناتو بانتهاء مهمته، لكن الحلف نجح في البقاء مع تجديد أهدافه بحماية النظام الليبرالي الدولي، والتدخل عسكريًا لفرض القيم الديمقراطية أو حماية حقوق الإنسان.

يمر الحلف اليوم بمنعطف جديد على أثر التحول في التوجهات الأمريكية، وخلاف الإدارة الأمريكية مع مبادئ “النظام العالمي الجديد”، لتجد أوروبا نفسها في موقف يتطلب التحرك بعيدًا عن المصالح الأمريكية، ما قد يصل إلى إنشاء جيش مستقل.

جيش أوروبا.. قصة قديمة متجددة

لم يبدأ الأمر خلال الأسابيع القليلة الماضية. سبق دعوة ماكرون لإنشاء جيش موحد تصريحات لرئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في مايو 2015، دعا خلالها دول الاتحاد إلى استحداث جيش أوروبي؛ لردع روسيا، وإظهار أن دول القارة مستعدة للدفاع عن نفسها بنفسها.

ومثل خروج بريطانيا لحظة فارقة في اتخاذ الأوروبيين الأمر بجدية؛ فقد ينفرط الاتحاد دولة وراء الأخرى في ظل صعود اليمين القومي، ولن تسمح أوروبا لنفسها بالوقوف في العراء بانتظار المظلة الأمريكية.

بدأت ألمانيا في شحذ جهودها الدفاعية، واتخاذ إجراءات تدعيمية لجيشها المتأخر نسبيًا بين القوى الدولية، وارتفع الإنفاق العسكري الألماني بنسبة 4.2% في 2016، ثم 8% في 2017، مقارنة بما قبل البريكست، وكان الجيش الألماني قد وصل إلى حالة يُرثى لها بعد تراجع عدد طائراته إلى 18 فقط قابلة للاستخدام.

ارتفع عدد العاملين بالخدمة العسكرية الفعلية في ألمانيا إلى 178 ألف جندي مقابل 176 ألفًا في صيف 2016. وامتدت الجهود الألمانية إلى محاولة دمج قواتها مع بعض دول الاتحاد الأوروبي الصغيرة عسكريًا، إذ ضمت قوات التدخل الألمانية لصفوفها أربعة لواءات خارجية، بواقع لواءين من هولندا ولواء من كل من التشيك ورومانيا.

س/ج في دقائق: ما البريكست وماذا يحدث في بريطانيا؟

ترامب.. ميزانية الناتو

ومع وصول ترامب ورفضه الدفاع عن أوروبا في ظل عدم إنفاق دولها ما يكفي، طالبت واشنطن بزيادة إنفاق الدول الأوروبية على الناتو، بعدما وصل الإنفاق الأمريكي إلى 75% من إجمالي النفقات، بينما تتقسم النسبة الباقية على بقية الأعضاء (27 دولة). أوباما أيضًا طالب في 2016 بزيادة نسبة إنفاق دول الحلف إلى 2% من إجمالي الإنتاج المحلي، لكنه لم يتخذ خطوات عملية.

لا يتعلق الأمر بالتكلفة المالية فقط، إذ يروج ترامب لعدم جدوى التحالف استراتيجيًا بالنسبة للمصالح الأمريكية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتضاؤل التهديد الروسي، مع وضع ترامب الاتحاد الأوروبي ضمن خصوم الولايات المتحدة، بجوار الصين وروسيا.

ظهرت الاستجابة الأوروبية سريعًا، لا سيما من جانب ألمانيا وفرنسا، وتسارعت الوتيرة في محاولة الاستعداد لمرحلة ما بعد الحماية الأمريكية، وقررت دول الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران 2017 تأسيس صندوق مشترك لتسليح وتمويل المهام العسكرية للاتحاد بقيمة تمويل سنوي تتخطى الـ 5.5 مليار دولار في 2020، كخطوة أولى لتفعيل خطة الدفاع الأوروبية المشتركة، ودعت لإنشاء قوة دفاع مستقلة، كما دعا الرئيس الفرنسي الدول الأوروبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 لإنشاء جيش مستقل يدافع عن أوروبا في مواجهة الصين وروسيا و”الولايات المتحدة”.

س/ج في دقائق: ألغاز الـ GRU تتواصل.. ماذا نعرف عن استخبارات روسيا العسكرية؟

دوافع جيش أوروبا

بخلاف توتر العلاقات مع ترامب، يمكن الإشارة إلى عوامل رئيسية تقود دول الاتحاد لتأسيس جيش أوروبي موحد:

  • حماية الاتحاد من التفكك بتعظيم الاعتمادية العسكرية بين أعضائه.
  • توفير مظلة للأمن تحمي المصالح الأوروبية بالخارج، عقب التوسع العسكري الروسي في الشرق الأوسط، الذي كان أحد الفضاءات الأوروبية الرئيسية. ولم تستطع أوروبا الخروج بعيدًا عن الانتشار العسكري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، رغم امتلاكها لمصالح متعددة بالمنطقةٌ

تايم لاين في دقائق: كعكعة إدلب على مائدة بوتين – أردوغان

  • سعي بريطانيا لتعظيم نفوذها العسكري خارجيًا، وإعلان حكومة ماي رغبتها في استعادة مجد الإمبراطورية. بريطانيا أعلنت مؤخرًا افتتاح قاعدة عسكرية في سلطنة عمان، فضلًا عن إشراف الأخيرة على مبادرة إنشاء ناتو عربي، ما يضع مصالح دول الاتحاد، وعلى وجه الخصوص ألمانيا وفرنسا في مواجهة الأنجلو ساكسون (بريطانيا والولايات المتحدة)، ما حفّز الاتحاد الأوروبي للبحث عن مصالحه بشكل مستقل.

الديمقراطية في بريطانيا

هل تعتقد أن الديمقراطية مجرد إجراءات وقرارات يمكن اتخاذها وتنفيذها بجرة قلم؟ تاريخ الديمقراطية في بريطانيا ربما يعطيك فكرة أخرى #دقائق

Posted by ‎دقائق‎ on Thursday, June 28, 2018

  • تحمل أوروبا عاتق حماية قيم النظام الليبرالي الدولي، التي طالما لعبت دورًا رئيسيًا في تحقيق مصالحها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مع تعرض هذه القيم للتهديد مع الصعود الروسي الصيني ومعاداة الرئيس الأمريكي لها.
  • ستستفيد الدول الأوروبية الصغيرة؛ حيث سيتيح الجيش الأوروبي لقواتها رفع مهاراتهم وخبراتهم القتالية، كما ستحظى بالتقدم الصناعي الألماني، والاستفادة من القوة النووية الفرنسية، ما يحقق ضمان استمرار الهيمنة الألمانية والفرنسية على القارة العجوز.

تجدر الإشارة إلى أنه حال وصول الانفاق العسكري الأوروبي إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي، فإن الميزانية ستقفز إلى 385 مليار دولار، مقارنة بــ 270 مليار دولار حاليًا، ما يجعلها تقارب ضعف الإنفاق العسكري الروسي.

المساعي الأوروبية لن تكون يسيرة المنال؛ نظرًا للكثير من العوائق، على رأسها:

  • التنازع المتوقع على القيادة بين الدول الكبيرة.
  • الحواجز الثقافية التي قد تعيق الاندماج الفعلي.
  • صعوبة التخلي عن الناتو واستعداء الولايات المتحدة.

لذا يمكن القول إن هذه المساعي مجرد مقدمة لمحاولة تعظيم النفوذ الأوروبي داخل الناتو بما يسمح بتحقيق المصالح الأوروبية، وتوفير مرونة أكبر للتحرك الخارجي عسكريًا.

وفي حال فشل تلك المحاولة، فلن يكون أمام أوروبا سوى تأسيس جيش مستقل خلال الأعوام المقبلة، أو تعرض الاتحاد للتفكك، خصوصًا حال استمرار صعود تيار اليمين القومي في أوروبا

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك