ديدبول ينعي نفسه ويصلح هوليوود في Deadpool 2

ديدبول ينعي نفسه ويصلح هوليوود في Deadpool 2

16 Jul 2018
حاتم منصور
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

مشاهد ديدبولية

صديق ديدبول Deadpool يستمع إلى خطبة تنمية بشرية عن أهمية الثقة في النفس، وضرورة اكتساب الإنسان القدرة على مواجهة الآخرين، وعدم هروبه وقت الأزمات، بينما يظهر في الخلفية ديدبول وهو يفعل النقيض تمامًا، ويجري هاربًا من مواجهة!

يلتقيان سويًا ليتحدث ديدبول في فخر موجهًا حديثه ليس فقط لصديقه، لكن لنا أيضًا مباشرة كمتفرجين، عن إيرادات فيلمه الأول القياسية، التي تجعله ثاني أنجح نجم وفيلم بتصنيف رقابي R في التاريخ، بعد المسيح، نجم فيلم آلام المسيح!

مرحبًا بكم من جديد في عالم ديدبول الكوميدي العبثي. حيث الحس الساخر لبطل لا يعرف الجدية أبدًا. بطل يتوقف وسط أحداث فيلمه أحيانًا، ليذكر ملاحظاته معنا كأي متفرج آخر على لا منطقية الأحداث!

إعلان Deadpool 2

تأثير الأصل

الجزء الأول بدأ عرضه في فبراير 2016، وخلافًا لكل التوقعات، غير قواعد اللعبة تمامًا في فئة أفلام السوبرهيرو. وقتها كانت التركيبة معروفة في هوليوود. تصنيف رقابي مناسب للأطفال والمراهقين. حس جاد نسبيًا مع بعض لمسات المرح. مشاهد أكشن ضخمة ومبهرة. بطل نبيل ينقذ العالم من كارثة تهدده.

جاء ديدبول بكل چيناته الأصلية من عالم الكومكس، ليقلب الطاولة. تصنيف رقابي R يسمح له بما يشاء. مشاهد أكشن دموية وعنيفة وجنونية. نكات جنسية بذيئة. كوميديا متواصلة لا تتوقف حتى وسط مشاهد الأكشن. بطل بحس أخلاقي غائب نسبيًا، وغير مهتم بإنقاذ العالم أو بمنظومة النبل والتسامح. وطابع سرد يسخر بالأساس من كل ثوابت وكليشيهات النوعية.

ستان لي وأفنجرز.. رحلة التحديات من الورق إلى السينما |حاتم منصور

الآن يصل ديدبول بالفيلم الثاني وهو فاقد مبدئيًا لأهم سلاح تميز به الأول، سلاح المفاجأة. لكن لا داعي للقلق لأن الوغد الداعر لا يزال يملك أسلحة فتاكة، كفيلة بهزيمة كل الأفلام المنافسة في صيف 2018.

السلاح الأول هو السيناريو الذي شارك في كتابته ريان رينولدز بنفسه مع نفس الفريق الذي كتب الفيلم الأول (ريت ريز – بول ويرنك). وفيه يتبع الفيلم نفس خطى السابق من حيث السخرية على عالم السوبرهيرو خاصة، وهوليوود والثقافة الأمريكية المينستريم عامة.

أغلب النكات سهلة الفهم للغالبية. عندما ينادي ديدبول شرير الفيلم باسم ثانوس مثلا، عوضًا عن كيبل وهو اسمه في فيلمنا هنا، فالنكتة سهلة لأن الشخصيتين من تمثيل جوش برولين من ناحية. ولأن ثانوس المقصود كان ضمن فيلم أفنجرز الأخير الذي شاهده الملايين منذ أشهر معدودة من ناحية أخرى.

كل شيء ولا شيء في “أفنجرز انفينيتي وور” | حاتم منصور

في المقابل ضحكت وحدي أحيانًا وسط القاعة كلها، بسبب مشاهد كوميدية أخرى، تستلزم متابعة أقوى وأقدم لهوليوود. عندما ينادي ديدبول نفس الشخص باسم ويلي الأعور مثلا، فالنكتة هنا أصعب، لأنها مرتبطة بمعرفة المتفرج بفيلم ثمانيناتي اسمه The Goonies شارك فيه جوش برولين أيضًا.

نجم أول وأخير

السلاح الثاني والأهم ربما في كل أسلحة الفيلم ككل، هو أداء ريان رينولدز للشخصية. يمكن دائمًا تخيل ممثل جديد في دور باتمان أو سوبرمان أو كابتن أمريكا، رغم تألق أسماء سابقًا فيها، لكن يصعب تخيل بديل لرينولدز في دور ديدبول. طباعه الصبيانية الطفولية التي رأيناها سابقًا في أفلام أخرى، وصوته المعبر، الضروري جدًا لشخصية ترتدي قناعًا أغلب الوقت، عناصر يصعب تعويضها.

المسألة ليست أنه يمثل ديدبول بشكل جيد. المسألة هي أنه ديدبول فعلًا. مشاركته كسيناريست في الجزء التاني، أكبر دليل على هذه الحقيقة. لم يعد من الممكن صياغة قصة لديدبول بدون مشاركة ديدبول نفسه.

ونجوم معه

رغم هذا وعلى عكس السائد عندما يتضخم النجم ليبتلع الفيلم وحده، ويصبح الباقون حوله بلا قيمة، لا يتخلى الفيلم عن أهم مزايا الجزء الأول. الشخصيات الأخرى الثرية والمهمة، التي يمكن اعتبارها السلاح المهم الثالث لديدبول 2.

اقرأ أيضًا: العظماء السبعة: نجوم لا يجوز استبدالهم في هوليوود

يرث الفيلم بعضها من الفيلم الأول، لكنه يضيف الكثير هنا. أخص بالذكر شخصية بيتر التي يقدمها بحس كوميدي وحضور مميز روب ديلاني، كمثال لرجل الشارع العادي غير المناسب نهائيًا لأجواء معارك السوبرهيروز، بكل ما يمكن أن ينتج عن ذلك من كوميديا.

تتجاوزه في الأهمية والتأثير دومينو التي تقوم بدورها زازي بيتز. الشخصية هنا مختلفة عن أصلها في عالم الكومكس من حيث النشأة والأصل وطبيعة العلاقة مع ديدبول، لكنه اختلاف للأفضل على الصعيد السينمائي. يمكن القول أنها المحظوظة في الفيلم، وأن الفيلم محظوظ بها. هذه عبارة سيفهمها القارئ بشكل أفضل مع المشاهدة.

الاثنان (بيتر – دومينو) نموذج ممتاز يصلح كمضرب مثل، لما يمكن أن نكسبه عندما يهتم صناع فيلم ما بشخصياته الجانبية، سواء من حيث الصياغة في السرد أو من حيث اختيار الممثلين. لا أمانع نهائيًا في مشاهدة أفلام مستقلة للشخصيتين، لأن الاحتمالات والفرص بخصوصهما لا تنتهي.

دومينو في لقطة من الفيلم

إصلاح عيب الفيلم الأول

الأهم من ذلك أن الفيلم يُصلح العيب البارز في شخصيات الجزء الأول، وهو الشرير الباهت النمطي. هنا وبفضل تواجد جوش برولين في دور كيبل، حصلنا أخيرًا على خصم يليق بديدبول من حيث الكاريزما والحضور والوزن. على صعيد الكوميديا استفاد الفيلم أيضًا من التناقض التام بين جدية وصرامة وخشونة برولين، وتفاهة وعبثية وصبيانية رينولدز.

Spider-Man: Far from Home.. سبيدرمان بعيداً عن وطنه وقريباً من أصله | حاتم منصور

السلاح الرابع هو الحس الإخراجي السليم لتقديم أكشن مخلوط بالكوميديا. ديفيد ليتش مخرج الفيلم قدم سابقًا John Wick – Atomic Blonde وفي الاثنين مال للاعتماد على مدرسة القتال اليدوي، والتقطيع البطيء، واستخدام خبراء الحركات الخطرة. هنا يغير جلده ويثبت كفاءته في لون مختلف، ويقدم ما يفوق الفيلم الأول خاصة في مشهد المطاردة الرئيسية للفيلم.

من الهام هنا أن أذكر أن أفضل مشهد أكشن، وأفضل مشهد كوميديا، شاهدتهما في العام كله حتى الآن، هما مشهد واحد في ديدبول 2. وفيه نتابع ربما أغرب عملية هبوط بمظلات في تاريخ السينما!

إجمالًا، ديدبول 2 لم يبتكر تركيبة (الفيلم الذي يسخر من كليشيهات الأفلام)، لكنه عودة مجيدة للنوعية، وعمل يذكرنا بأباطرة ورواد هذه اللعبة، من أمثال ديفيد زاكرجيم أبراهامزميل بروكس. والأهم أنه فيلم يناهز في الجودة الفيلم الأول، وهذا حدث نادر للأسف حاليًا في أغلب السلاسل.

اقرأ أيضًا: ديناصورات سبيلبرج بدون طفرات في JURASSIC WORLD: FALLEN KINGDOM

بقي أن أذكر أن الفيلم يحتوي على أكثر من مشهد مهم بعد ظهور تترات النهاية، وأن واحدًا منها يستحق وحده ثمن التذكرة، وهستيري ككوميديا، إذا كنت تعرف جيدًا التاريخ السينمائي لريان رينولدز كممثل. غالبًا أراد ديدبول أن يغيظ صناع سلسلة عالم مارفل السينمائي، بقدرته في التفوق عليهم في لعبة (مشاهد ما بعد التترات) التي دشنوها!

 

باختصار:

المستحيل ليس ديدبوليًا! الوغد الداعر خسر سلاح المفاجأة، لكنه حقق ما تعجز عنه هوليوود عادة، وعاد بفيلم لا يقل تسلية ومتعة عن فيلمه الأول، متفوقًا على كل أفلام المغامرات التي شاهدناها هذا الصيف.

SaveSave

SaveSave

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك