المئات سقطوا بين قتيل وجريح في سلسلة تفجيرات ضربت سريلانكا صباح الأحد. التفجيرات استهدفت بالأساس كنائس وفنادق ونزل ومشروع إسكان في العاصمة كولومبو، ومدينة إلى الشمال من العاصمة، وأخرى على الساحل الشرقي، أثناء مراسم دينية احتفالًا بعيد الفصح.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات حتى الآن.
فماذا حدث في سريلانكا؟ ولماذا التخوف من سيناريو الحرب الأهلية؟ سنحاول الأجابة عبر:
وقعت أربعة انفجارات في العاصمة كولومبو، أحدها في ضريح القديس أنتوني، وهو موقع سياحي كاثوليكي تاريخي يتردد عليه الزوار الأجانب، بجانب كنيسة سانت سيباستيان في بلدة نيغومبو إلى الشمال من العاصمة، وكنيسة ثالثة في باتيكالوا على الساحل الشرقي.
كما شهدت فنادق شانجريلا، وسينامون جراند وكينغزبري تفجيرات متزامنة، إضافة إلى فندق قريب من حديقة حيوانات دهيوالا وفندق سينامون جراند قريب من مقر الإقامة الرسمي لرئيس وزراء سريلانكا.
لم تتضح على الفور طبيعة الانفجارات كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الأن، لكن بيانًا حكوميًا أكد أن “جماعة إسلامية محلية” تقف وراء اعتداءات أحد الفصح”.
ونقلت “رويترز” عن المتحدث باسم حكومة سريلانكا، راجيثا سيناراتني، إن “شبكة دولية” تورطت في الهجمات.
ورجح رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ تورط جماعة التوحيد الوطنية الإسلامية المتطرفة، معترفًا بأن الحكومة توصلت في وقت سابق لمعلومات حول هجوم محتمل، بعدما كشفت “فرانس بس” أن قائد الشرطة بوجوث جاياسوندارا أصدر تنبيهًا استخباريًا لكبار الضباط قبل 10 أيام من الهجمات، محذرًا من تخطيط انتحاريين لضرب “كنائس بارزة”.
إنذار قائد الشرطة كان مصدره وكالة استخبارات أجنبية أن جماعة التوحيد الوطنية الإسلامية المتطرفة تخطط لتنفيذ هجمات انتحارية تستهدف كنائس بارزة وكذلك المفوضية العليا الهندية في كولومبو.
ونشر وزير الاتصال هارين فرناندو صورًا ضوئية للوثيقة التي حصلت عليها الحكومة والاستخبارات يوم 11 أبريل/ نيسان، تحت عنوان “معلومة بشأن هجوم محتمل”.
Some intelligence officers were aware of this incidence. Therefore there was a delay in action. What my father heard was also from an intelligence officer. Serious action need to be taken as to why this warning was ignored. I was in Badulla last night pic.twitter.com/ssJyItJF1x
وارتبطت جماعة التوحيد الوطنية العام الماضي بتخريب تماثيل بوذية. وتقول مصادر محلية إنها تضم إرهابيي داعش العائدين من سوريا.
وفي 2016، قال وزير العدل لنواب البرلمان إن 32 من مسلمي سريلانكا كلهم ينتمون لعائلات “متعلمين ونخب” انضموا الى داعش في سوريا، مضيفًا أن الحكومة كانت على علم ببعض الأجانب القادمين إلى سريلانكا لنشر التطرف الإسلامي.
واستبعد محمود لبيب عليم محمد، حاكم المقاطعة الشرقية في سريلانكا، بشكل مبدئي تورط جماعة التوحيد الوطنية عن التفجيرات.
وقال المسؤول إن التحقيقات مستمرة، لكن حتى الآن لا دليل على تورط جماعة التوحيد الوطنية.
وبدأت السلطات الأمنية حملة مداهمات في العاصمة منذ التفجيرات. وقالت التليجراف إن ثلاثة ضباط شرطة قتلوا في إحدى المداهمات صباح الأحد.
وأفادت فرانس برس أن الشرطة السريلانكية ضبطت مجموعة من المتفجرات في يناير/ كانون الثاني بعد اعتقال أربعة منتمين لجماعة إسلامية متطرفة تشكلت حديثًا.
بين الحين والآخر تشهد سريلانكا توترات عرقية وطائفية.
وفي 1983، اندلع توتر عرقي في سريلانكا تحول إلى حرب أهلية طويلة استمرت حتى 2009.
وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير صدر عام 2018 من تعرض المسيحيين في سريلانكا للضغوط لإغلاق أماكن العبادة باعتبارها “تجمعات غير مصرح بها”.
وتقول جماعات مسيحية إن أتباع الديانة تعرضوا لـ 86 حالة تمييز وتهديد وعنف العام الماضي، بخلتف تسجيل 26 حالة أخرى هذا العام.
وفي السنوات الأخيرة، اتُهمت الجماعات البوذية المتشددة بإثارة الكراهية الطائفية ضد الأقليات في سريلانكا. ويواجه مسلمو سريلانكا خصوصًا اتهامات بتهديد الهوية البوذية للأمة.
وأعلنت الحكومة حال الطوارئ في 2018 بسبب هجمات متكررة على مساجد وأملاك المسلمين من متطرفين بوذيين.
وفي 2017، شهد إقليم غالي أعمال عنف بين المسلمين والبوذيين، بدأت بحادث اصطدام دراجة يقودها بوذي بامرأة مسلمة، قبل أن تتطور لاشتباكات وأعمال عنف سيطرت عليها شرطة الإقليم بعد حملة اعتقالات للمتورطين.
وتصاعد التوتر بين الطائفتين هذا العام، بسبب اتهام جماعات بوذية لأخرى مسلمة بمحاولة إجبار الناس على اعتناق الإسلام وتخريب مواقع أثرية بوذية.
وفي نفس العام، تعرضت الأقليمة المسلمة لـ 20 هجومًا على الأقل، تضمنت إحراق شركات وهجمات بقنابل حارقة على مساجد.
وفي عام 2014، قُتل ثلاثة مسلمين في أحداث شغب أججتها جماعات بوذية متشددة.
وفي عام 2013، أُصيب سبعة أشخاص على الاقل في العاصمة السريلانكية كولومبو، عندما قاد رهبان بوذيون المئات من أنصارهم إلى مهاجمة متجر لبيع الملابس يمتلكه مسلمون.
تتخوف سلطات سريلانكا بالفعل من تسبب التفجيرات في إعادة البلاد إلى الحرب الأهلية.
الرئيس مايثريبالا سيريسينا أصدر بيانًا فوريًا طالب فيه المواطنين بالتزام الهدوء ومساعدة السلطات في تحقيقاتها، فيما أعلن مكتبه حظر إمكانية الوصول لمواقع التواصل الاجتماعي في البلاد “لمنع تداول الأخبار الكاذبة”.
البيان أكد استمرار الإغلاق طالما كان مهمًا للأجهزة الأمنية لاستكمال التحقيقات. وتبع الإغلاق تحذير وزير الإصلاح الاقتصادي هارشا دي سيلفا المواطنين من إثارة “التنافر العرقي” عبر منصات التواصل الاجتماعي
وترأس رئيس الوزراء رانيل ويكريميسينغي اجتماع مجلس طوارئ وطني، مطالبًا المواطنين بالتمسك بالوحدة في مواجهة الحادث المأساوي.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم في سيرلانكا إغلاق المدارس الحكومية ليومين، فيما أعلنت أسقفية العاصمة إلغاء مراسم صلوات الفصح المسائية.
ووصف وزير المالية مانجالا ساماراويرا الهجمات بـ “محاولة لجذب سريلانكا إلى أحلك أيام الحرب الأهلية الوحشية”، و”محاولة شيطانية لإحداث توترات عرقية ودينية جديدة بعد طي صفحة الحرب الطويلة التي دمرت نسيج الأمة منذ ما يقرب من 30 عامًا”.
وحث رئيس أساقفة كولومبو مالكولم رانجيث، على اليقظة وسط قلق من التوتر الديني المتزايد في أعقاب الهجوم، مطالبًا أتباعه بالامتناع عن”تطبيق القانون بأيديهم”.
ونعى مجلس مسلمي سريلانكا الضحايا، ناسبًا الهجوم لـ “عناصر متطرفة تنتهج العنف”، ومطالبًا أتباعه بتقديم كل المساعدات الممكنة للمتضررين.