براد هووبر عامل أمريكي. استقال من وظيفته السابقة في محل بقالة عندما هدد مديره بإقالته حين رفض العمل لساعات أطول.
قرار هووبر كان ليوصف بالحماقة المطلقة منذ فترة قريبة؛ فهو مجرد مجند قديم في البحرية، يعاني من اعتلال متكرر للصحة، تعليمه لا يتجاوز الثانوية، ومع “ألف شخص يتقدمون لكل وظيفة في ماكدونالدز”. لم يكن سهلًا أن يترك وظيفته تحت أي ظرف.
هذه المرة كانت كل الظروف مختلفة كليًا. فماذا تكشف حالة هووبر عن تغييرات سوق العمل في الولايات المتحدة؟ وهل تتساوى فيها الولايات؟ وكيف تعامل معها الأكثر استفادة؟ الإيكونومست رصدت الصورة، ونحن نلخصها عبر:
متغير رئيسي تحقق في سوق العمل الأمريكي عبر خلق وظائف جديدة بمعدلات مهمة.
بلغ عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة 7.3 مليون وظيفة بنهاية عام 2018، وهو أعلى مستوى منذ بدأت وزارة العمل في قياسها عام 2000، مما دفع معدل فتح الوظائف كنسبة من إجمالي العمالة للارتفاع إلى أعلى معدل بلغه في أغسطس/آب الماضي.
معدل البطالة في ولاية ويسكونسن (ولاية هووبر) انخفض إلى أقل من 3% وهو رقم قياسي. وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة لم يسجل المعدل مثل هذا الانخفاض منذ نصف قرن، عندما بلغ 3.6٪.
وكشف تقرير التوظيف الصادر عن وزارة العمل الأمريكية في يناير/ كانون الثاني أن أصحاب الأعمال الأمريكيين وظفوا أكبر عدد من الأشخاص منذ 10 أشهر خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، بأجور أعلى.
ومع القيود الجديدة التي خفضت عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، باتت الوظائف المتوفرة التي تبحث عن شاغلين أمريكيين أعلى. وهنا ارتفعت الرواتب.
سوق العمل الضيق رفع متوسط الأجر للدوام الجزئي بنسبة 3.2٪ على أساس سنوي، وفق الأرقام الرسمية إلى ارتفاع متوسط الدخل في الساعة.
يحصل الأفقر كذلك على بعض المزايا التي يصعب قياسها بالإضافة إلى ارتفاع الأجور بالساعة. المزيد من أصحاب الأجور المنخفضة يملكون حاليًا رفاهية اختيار كيف ومتى يكدحون.
“كل أمريكي يريد وظيفة الآن سيعثر عليها”، يقول عامل في أحد متاجر شمال إنديانا.
الاستفادة ليست موزعة بالتساوي. في معظم أنحاء الولايات المتحدة، يجري إنشاء المزيد من فرص العمل في المناطق الحضرية وفي قطاع الخدمات.
ولا يترك الساسة في بعض الولايات انتعاش الأجور يرتبط فقط بالأسواق؛ إذ تبدو الولايات التي يديرها الديمقراط أقل ترددًا في رفع الحد الأدنى للأجور عن المستوى الفيدرالي البالغ 7.25 دولارًا في الساعة.
أينما فعلوا، فإن دخل الفئات التي تحصل أقل الأجور يرتفع بسرعة كبيرة.
ورفعت 13 ولاية ومقاطعة كولومبيا الحد الأدنى للأجور العام الماضي. (بعض المدن، مثل شيكاغو ونيويورك ترفع الحد الأدنى أحيانًا أيضًا).
إليز جولد، من معهد السياسة الاقتصادية، أخبرت الكونغرس في مارس / آذار، أنه في الولايات التي رفعت الحد الأدنى للأجور مرة واحدة على الأقل في السنوات الخمس قبل 2018، ارتفع دخل الفئات الأكثر فقرًا بمعدل 13٪.
في الولايات المتبقية، على النقيض من ذلك، الأفقر حصلوا على زيادة بنسبة 8.6٪ خلال نفس الفترة.
كاثرين كرامر، التي تدرس الأسباب طويلة الأمد لإثارة الغضب بين الأمريكيين الريفيين والفقراء تقول إن حالة الاستياء أسوأ من ذي قبل، رغم كون الأجور الأخيرة هي الأفضل.
في 2015، أجرى مركز بيو للأبحاث دراسة على 7,000 أسرة أمريكية. وجدت أن 92% منهم سيختارون خفض مستوى الدخل، مع تقليل معدلات الخطر.
متابعة الدراسة في أواخر العام الماضي كشفت أن نفس الاتجاهات لا تزال حاضرة.
التقلبات في الدخل بالنسبة لهولاء تعني احتمالية فقدان المساعدة المالية أو قسائم الطعام التي يحصلون عليها.
الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل كذلك ما زالت قلقة بشأن الدخول المتقلبة؛ كون معظمهم ليس لديهم أي مدخرات تقريبًا، وسيعانون بشدة حال تعرضوا لصدمة مالية لا تتجاوز تكلفتها بضع مئات من الدولارات.
يشكو هؤلاء كذلك من أن الكثير من الوظائف تؤسس في مدن مزدهرة أو بالقرب منها، حيث يعاني العمال ذوو الأجور المنخفضة من ارتفاع تكاليف الإسكان.
تقدر بيو أن 38٪ من الأسر المستأجرة تنفق ما لا يقل عن 30٪ من دخلها على الإيجار.
السكن في أماكن معقولة الإيجار على أطراف قد يكون خيارًا لأصحاب الدخول الأقل، لكنه يعني إما التنقل إلى المدينة، أو الحصول على وظائف محلية بأجور أقل وفوائد أقل.
لورا دريسر، خبيرة اقتصادية عمالية، تشير كذلك إلى “التمييز بين العمال”.
التمييز الذي تعنيه دريسر لا علاقة له بأشكال التمييز المعروفة؛ إذ تشير إلى أن الأجور ترتفع بالشكل الأسرع بالنسبة للأمريكيين من أصول أفريقية، لكنها تقول إن السود الأكثر فقرًا، وخاصة أولئك الذين أدينوا بجناية، من المرجح أن يكونوا قد سقطوا من سوق العمل الرسمي، لذلك لا يتم حسابهم في أرقام البطالة.
تيم سميدينج، خبير الفقر في جامعة ويسكونسن في ماديسون، يقول إن التوسع في قاع سوق العمل مؤخرًا دفع بعض الأجور إلى أعلى، لكنه كان أبطأ كثيرًا في هذه الطفرة من غيرها.
يتحدث سميدينج عن أن الزيادات لا تتخطى كثيرًا الأجر الحقيقي الذي كان يحصل عليه العمال قبل 40 عامًا، مشيرًا لما يصفه بـ “ارتفاع مكاسب رأس المال على حساب العمالة لعدة عقود”، ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، بالنظر إلى النقابات الضعيفة، والمزيد من الأتمتة وغيرها من الاتجاهات.