هجوم مسلح يحصد أرواح 29 من عناصر الحرس الثوري الإيراني في منطقة الأحواز ذات الأغلبية العربية جنوب غربي إيران.
فمن نفذ الهجوم؟
ومن أين أتت أهمية الأحواز؟
متى بدأ الصراع؟
وكيف تبدو علاقتهم بطهران؟
الإجابة في السطور التالية من دقائق.
في البداية أعلنت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز مسؤوليتها عن الهجوم. وقال رئيسها حبيب جبر، إن استهداف المقاومة الوطنية الأحوازية للحرس الثوري يأتي في إطار الدفاع عن النفس ضد ميليشيا عسكرية مصنفة دوليًا كتنظيم إرهابي. لكن بيانا لاحقا للحركة تنصل من هذا البيان قائلا إن مجموعة منشقة صغيرة هي التي نشرته. جاء هذا بعد استدعاء الخارجية الإيرانية لسفيري هولندا والدنمارك، ومسؤول المصالح البريطانية، لتبلغهم احتجاجها على “إيواء جماعة إرهابية” في دولهم.
وأسس الحركة مجموعة من عرب الأحواز المقيمين في أوروبا عام 1999. وتهدف لإنشاء دولة عربية في المنطقة. انطلق نشاطها المسلح ضد إيران في يونيو 2005، وتصنفها طهران كتنظيم إرهابي.
وقبل الهجوم، كان أبرز نشاطاتها المسلحة اغتيال مسؤول مخابرت إيراني في في الأحواز في فبراير 2017، لترد طهران باغتيال رئيس الحركة أحمد مولى في لاهاي، هولندا، في نوفمبر التالي.
إيران وزعت الاتهامات بالمسؤولية في جميع الاتجاهات. البريجادير جنرال أبو الفضل شكارجي، المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، قال إن المسلحين تلقوا تدريبًا وتسليحًا وتمويلًا من دولتين عربيتين خليجيتين، وأن لهم صلات بالولايات المتحدة وجهاز الموساد الإسرائيلي، ليمضي وزير الخارجية بتحميل نظام أجنبي من “رعاة الإرهاب” في المنطقة و”ساداتهم الأمريكيين” مسؤولية الهجوم، متوعدًا برد ريع وحازم.
العميد رمضان شريف، المتحدث باسم الحرس الثوري، وجه اتهاماته إلى السعودية بشكل مباشر بتغذية حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، المناهضة للوجود الإيراني في منطقة عربستان. السعودية والإمارات كلاهما استخفتا بالمزاعم الإيرانية.
في السابق كانت إيران وسوريا تتهم الحركة بالعلاقة بالإخوان المسلمين والجماعات المتمردة المرتبطة بها في سوريا، وأعلنت الدولتان الحليفتان عن تنسيق الجهود لملاحقة الجماعتين.
خوذستان، أو الأحواز أو عربستان، واحدة من 31 محافظة إيرانية، مركزها مدينة الأحواز. تحتل مساحة 63,213 كيلومتر مربع، ويصل سكانها إلى 4.27 مليون نسمة وفق آخر تعداد مسجل عام 2006، ترفعه بعض المصادر حاليًا إلى 8 ملايين، بينما تقول التنظيمات العربية إن العدد يتجاوز 12 مليونًا.
التنظيمات العربية تقول أيضًا إن مساحة دولة الأحواز الأصلية تبلغ 324.000 ألف كيلو متر مربع، اقتطعت الحكومة الإيرانية معظمها تحت ستار تنظيمات إدارية الحديثة، وضمتها إلى ولايات مجاورة.
وأغلب قاطني الإقليم من العرب الشيعة، بخلاف العرب السنة، والفرس.
يحتل الإقليم الشريط الممتد على الساحل الإيراني للخليج العربى من مضيق هرمز جنوبًا وصولًا فى الشمال لنقطة على الحدود البرية بين العراق وإيران بمحازاة العاصمة بغداد. ويفصل الإقليم عن إيران سلسلة جبال زاجروس.
كان الأحواز يعرف حتى عام 1925 م باسم عربستان قبل أن يغير الشاه رضا بهلوي الاسم إلى خوزستان.
تنتج خوزستان 70% من إمدادات النفط الإيراني، كما يأتي منها كل إنتاج الغاز الطبيعي تقريبًا، بخلاف موانيها الأربعة، التي تعتبر المحطة الرئيسية للتصدير والاستيراد، وإمدادها لإيران بمعظم احتياجاتها من المياه العذبة.
وتغظي أراضي خوزستان حصة ضخمة من احتياطات النفط والغاز العالمي.
تشير بعض التقارير أيضًا إلى أن الأحواز تنتج 40% من فولاذ إيران، و25% من الطاقة الكهربائية، ونصف إنتاج البتروكيمياويات.
ورغم هذه الإمكانيات الضخمة، يعاني عرب الأحواز من ظروف معيشية صعبة.
أقام العرب دولتهم المستقلة في الأحواز، مدت نفوذها أحيانًا إلى مناطق أوسع في العراق وإيران، وسط محاولات فاشلة بذلتها الدولتان الصفوية والعثمانية لاحتلال الإقليم.
واعترفت الدولتان باستقلال الإمارة العربية بموجب معاهدة مراد الرابع في 1639م.
وفي 1821، وقعت الدولتان الإيرانية والعثمانية معاهدة أرضروم الأولي لتقسيم الأحواز إلى منطقتي نفوذ بينهما، قبل أن يبسط العثمانيون سيطرتهم على الإقليم بالكامل في 1837، ثم يتخلون عنه لإيران بعدها بعشر سنوات وفق معاهدة أرضروم الثانية، بوساطة روسية بريطانية.
في 1857، اعترفت إيران بإمارة عربية ذات سيادة وقوانين خاصة، ووفق هذه الصفقة، لم يرد ذكر الأحواز في معاهدة 1907 بين بريطانيا وروسيا القيصرية لتقسيم إيران إلى ثلاث مناطق.
ومثل عام 1908 نقطة محورية في الصراع على الأحواز باكتشاف النفط تحت أراضي الإقليم، لتحتل إيران الإقليم عسكريًا في 1925.
اقرأ أيضًا: لماذا تأخر تغريم إيران عن تفجيرات الخبر 22 عامًا؟
اتبعت السلطة الإيرانية سياسات تمييزية ضد عرب الأحواز في التوظيف والثقافة، وتمنع تعليم اللغة العربية، ضمن خطط لتغيير طابع الإقليم وتركيبته السكانية.
وقاد عرب الأحواز عدة ثورات ضد الحكم الإيراني لأراضيهم، بدأت بثورة الحويزة 1928، وشكلت حكومة دامت 6 أشهر، قبل حصار الجيش الإيراني للمدينة وإخماد الثورة.
واستمرت الثورت أعوام 1936، و1940، و1943، و1944، و1945، و1946، و1949.
وتنوعت المقاومة بين السلمي والعسكري. وتشكل أول حزب سياسي منظم عام 1946، بعدها تشكلت منظمات ثورية وسياسية متعددة.
دعم سكان الأحواز الثورة الإيرانية عام 1979 ضد نظام الشاه. وكان الشيخ الخاقاني، القائد الروحي للأحوازيين، على اتصال بقائد الثورة الخميني قبل مجيئه إلى إيران، حيث تمكن العرب من شل الاقتصاد بوقف استخراج النفط ضمن سلسلة من الاحتجاجات ضد النظام البهلوي، بعد وعود الخميني بمنح الإقليم حكمًا ذاتيًا، لكنه انقلب على وعوده فور استقراره في قم، وبادر بتدخل عنيف في الإقليم راح ضحيته المئات.
وشارك عرب الأحواز في الحرب الإيرانية العراقية ضد صدام حسين، ويقول أمير طاهري، صحفي وكاتب إيراني من الأحواز، في مقال نشرته نيويورك بوست في 2007، إن قتلى عرب الأهواز في الحرب وصل أربعة أضعاف عدد القتلى الإيرانيين من أعراق أخرى.
في 2005، بدأ عرب الأحواز أعمال شغب عنيفة، بعد تسريب رسالة من محمد علي أبطحي، مستشار الرئيس محمد خاتمي، تقترح تدابير لتقليل نسبة العرب في خوزستان.
ونفذت عدة تفجيرات في الأحواز في تلك الفترة، أعدمت طهران لاحقًا خمسة عرب بتهمة تنفذيها.
وفي 2006، اضطر الرئيس محمود أحمدي نجاد لإلغاء زيارة شعبية إلى الإقليم تحت ضغط الغضب الشعبي، قبل أن يجري لاحقًا زيارة مختصرة ووسط تشديدات أمنية مكثفة.
وفي 2011، نظمت الأقلية العربية السنية موجة احتجاجات بمناسبة الذكرى السادسة لأحداث 2005، أسفرت عن مقتل أكثر من 15 محتجًا وجرح واعتقال آخرين، كما قتل ضابط أمن وأصيب آخر.
وفي 17 مارس 2015، تحولت مباراة كرة قدم بين فولاذ الأحواز والهلال السعودي إلى مواجهات عنيفة، شنت الشرطة على إثرها حملة اعتقالات موسعة ضد المشجعين، الذين رفعوا علم استقلال الأحواز، ورددوا شعارات تطالب بحقوقهم وبوضع حد للقمع والتهميش.
استخدمت السلطات العنف المفرط والذخيرة الحية ضد الحشود، ما أدى لسقوط جرحى، بعضهم بإصابات خطيرة، بينما هاجم المشجعون العرب عربات الأمن.
وفي فبراير 2017، بدأت احتجاجات ضخمة جديدة، بعد مقتل شاب عربي برصاص الأمن في مدينة الفلاحية شرقي الأحواز، في مظاهرات احتجاجًا على انقطاع الماء والكهرباء عن 12 مدينة أحوازية، رغم تصدير الإقليم للطاقة والماء للعراق وعدد من المحافظات الإيرانية الأخرى.
اقرأ أيضًا: أزمة المياه في العراق.. تركيا وإيران وجفاف الرافدين
وفي مارس 2018، اندلعت مظاهرات جديدة ضد النظام الإيراني، رددت شعارات مناهضة لسياسة القمع الطائفي لحكومة الملالي، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريقها، واعتقلت العشرات.
ويطالب المتظاهرون بحقهم في تعليم أطفالهم اللغة العربية، والعمل في المؤسسات البترولية الضخمة.
اقرأ أيضًا: لعنات ثلاث تضرب إيران.. إلى أين تصل الاحتجاجات؟
نسخة للطباعة