أفخاخ الإسلاميين في دقائق (9) – فخ الفقه الحركي | هاني عمارة

أفخاخ الإسلاميين في دقائق (9) – فخ الفقه الحركي | هاني عمارة

3 Sep 2019
هاني عمارة دقائق.نت

هاني عمارة

باحث في جماعات الإسلام السياسي والتراث الإسلامي

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

واجهت جماعات الإسلام السياسي إشكاليات مبكرة تتعلق بالتأصيل الشرعي لمسألة وجود تنظيم خارج عن سلطة الدولة، وخلق آليات شرعية تتبعها حتى الوصول لسدة الحكم. الإشكالية خلقتها المنظومة التشريعية السلطوية التقليدية في الإسلام، والتي تفترض وجود دولة يحكمها إمام يدير الأحكام فيها على ميزان الحلال والحرام، دون إقرار بوجود جماعات خارجة عن سلطة الإمام.

تلك الجماعات وجدت الحل في استحضار مسار السيرة النبوية، والتعامل معها كأساس شرعي للعمل الحركي، ومنه انبثق الفقه الحركي. الاستحضار استدعى قياسًا خطيرًا يقوم على اعتبار المجتمع المعاصر جاهلي بحكامه ومحكوميه؛ باعتباره يعادل كفار قريش، على أن تكون الجماعة وحدها هي الفئة المؤمنة.

بهذا الطريق، أنتجت الجماعة العديد من كتب ودراسات الفقه الحركي. المفهوم تسرب إلى الثقافة الإسلامية العامة وآليات التعاطي مع سيرة النبي محمد، ويكتب فيه قيادات إخوانية كبرى مثل سعيد حوى في “جند الله” وفتحي يكن في “ماذا يعني انتمائي للإسلام” و”أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي” ومحمد السيد الوكيل في “القيادة والجندية في الإسلام”.

يبقى  الكتاب الأخطر على الإطلاق في الفقه الحركي هو “المنهج الحركي للسيرة النبوية” للسوري منير محمد الغضبان، أحد الكتب الأساسية في هذا المجال، والذي تدارسه الإخون في أسرهم إلى ما قبل 2013 ؛ كونه يعيد قراءة السيرة ويكيفها في خطوات عملية لتحريك التنظيم داخليًا وفي تعامله مع الآخر.

في النقاط التالية، نذكر عشر آليات ووسائل ميكيافيلية تحت مظلة الفقه الحركي تضمنها الكتاب:

البلاهة حتى التمكين

وفق منهج الفقه الحركي يجب على أتباع الحركة الإسلامية إظهار البلاهة مرحليًا. يقول الغضبان:

ولا شيء أقوى للحركة الإسلامية من أن تتعامل مع حلفائها أو أعدائها ببلاهة ظاهرية، بحيث تعرف مخططاتهم وتتظاهر بجهلها؛ لأن هذا التعامل هو الذي يكشف المخبوء من النوايا، والمستور من الشر 

ويضيف:

إن أقوى ما يكون في الخطة هي أن تبدو ساذجًا مغفلًا مع خصمك، وتظهر له انخداعك به حتى يتابع خطته

الرشاوي لاختراق الخصوم

يقول الغضبان:

قد لا تهيئ الظروف للمسلمين الوصول إلى أعدائهم نتيجة الحراسة عليهم وتحصنهم في حصونهم، فبالمال أو إغراء أفراد من قلب التنظيم الكافر يمكن القضاء على أولئك الأعداء. والحرب خدعة 

اختراق المؤسسات الأمنية

يقول الغضبان:

لو أن ضباطًا في جيش يحملون في السر إنتماء إسلاميًا لحركة مجاهدة، فليس بالضرورة أن يكشف عن هويتهم ويعلن إسلامهم، طالما أن في إخفاء شخصيتهم مصلحة للإسلام والمسلمين

استغلال المحسوبية والأعراف

لا يعتقد الإسلاميون بالعموم في شرعية آليات ومؤسسات الدولة الحديثة وكذلك الكثير من الأعراف الاجتماعية، ويرونها نظمًا جاهلية مخالفة للمنهج الرباني، لكنهم يتعاملون معها بمنطق برجماتي. يقول الغضبان:

والاستفادة من العصبية الجاهلية في حماية شباب الدعوة أمر شرعي؛ فابن العائلة الكبيرة والقبيلة الضخمة الذي يستطيع أن يوظف زعيم هذه العائلة لحمايته لا يعني أنه قد تخلى عن دينه بذلك. واستفادة بعض الدعاة من ضابط كبير في الجيش أو المخابرات، أو وزير متنفذ في دولة، لا ينقص من عقيدة هذا الداعية ومن دينه شيئًا

اختراق الحلفاء

يضع الإسلاميون الأحزاب والهيئات مع السلطة في خانة واحدة وضعية المرجعية، لكنهم يجيزون التعاون معهم مرحليًا، ويعملون على اختراق كياناتهم وزرع الموالين داخلهم. يقول الغضبان:

كما لا بد أن يكون للحركة الإسلامية رجالها في صفوف العدو المحالف، تكشف مخططاتهم واتجاهاتهم في نقض العهد أو الوفاء به

استغلال “قوانين الجاهلية”

يقول الغضبان:

ونخلص من هذا إلى أن الاستفادة من قوانين الجاهلية أمر مشروع إن كان فيه مصلحة للدعوة. وليس هذا طعنا في الدين، وليس هذا احتكارا لغير شريعة الله. كما يدور بخلد بعض المتحمسين

التستر بالوطنية والشعبية

ازدواجية الخطاب بارزة عند الإسلاميين؛ إذ يستخدمون شعارات لا يؤمنون بها في الخطاب العام وعند الحوار مع القوى السياسية الأخرى. يقول الغضبان مبررًا:

ونود لشباب الدعوة الإسلامية أن يدركوا هذا المعنى النبوي ويفقهوه. حين يرون قيادة الدعوة في مرحلة من المراحل تبحث عن قاسم مشترك بينها وبين بعض أعدائها لتجعلهم يقفون في صفها ضد عدو أخطر وأكبر. وحين يرون قيادتهم تقبل الحديث عن عاطفة الوطن وعاطفة الأمة، أو يتحدثون عن الضعفاء من الفئات المظلومة. بحيث يمثل القاسم المشترك نقاط لقاء مرحلي مع هذا العدو ضد عدو آخر

السلمية حسب المصلحة

يصرح الغضبان بأن تظاهر الجماعة بالسلمية ونبذ العنف مجرد سلوك اجتهادي تحدده والمصلحة، وأن خيار العنف قائم إن سنحت الفرصة. يقول

فما من حركة إسلامية قامت وأقامت منهج الله في الأرض، إلا اعتمدت التنظيم السري في بداية الأمر، ثم انطلقت إلى إعلان فهمها الحركي للإسلام، من خلال الحكمة والموعظة الحسنة، ثم واجهت المجتمع المنحرف جاهليًا كان أو فاسقًا، وتسنمت سدة الحكم، واعتمدت القوة للحفاظ على المبدأ من الحرب المسلحة التي يشنها أعداؤه عليه. بينما بقيت قضية اعتماد السلاح والقوة في مرحلة الدعوة أمرًا اجتهاديًا

الاغتيال السياسي

خصص الغضبان فصلًا كاملًا يخص “عمليات الاغتيال وأثرها في بث الرعب في صفوف العدو” دلل فيها على شرعية الاغتيال ولو دون إذن القيادة بـ 6 قصص من السيرة. الأخطر أنه دلل على ذلك باغتيال الرئيس السادات.

يقول:

والذي يربط بين الحادثتين أنهما تمتا بدون إذن من القيادة، وأقرتهما القيادة النبوية بعد ذلك وهذا يعني أن من يستحق القتل في حربه المسعورة ضد الإسلام، وليس هو مجال شبهة في هذا العداء، وأقدم شاب على قتله، في الحرب المعلنة بين دولة الإسلام ودولته أو هو فهو نصر للإسلام يظهر الغيب

ويعتبر الاغتيال فنا يجب إتقانه ضعفت الحركة لما أهملته فيقول:

لقد حقق الاغتيال هدفه حين أحكمت خطته ونفذت تمام التنفيذ، ومهمتنا نحن اليوم أن نتقن هذا الفن ونحكمه

اغتيال الأقارب الخصوم

يعمل الكتاب على تهيئة الكوادر لإمكانية اغتيال أقاربهم من المحسوبين على صفوف العدو، فيقول:

وهذا يعني أن أقدر الناس على تنفيذ عمليات الاغتيال، أبعدهم عن الشك فيه، ومن يمت بقرابة أو صلة رحم أو صداقة من هذا المجرم. وإنها لمسؤولية ضخمة لأولئك الإخوة المنبثين في صفوف العدو حيث يأمن العدو جانبهم للقرابة أو موقع الوظيفة

تسليم الأتباع للعدو

 يهيئ الكتاب أتباع التنظيم لفكرة أن الجماعة قد تسلمهم للأعداء أو تتخلى عنهم في سبيل المصلحة العليا للدعوة. يؤصل الغضبان لهذه الفكرة بقصة سعد بن عبادة في بيعة العقبة عندما احتجزته قريش ولم يتحرك الرسول والصحابة لنجدته. يقول:

وقد تضطر الحركة الإسلامية في موقع آخر ألا تتدخل لحماية أحد أبنائها مباشرة؛ إما لعجز في الإمكانية، أو لمصلحة في التخطيط. فلا يكشف من خلال هذا التدخل علاقتها به. فهذا لا يضيرها ولا يدينها، بل تبقى دائمًا مصلحة الجماعة الإسلامية فوق مصلحة الفرد


ملف أفخاخ الإسلاميين في دقائق

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك