من حلايب إلى سد النهضة: الغموض يهزم الوضوح في علاقة مصر والسودان

من حلايب إلى سد النهضة: الغموض يهزم الوضوح في علاقة مصر والسودان

31 May 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

تنتظم الملفات الرئيسية التي يدور عليها الخلاف بين مصر والسودان في موضوع سد النهضة من الجانب المصري، وموضوع النزاع الحدودي حول حلايب من الجانب السوداني،

ويضاف إليه استضافة السودان لبعض المنتمين للإخوان المسلمين من مصر، واتهامات السودان لمصر بدعم الحركات المسلحة في دارفور، ومحاولة مصر إبعاد السودان عن المحور التركي القطري.

التقلب في العلاقات

تتميز العلاقات المصرية السودانية بأنها علاقات معقدة للغاية، فهي دائمًا تتنقل بين العلاقات الودية إلى الخصومة الشديدة، وبين التصعيد المفاجئ ثم تخفيض التوتر بشكل سريع، وكلا الطرفين يعامل الآخر سياسيًا بحساسية مفرطة.

يمكننا قراءة هذا بمراجعة طبيعة علاقة البلدين منذ استقلال السودان، ويعد ماجرى في الشهور القليلة الأخيرة نسخة مصغرة تجسد هذا الوضع.

في فبراير 2017  أثار السودان قضية حلايب مجددًا وهدد البشير باللجوء لمجلس الأمن بشأن قضية حلايب،

وفي مارس  أودع السودان إعلانًا لدى الأمم المتحدة كمذكرة اعتراض تضمنت القرار الجمهوري السوداني بتحديد نقاط الأساس للسودان متضمنًا  مثلث حلايب وشلاتين.

في أبريل ومايو، اختلف البلدان ثم اتفقا على نظام جديد للتأشيرات بينهما، ليعود البشير في أواخر مايو ويتهم مصر بدعم المعارضة المسلحة في دارفور عبر الحديث عن إحباط السودان لهجوم عسكري انطلق من ليبيا باتجاه السودان واستخدمت فيه مدرعات مصرية.

                             

ثم أعلن السودان حظرًا علي استيراد السلع الزراعية والحيوانية من مصر، ثم رفض السودان  مع بقية دول الحوض في 22 يونيو استضافة مصر للقمة القادمة لدول حوض النيل،

ثم فجأة صرح وزير الإعلام السوداني تصريحًا نادرًا قال فيه، إنه يدعم مصر في ملف سد النهضة، وإن “قناة الجزيرة تتمسك بخط إعلامي واضح، هو إسقاط النظام وإثارة الفوضى في مصر، وهذا خطأ لن نسمح به” ولكنه لم يلبث لاحقا أن قال إن هذا رأيه الشخصي.

اتجاه السودان لتركيا

وعاد السودان للتصعيد بحديث وزير خارجية السودان السابق في نوفمبر الماضي لقناة “روسيا اليوم”  والذي قال فيه، إن مصر كانت تستولي على حصة السودان من المياه، وهو تصريح جاء بعد أيام من ظهور الخلافات حول سد النهضة إلى اسطح مجددًا.

وفي ديسمبر زار أردوغان الخرطوم، وأثير موضوع  مشروع جزيرة سواكن واعتبرت مصر أن ما يجري هو في إطار خطة للتآمر عليها.

وفي أوائل يناير استدعى السودان سفيره، ووصلت الأمور بين البلدين إلي منعطف حاد للغاية، وشهد الإعلام تصعيدًا متبادلًا عاد ليخبو أواخر الشهر مع القمة الثلاثية بين مصر والسودان وأثيوبيا في أثيوبيا، وفي أوائل مارس عاد السفير السوداني إلى القاهرة ثم جاء البشير لزيارة القاهرة.

علاقة مصر والسودان محطات خلاف وتوافق

حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان

وفي 5 أبريل، تم الإعلان عن فشل في الوصول لاتفاق حول سد النهضة  في الاجتماع التساعي الأول الذي ضم وزراء الخارجية والري والمخابرات في البلدان الثلاثة، ثم الإعلان عن الاتفاق على وثيقة مخرجات في الاجتماع التساعي الثاني الذي عقد قبل أيام.

أهداف السودان

وفي ظل هذه الأحداث المتلاحقة والتي تعلو وتهبط باستمرار، فإن ما يمكن استنتاجه هو أن السودان يضغط على مصر بملف السد بالأساس ثم ملف الإخوان المسلمين والتحالف مع تركيا وقطر.

وأحيانا بالملف الاقتصادي؛ بغرض إجبار مصر على قبول التفاوض أو التحكيم بخصوص قضية حلايب.

كما يسعى السودان لتحييد مصر عن بقية حلفائها من خلال مشاركته مع السعودية والإمارات في حرب اليمن، وربما يريد السودان استمالة السعودية بعد أن كان اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية إقراراً بموافقتها على وجهة النظر المصرية في مسألة حلايب.

غموض وتذبذب

ولكن إذا كان غموض تذبذب العلاقة معتادًا فإن مشاهد أخرى من الغموض أضيفت للمشهد،

فبعد ثلاثة أيام فقط من الاجتماع الرباعي الذي ضم وزير الخارجية السوداني ورئيس المخابرات محمد عطا المولي، أقال البشير الأخير،

وبعد أقل من أسبوعين من اجتماع وزراء الري والخارجية والمخابرات في البلدان الثلاث في أوائل أبريل الذي أعلن فيه عن فشل الوصول لاتفاق، أقال البشير  وزير خارجيته أيضًا.

كما تم تغيير رئيس المخابرات المصرية في ذروة الخلاف بعد أسبوعين من سحب السودان لسفيره، وقبل يوم واحد من زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين للقاهرة.

بالطبع قد تكون هذه الإقالات لأسباب أخرى داخلية أو صحية إلخ، لكن تكرار الارتباط الزمني مع تكرار التغير صعودا وهبوطًا، أمر ملحوظ جدًا.

ومن الجوانب الغامضة أيضًا أنه من الواضح ان مضمون الاتفاقات التي يهلل لها الجميع لا تتعدي الاتفاق الشكلي.

ففي 3 يونيو وعقب لقاء وزيري خارجية البلدين في أجواء متوترة تم الاتفاق علي تصفية الأجواء وترك قضية حلايب للرئيسين فقط،

و في قضية سد النهضة فإن وثيقة المخرجات التي أعلن عنها مؤخراً تؤكد علي دورية انعقاد قمة الرؤساء الثلاث وتعطي ثلاثة أشهر إضافية لدراسات تعرض علي وزراء الري وكأنها فسحة وقت جديدة.

الخلاصة هي أن الغموض بين مصر والسودان يفوق الوضوح بمراحل.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك