‎نادين لبكي.. رحلة الصعود من مسابقات المواهب لجوائز الأوسكار | أمجد جمال | دقائق.نت

‎نادين لبكي.. رحلة الصعود من مسابقات المواهب لجوائز الأوسكار | أمجد جمال | دقائق.نت

21 Feb 2019

أمجد جمال

ناقد فني

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

ساعات تفصلنا عن إسدال الستار الأخير لموسم الجوائز السينمائية 2018، وفي هذه الأثناء تستعد المخرجة اللبنانية نادين لبكي لحضور حفل توزيع جوائز الأوسكار، بعد ترشيح فيلمها الأخير كفرناحوم لجائزة أفضل فيلم أجنبي، لتصبح أول امرأة عربية تترشح لهذه الجائزة.

نادين تعلم ضآلة فرصها في الفوز، بدخولها في منافسة مباشرة مع فيلم Roma للمكسيكي ألفونسو كوارون، وهو الفيلم الأعلى حظوظًا، ليس في اقتناص الجائزة وحسب، بل واقتناص الجائزة الأصعب والأرفع “أفضل فيلم”.

المهمة شبه مستحيلة على لبكي، لكن حماسها لم يخفت للحظة؛ فالترشيح بحد ذاته شرف لم ينله مخرجون عرب إلا مرات معدودة على أصابع اليدين.

كيف تصرفت نادين في مواجهة وحوش الدعاية

وفي مسابقة سينمائية تحسمها – في الغالب – حملات الدعاية الكبرى بواسطة شركات الإنتاج والتوزيع، اختارت نادين أن تكون صفحتها على موقع إنستجرام مصدر حملتها، حيث يتابعها مئات الآلاف بينما تصور نفسها مباشرة في أوقات الإعلان عن ترشيحات الجوائز المختلفة، وتسجل ردود أفعالها المباشرة، مع من تحبهم داخل منزلها، فتشارك المتابعين فرحتها الهيستيرية مع كل إنجاز جديد يحققه فيلمها، بالإضافة لباقة لا تنتهي من المنشورات والقصص (Stories) بمشاركة صناع الفيلم، وعشرات اللقاءات الصحفية، والندوات السينمائية في مهرجانات العالم.

نجوم تقابلهم كل يوم

كفرناحوم هو الفيلم الطويل الثالث من إخراج وتأليف لبكي، ويحكي قصة من واقع الحياة في الأماكن الفقيرة في لبنان؛ كلمة كفرناحوم تعني الفوضى والعشوائية في اللهجة اللبنانية. والفيلم يرصد معاناة صبي من أطفال الشوارع، يعيش في بيئة تفتقد أبسط مقومات الحياة الآدمية. هذا الفتى واسمه زين يقرر مقاضاة أبويه لأنهما وهباه الحياة!

بدلًا من الاستعانة بممثلين محترفين، فضلت لبكي أن تستعين بالشخصيات الحقيقية، والجزء الأكبر من عملية الكاستينج حدث في شوارع بيروت، زين (نفس اسمه الحقيقي) يمثل شخصية لا تبتعد عن واقعه كثيرًا، فهو لاجئ سوري حضر إلى لبنان ليعيش نفس ظروف الفقر والإهمال التي يعانيها من هم مثله في لبنان.

 النبرة الواقعية في أسلوب الفيلم هي الأعلى في تاريخ لبكي بشهادة كل من شاهده. بساطة الشخصيات والواقعية عاملان مشتركان في كافة الأعمال التي ميّزت نادين، فهي دائمًا منشغلة بتقديم الحياة اليومية للطبقة العاملة، من رصد لهموم تلك الطبقة، أو حتى الاحتفاء ببساطة حياتهم، ونبل تطلعاتهم.

نجدها في عز اشتعال الحرب اللبنانية عام 2006 تختار تقديم “سكر بنات” وهو فيلم أقل انشغالًا بالوضع العام المشتعل، وتدور معظم أحداثه في إطار الكوميديا اللايت بداخل صالون تجميل للنساء، بلا حبكة درامية أو مسار متصاعد لعقدة قصصية بعينها، يتابع الفيلم تفاصيل حياة خمس سيدات تعملن بهذا الصالون أو ترتدنه، ويقدم نظرة عامة وغير تقليدية على واقع الحياة في المدينة.

ورغم أن فيلمها التالي “هلأ لوين؟” يتناول قضية الفتنة الطائفية، إلا أن الجزء الأكبر منه بدا احتفاءً بصريًا وموضوعيًا بتفاصيل الحياة الريفية والعادات والتقاليد، حيث تدور الأحداث داخل قرية فقيرة يعيش سكانها المسلمين مع المسيحيين في سلام لحقب تاريخية ممتدة، ويتجاور المسجد والكنيسة. إلا أن الفتن تخترقهم عبر المنصات الإعلامية، لذا تقرر نساء القرية مسلمات ومسيحيات التعاون لوضع خطة تمنع رجالهن من الاستجابة للفتن والدخول في حرب طائفية.

تفعلها نادين بنفس نبرة الكوميديا اللايت، والاسكتشات المتتابعة غير المقيدة بعقدة درامية، كما فعلت في “سكر بنات”، وبحس أكثر فانتازية عن المتوقع من فيلم لبناني يتناول الحرب الأهلية. منحازة لما تؤمن به، وهو أن البشر طيبون بطبعهم، والمرأة هي حائط الصدّ الحقيقي ضد التهديدات الوجودية.


أفضل طرق اختيار عنوان لفيلمك، وأنجحها في تاريخ السينما | أمجد جمال | دقائق.نت

10 سنوات على توم وسمر.. من الظالم والمظلوم؟ | أمجد جمال | دقائق.نت


الأغاني المصورة.. نقطة انطلاق ومصدر إلهام

في بداية التسعينيات، شاركت نادين لبكي في برنامج المواهب العريق “ستوديو الفن”، حيث عرضت فيه مقاطع فيديو موسيقية قصيرة قامت بإخراجها.

ولم تعان نادين كونها امرأة من دخول صناعة السينما، تقول: “لا توجد صناعة سينما في لبنان من الأساس كي تقع تحت سيطرة الذكور”. هذا العامل ربما لعب دورًا في دخولها عالم السينما عبر اللجوء لوسيط فني آخر، وهو الفيديو كليب.

ومع نهاية التسعينيات، بدأت نادين لبكي في إخراج سلسلة ناجحة من الأغنيات المصورة، صنعت بها نجومًا كبارًا في الشرق الأوسط. لعل العملين الأبرز كانا من نصيب “نانسي عجرم”. أخاصمك أه”، و”أه ونص”.

غير معلوم إن كانت نادين ما زالت فخورة بتلك الأعمال أو تبرأت منها، لكن بالنظر لها الآن فقد كانت أعمالًا مميزة فعلًا، وأحدثت حراكًا كبيرًا في فن صناعة الأغاني المصورة.

https://www.youtube.com/watch?v=INmODwohZv8

العمل الأول أثار جدلًا كبيرًا وقت عرضه، بسبب رقصات وإيحاءات المطربة التي اعتبرها البعض جنسية، والثاني حقق نجاحًا ملحوظًا، وجعل الجمهور أكثر تصالحًا مع فكرة الغناء الاستعراضي، وتفهمًا لتعبير المطربات عن أنوثتهن، بعد تاريخ موسيقى مترسخ كان فيه الوقار والجمود الحركي (وأحيانًا الذكورة) هو ما يعطي الهيبة والمصداقية للأصوات النسائية، باستثناءات قليلة.

الملاحظ أيضًا، أن العملين يجمعهما نفس العنصر السينمائي الذي ذكرناه سلفًا، وهو تناول حياة الطبقة العاملة، وعاداتها اليومية البسيطة، الفارق أن الواقع هنا كان مستوحى من البيئة المصرية لا اللبنانية، تناسبًا مع اللهجة التي كُتبت بها كلمات الأغاني، وقد استلهمتها نادين من الأفلام المصرية الكلاسيكية.

ولا شكّ أن صناعة الأغاني المصورة ألهمت نادين سينمائيًا فيما بعد، خاصة وان أفلامها الأولى تتميز بوجود أغنيات درامية، تعلق على الأحداث، وتعبر عن تطورها بطريقة الفوتومونتاج، وقد قام زوجها “خالد مزنر” بتلحين وتوزيع تلك الأغنيات.

العالمية ومفترق الطرق

الآن، وبعد أن وضعت نادين لبكي اسمها على خريطة السينما العالمية، يبقى السؤال إذا كانت ستستمر في تقديم أفلام ناطقة بالعربية أم ستستقر في الخارج لصناعة أفلام بالإنجليزية على طريقة المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، أو السعودية هيفاء المنصور، أو الآخرين من جنسيات مختلفة ممن ذاعت شهرتهم فخطفتهم الصناعة الأمريكية.

ورغم تلقيها عروضا بالفعل من الخارج، إلا أنها نفت في أكثر من مناسبة نيتها الاتجاه نحو ذلك المسار. في حوار لها تقول لصحفية الجارديان:

إن صناعة فيلم عملية مرهقة للغاية، لا يجب أن نفعلها إلا كي نوصل رسالة ما. والسبب الوحيد الذي يجعلني أريد الفوز بجائزة الأوسكار هو الخطاب المكوّن من ثلاثين ثانية. أريد أن أحوله لشيء له معنى، بالنسبة لي، وللسينما، وللنشاط الاجتماعي. أؤمن حقًا بأن السينما يمكنها إحداث ذلك التغيير الاجتماعي


GREEN BOOK.. ما نجح فيه “الكتاب الأخضر” وفشلت فيه السينما المناهضة للعنصرية‎ | حاتم منصور

لماذا تحتاج الأوسكار ونحتاج معها إلى فوز “مولد نجمة” بجائزة أفضل فيلم؟‎ | حاتم منصور | دقائق.نت


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك