كيف تورطت هواوي في صراع السياسة والتجسس؟ | س/ج في دقائق

كيف تورطت هواوي في صراع السياسة والتجسس؟ | س/ج في دقائق

27 Jan 2019
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

فودافون، ثاني أكبر مشغل للهاتف المحمول في العالم، تعلن وقف استخدام معدات هواوي في شبكاتها الأساسية، لحين توصل الحكومات الغربية لحل بشأن المخاوف ذات الصلة بأنشطة عملاق الاتصالات الصينية.

الرئيس التنفيذي لفودافون حذر، الجمعة، من تكاليف أعلى وتأخير كبير في إطلاق الجيل الخامس ستواجهه صناعة الهواتف المحمولة في أوروبا حال فرض حظر شامل على معدات هواوي.

بالتزامن، قدم السفير الكندي في بكين استقالته من منصبه، بعد تصريحات مثيرة للجدل عن الشركة.

وحظرت عدة دول هواوي من توريد أجهزة الجيل الخامس إليها، بينما تتجه دول أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة، بينما تتزايد الضغوط في تحالف العيون الخمسة.


لماذا تتفوق 5G هواوي؟

تعد الشركة الصينية أكبر مورد عالمي لمعدات الشبكات، إذ تستخدم منتجاتها في أكثر من 170 دولة، وتخدم أكثر من ثلث سكان العالم، وتعمل بشكل قوي في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا وأجزاء من أوروبا، خصوصًا مع أسعارها الأقل، والتي تجعل مجاراتها أصعب.

وفي 2016، كشفت هواوي عن مشاركتها في أكثر من نصف شبكات الجيل الرابع (537 شبكة عالميًا)، و59 من 90 من شبكات الـ 4.5G.

ودشنت هواوي علاقات تجارية وثيقة مع شركات الاتصالات الكبرى في أنحاء أوروبا وآسيا لتضمن موقعًا رئيسيًا في قيادة السباق العالمي لشبكات الجيل الخامس.

وتسعى هواوي – بجانب إريكسون السويدية، ونوكيا الفنلندية –لتكون أحد أهم مقدمي الخدمة الجديدة، حيث وقعت بداية العام الماضي مذكرات تفاهم مع مشغلي شبكات اتصالات عالمية، بينها فودافون وأورانج، لتجربة معدات تشغيل الجيل الخامس.

هواوي أنفقت مليارات الدولارات لتطوير شبكات الجيل الخامس – رويترز

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وقعت هواوي 22 عقدًا تجاريًا تتعلق بالجيل الخامس، كما تعمل مع أكثر من 50 شركة طيران عالمية على اختبارات تجارية لتشغيل التقنية الجديدة.

وتقول الشركة إن حلول الـ 5G التي توفرها تساعد شركات الاتصالات على بناء الشبكات الجديدة بشكل أسرع وأسهل، وبتكلفة أقل.

ومن المتوقع أن تغطي الموجة الأولى من الاستخدام التجاري للجيل الخامس ثلث سكان العالم، وفقًا للجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول. ومن المتوقع أن يتجاوز حجم تسويقها التجاري الجيلين الثالث والرابع.


لماذا تثير هواوي كل هذه المخاوف؟

في أغسطس/ آب 2018، تفوقت هواوي على آبل لتصبح ثاني أكبر شركة للهواتف الذكية في العالم خلف سامسونج.

وفي الربع الثاني من 2017، باعت الشركة الصينية 54.2 مليون هاتف، لتشكل 15٪ من حصة السوق.

وتحظى هواتف هواوي بشعبية عالمية، لكن العديد من البلدان منعت الشركة من توفير معدات تشغيل الجيل الخامس، لمخاوف تتعلق بالأمن القومي.

هواوي شركة خاصة، لكن المخاوف قائمة من إجبار أجهزة الأمن الصينية للشركات المحلية على المساعدة في جمع معلومات استخبارية، وفق قانون مكافحة التجسس الذي مررته بكين.

توسع هواوي يثير مخاوف الحكومات الغربية بشأن علاقاتها الوثيقة مع السلطات الصينية، واستعدادها لتصدير تكنولوجيات إلى الدول الخاضعة للعقوبات.

وعلى مدار العامين الماضيين، أفادت تقارير أن هواوي تحايلت على العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية وإيران، وزودتهما بمعدات يمكن استخدامها في عمليات تجسس واسعة النطاق على السكان، أو ما يسمى بتكنولوجيا الاستخدام المزدوج.

مدير الاستخبارات الأسترالية مايك بورغس وصف توريدات هواوي بـ “عالية المخاطر”، مضيفًا أن شبكة الجيل الخامس ستدعم شبكات المياه والكهرباء والأنظمة الصحية، والسيارات ذاتية القيادة، ومن ثم فإن إمكانية الاختراق بسبب معدات مماثلة عامل يستوجب الحذر.

رين شينغفي، مؤسس هواوي، هو ضابط مهندس سابق في الجيش الصيني، وداعم للحزب الشيوعي

وبحسب تقرير نشرته  نيويورك تايمز في عام 2014، استنادًا إلى وثائق سربها إدوارد سنودن، تدير وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) منذ 2007 برنامجًا سريًا ضد هواوي، يشمل اختراق شبكاتها الداخلية، تخوفًا من التهديد الأمني الذي تشكله الشركة كـ “باب خلفي” للمخابرات الصينية.

وفي 2013، قال مايكل هايدن، الرئيس السابق لوكالة الأمن القومي إنه شاهد “أدلة قاطعة على أبواب خلفية” في معدات شبكات هواوي، وإن الشركة متورطة في عمليات تجسس، وإنها تتشارك معلوماتها حول أنظمة الاتصالات الأجنبية مع الحكومة الصينية.


من حظر هواوي؟

تحركت بالفعل عدة حكومات لمنع استخدام معدات هواوي في تشغيل شبكات الجيل الخامس.

وول ستريت جورنال قالت إن إدارة ترامب تحاول إقناع مقدمي الخدمات اللاسلكية والإنترنت في الدول الحليفة بتجنب أجهزة الاتصال التي تنتجها هواوي، بدعوى تمثيلها مخاطر على الأمن الإلكتروني.

واشنطن قلقة من استخدام أجهزة اتصال صينية في دول تستضيف قواعد عسكرية أمريكية مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان

ومنعت لوائح أمريكية في أبريل/ نيسان، الشركات الحكومية من التعامل مع الشركات التي تمثل تهديدًا أمنيًا، وكان يُعتقد أنها طريقة لعرقلة عمليات الشراء من هواوي وزد تي إي الصينيين.

 في يوليو/ تموز، رفعت واشنطن الحظر المفروض على زد تي إي، كجزء من تسوية بلغت قيمتها مليار دولار.

وفي أغسطس/ آب، منعت الحكومة الأسترالية هواوي وزد تي إي من توريد المعدات إلى شبكة الجيل الخامس الاسترالية، بدعوى حماية الأمن القومي.

ومنعت أجهزة الأمن النيوزيلندية هواوي من توريد عدة شبكات متنقلة إلى شركة محلية لاعتبارات الأمن القومي في نوفمبر/ تشرين الثاني.

مدير مكتب حماية الاتصالات التابع للحكومة أعلن عن تحديد مخاطر أمنية كبيرة على الشبكة.

وفي المملكة المتحدة، أعلنت شركة (BT) أنها ستزيل معدات هواوي من المناطق الرئيسية لشبكة الجيل الرابع، وسط مخاوف من MI6 حول مشاركة الشركات الصينية في مثل هذه البنية التحتية.

وحتى الآن، لم تتخذ الحكومة البريطانية قرارًا رسميًا بالحظر، لكنها طالبت مشغلي الاتصالات بالتدقيق في موردي معدات الجيل الخامس بحذر قبل التعاقد.

وفصلت هواوي موظفًا صينيًا اعتقلته بولندا بتهمة التجسس، وقالت في بيان إن التصرفات المزعومة لموظفها “لا علاقة لها بالشركة”.

مسؤول كبير في الحكومة البولندية قال إن بلاده قد تحظر على الهيئات الحكومية استخدام منتجات هواوي، وقد تصدر تشريعًا يحد من انتشارها بين المواطنين.

وتلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرات أمريكية بشأن استخدام أجهزة اتصالات صينية في قطاعات حساسة، وتحذيرات من أن الإدارة الأمريكية “لا تريد أي عوائق تمنعها من تبادل معلومات حساسة مع الإسرائيليين”.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016، استحوذت هواوي على هكسا تير الإسرائيلية المتخصصة في تأمين قواعد البيانات، وعلى توجا نتووركس لأبحاث تكنولوجيا المعلومات، لكن هاآرتس قالت في نفس العام إن إسرائيل لديها سياسة غير معلنة بعدم استخدام تكنولوجيا هواوي أو زد تي إي خشية تعرضها لاختراقات أمنية.

وتتجه كندا لفرض حظر مماثل على هواوي، بحسب تقارير محلية، لكن وزير السلامة العامة رالف جودال وصفها بالتكهنات.

ولم تبت ألمانيا في مستقبل هواوي، لكن مسؤولين كبار قالوا إنهم يحاولون إقناع الحكومة بالنظر في استبعاد الشركات الصينية مثل هواوي من بناء البنية التحتية لتكنولوجيت الجيل الخامس في البلاد.

تقارير أخرى تحدثت عن حظر هواوي في اليابان، لكن المتحدث باسم الحكومة قال إن حكومته تجري محادثات مع الولايات المتحدة.

وفي الهند، قالت وسائل إعلام محلية إن هواوي منعت من المشاركة في تجارب الجيل الخامس، قبل أن تتلقى الشركة دعوة حكومية لاختبار معداتها في ثاني أكبر سوق للهاتف المحمول في العالم.

السلطات الأمنية في النرويج أثارت مخاوف مماثلة، وستشارك في مباحثات بين الحكومة ومشغلي الاتصالات حول الأمر في وقت لاحق هذا الشهر.

وزير المالية الفرنسي برونو لو مير قال إن استثمارات هواوي موضع ترحيب في بلاده، لكنه لم يستبعد وضع الحكومة “حدودا معينة” إذا تطرقت بعض الاستثمارات إلى السيادة الوطنية أو التقنيات الحساسة.


كيف ردت الشركة؟

نفت هواوي مرارًا تورطها في عمليات تجسس.

وفي بيان رسمي، تقول هواوي إن قرارات حرمانها من الدخول إلى أسواق الجيل الخامس لها دوافع سياسية.

القانون الصيني لا يمنح الحكومة سلطة إجبار شركات الاتصالات على تثبيت أجهزة تنصت، أو الانخراط في أي سلوك قد يضر بالشبكة. لا ينبغي أن يكون الفهم الخاطئ والضيق للقانون الصيني أساسًا للمخاوف بشأن أعمال هواوي. لم يُطلب من هواوي أبداً المشاركة في عمل استخباراتي نيابة عن أي حكومة.

وفي يونيو/ حزيران، قال رئيس هواوي الأسترالي جون لورد إن شركته سترفض تسليم البيانات الخاصة بالمستخدمين الأستراليين إلى الصين، معتبرًا أن مثل هذا الأمر “غير قانوني تمامًا”.

وفي ديسمبر/كانون الأول، قالت هواوي إنها ستنفق ملياري دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة للتركيز على الأمن الإلكتروني.


كيف دخلت القضية على خط السياسة؟

تحقق السلطات الأمريكية في أنشطة هواوي منذ 2016 للاشتباه في إرسالها معدات أمريكية لإيران ودول أخرى في انتهاك لقوانين التصدير والعقوبات الأمريكية، بحسب ما ذكرت مصادر رويترز في أبريل/نيسان الماضي.

وفي الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2018، اعتقلت السلطات الكندية، منغ وانزو، المديرة المالية لهواوي وابنة مؤسس الشركة، دون تفاصيل عن الأسباب، لكنها تواجه إمكانية الترحيل للولايات المتحدة.

وأثار اعتقال منغ وانزو عاصفة دبلوماسية. الخارجية الصينية قالت إن كندا والولايات المتحدة لم توضحا سبب الاحتجاز، وطالبت بإطلاق سراحها فورًا، وسط تلميحات بتضرر الهدنة التجارية بين بكين وواشنطن.

ورُقيت منغ وانزو في وقت سابق من العام الجاري لتصبح بين أربعة مدراء تنفيذيين يعملون نوابًا للرئيس بالتناوب، وهي خطوة اعتبرها كثيرون تمهيدًا لتوليها قيادة الشركة.

اعتقال منغ وضع كندا في موقف مزعج للغاية بين الصين والولايات المتحدة، أكبر شركائها التجاريين.

وتدهورت العلاقة بين كندا والصين في الأسابيع الأخيرة، وحذرت بكين أوتاوا من عواقب وخيمة ما لم يتم إطلاق سراحها.

جون ماكالوم، سفير كندا لدى الصين، قال إن بإمكان منغ وانزو تقديم حجج قانونية قوية لمساعدتها على تجنب تسليمها إلى الولايات المتحدة، بينها أن ادعاءات الاحتيال ترتبط بعقوبات إيران، التي لم توقع عليها كندا، بجانب تورط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إصدار أمر الاعتقال.

وأثار ترامب، الشهر الماضي، تساؤلات حول دوافع طلب التسليم، بتصريحاته لرويترز حول استعداده للتدخل في قضية منغ إذا كان ذلك سيساعده في إبرام صفقة تجارية مع الصين.

السفير الكندي في بكين كشف علمه بأن قضية منغ قد أزعجت الرئيس الصيني شي جين بينغ شخصيًا.

الرئيس كان غاضبًا جدًا من هذا الأمر، ولذا فإن آخرين في الحكومة الصينية أخذوا زمام المبادرة، ولا أعرف بالضبط سبب ذلك

وكتب رئيس تحرير صحيفة Global Times الصينية:

من الواضح أن الولايات المتحدة تدفع بخط المعركة نحو أبوابنا، ونحن نعتبر اعتقال منغ وانزو إعلان حرب على الصين

واضطر السفير الكندي للاعتذار، ثم الاستقالة لاحقًا، لكنه اعتبر أن من “المفيد جدًا لبلاده” أن تتخلى الولايات المتحدة عن المطالبة بتسليم منغ.

وحذر السفير الصيني إلى كندا، لو شايي، أوتاوا من تداعيات محتملة إذا منعت هواوي من توفير معدات شبكات الجيل الخامس، دون تقديم تفاصيل.

“نأمل أن تفكر كندا مرتين قبل اتخاذ أي إجراء”


نمو الاقتصاد الصيني يسجل أبطأ معدل في 3 عقود والنتائج يمكن أن تصيب الجميع | س/ج في دقائق


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك