هل نجحت الانتخابات التشريعية العراقية 2018؟ | واثق غازي

هل نجحت الانتخابات التشريعية العراقية 2018؟ | واثق غازي

30 May 2018
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

لكل قصة جانبان، زاويتا نظر على الأقل. وبالنسبة للانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة، فإجابة سؤال “هل نجحت الانتخابات؟” يعتمد على زاوية النظر تلك.

المراقب الخارجي

من وجهة نظر المراقب الخارجي، المهتم بمعرفة النتائج أكثر من التفاصيل الداخلية، نرى أن عجلة الديمقراطية في العراق لا تزال تدور، وإقامة الانتخابات بدون مشاكل كبيرة مؤشر جيد على الوضع السياسي الحالي في العراق. بل سنلاحظ، ولازلنا ننظر للموضوع من الخارج، أنه كلما تقدم الزمن بالعملية السياسية العراقية انسحب اللاعبون الدوليون من أرضية الملعب إلى المدرجات، من ممارسة الدور المباشر إلى الفرجة وانتظار النتائج. في العمليات الانتخابية السابقة كانت المفاوضات تتم بوساطات دولية مباشرة بين الأطراف العراقية المتنافسة. سفراء، مؤسسات وقوى متعددة كانت تمارس نفوذها وتضغط هنا وهناك لمجرد الوصول إلى لحظة إقامة الانتخابات.

هذه المرة الوضع مختلف، الانتخابات حدثت بعد حرب الأربع سنوات مع تنظيم داعش الإرهابي. حرب أنهكت الجميع وجعلتهم يستوعبون الدرس بالطريقة الصعبة، أن تكلفة الصراع سياسيًا وانتخابيًا لا تُقارن بتكلفة الحرب على الأرض. لذا كانت هناك قناعة لدى الأحزاب السياسية بالذهاب للانتخابات دون الحاجة إلى ضغط خارجي هذه المرة، وبدون تصعيد ولا استفزاز للآخرين مخافة انزلاق الوضع الذي لم تلتئم جراحه بعد. بالنتيجة، نجحنا في إقامة انتخابات هادئة ومسالمة، أو هكذا يراها المراقب الخارجي.

اقرأ أيضا: المؤسسات قبل الانتخابات

المراقب الداخلي

بالمقابل، إذا طرحنا سؤال نجاح الانتخابات على الداخل العراقي ستكون إجابته مختلفة. الداخل مهتم بجدوى الانتخابات والمصالح المتحققة من ورائها، لا مجرد النجاح بإقامتها. أعتقد أن دهشة البدايات انتهت، والعلاقة بين الناخب والعملية الديمقراطية تحولت من النشوة بامتلاك حق التصويت وإرادة الاختيار بعد عقود الديكتاتورية، إلى علاقة ناضجة نوعا ما، علاقة يغلب فيها صوت المصلحة على العاطفة. أولى بوادر صوت المصلحة هذا كانت دعوات المقاطعة، مقاطعة الانتخابات أو we need a break. دعوات المقاطعة انطلقت من ناشطين ومدونين كثر تزامنا مع بدء “السباق” الانتخابي.

                     

يجادل دعاة المقاطعة أنه لايوجد سباق أصلا، مجرد خدعة، وأن الرابحين معروفون مسبقًا، وأن المال السياسي والسلاح والسلطة سمحت للأحزاب المتنفذة الكبيرة أن تفصّل نتائج الانتخابات على مقاسها سواء من ناحية قانونية، بتشريع قانون انتخابي يضمن استحواذ الكتل الكبيرة على أغلب المقاعد البرلمانية ويقتل المنافسة الانتخابية، أو بالتزوير لتغيير إرادة الناخبين لصالح تلك الأحزاب. وبالتالي، يرى المقاطعون، أن الانتخابات محكوم عليها بالفشل قبل بدايتها، وأن المشاركة فيها لا تساهم إلا بمزيد من الشرعية والقوة للأحزاب المتنفذة.

مقارنة بالانتخابات السابقة

استمر الجدل طوال فترة الانتخابات ليترجم إلى نسبة مشاركة بلغت 44.5%، قارنها بنسبة المشاركة في الانتخابات العراقية السابقة عام 2014 التي كانت 60%، وبمثال من بلد عربي آخر. نسبة المشاركة في الانتخابات اللبنانية الأخيرة  2018 بلغت 49%، النسبة تبدو مقبولة رغم كل شيء. النتيجة الأخرى التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة أنه لا يوجد رابح أكبر، النتائج أقرب إلى التعادل منها إلى الفوز.

الفرق بين القائمة الأولى، تحالف الصدر والشيوعيين، والقائمة الثانية، تحالف قوى الحشد الشعبي، بلغ 7 مقاعد فقط، إذ حصلت القائمتان على 54 و47 مقعدا بالترتيب. بينما في انتخابات 2014 كان الفرق بين القائمة الأولى، ائتلاف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والثانية، التيار الصدري، 59 مقعدا، 92 للأولى و33 للثانية. لايوجد حماس كاف عند عموم الناخبين لمساندة قائمة واحدة للفوز بفارق كبير، إضافة إلى تسبب وضع ما بعد الحرب، في تجريد الأحزاب من استخدام أساليب الحشد والتخويف الطائفي المتبادل والتي كانت تتناسب طرديًا مع حصة الحزب من مقاعد البرلمان، الآن عداد المقاعد صار يتحرك بصعوبة.

اختيارات الناخبين

تراجع الحماس انعكس كذلك على اختيارات الناخبين الذين قرروا المشاركة في الانتخابات. لو قسمنا القوى السياسية العراقية إجمالًا إلى صقور وحمائم، اختيارات الناخبين الأخيرة كانت تميل قليلا إلى الحمائم على حساب الصقور، إلى الجانب الهاديء المعتدل داخليًا، والأقل تأثرًا بتدخل الجوار خارجيًا. صفات مثل الهدوء والاعتدال نسبية هنا في العراق بالطبع، شر أهون من شر يعني. هذا الميل للهدوء بدلا عن التصعيد كان نتيجة الدرس القاسي كذلك، سقوط المدن بقبضة داعش وحرب الأربع سنوات التي كلفت الكثير.

ناجحة خارجيا فاشلة داخليا

إذن هي انتخابات ناجحة خارجيًا، متشككة مترقبة داخليًا، نموذج لانتخابات ما بعد الحروب والكوارث. وبالطبع لم ينته الموضوع عند مرحلة الانتخابات، فالتحديات التي تواجهها الكتل الفائزة على المدى القريب والبعيد ليست قليلة إطلاقًا. يتوجب الوصول إلى صيغة لتشكيل الحكومة بأسرع وقت أولاً، ولإقناع المتبقي من الناخبين غير المقاطعين بجدوى الانتخابات من أساسها ثانيًا. التحدي الأول سنعرف نتيجته خلال 90 يوماً، الفترة الدستورية لحين تشكيل الحكومة، والتحدي الثاني سيستغرق أربع سنوات قادمة، لحين انتخابات 2022 التشريعية.

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك