أساطير هوليوود يخوضون الحرب العالمية بسلاح الكاميرا (جزء 1)

أساطير هوليوود يخوضون الحرب العالمية بسلاح الكاميرا (جزء 1)

7 Aug 2018

أمجد جمال

ناقد فني

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

مَن منا لم تُدهشه المشاهد التي صنعها “ستيفن سبيلبرج” كمحاكاة لمعركة نورماندي في فيلمه “إنقاذ الجندي رايان” 1998!

لكن السؤال من أين أتى سبيلبرج بالمرجعية البصرية في تصوير المعركة التي دارت قبل أن يُولد هو بعامين؟

يحاول المسلسل الوثائقي، الصادر عن منصة netflix بعنوان Five Came Back، الإجابة على هذا السؤال وأسئلة آخرى. في ثلاث حلقات طويلة (مدة الواحدة ساعة) يروي لنا المخرج “مارك هاريس” الدور الهوليوودي خلال الحرب، وكيف التقطت عدسات أساطير الإخراج، آنذاك، مشاهد فعلية من الحرب وطوّعتها في صالح البروباجاندا السياسية.

اقرأ أيضًا: ديناصورات سبيلبرج بدون طفرات في JURASSIC WORLD: FALLEN KINGDOM

جون فورد، فرانك كابرا، جورج ستيفنس، ويليام وايلر، وجون هيوستن. خمسة مخرجين صنعوا حقبة هوليوود الكلاسيكية، تتداخل حكاياتهم مع الحرب بصوت النجمة “ميريل استريب”، إضافة لمجموعة من أهم المخرجين المعاصرين مثل “جييرمو ديل تورو” و”فرانسيس فورد كوبولا” وسبيلبرج، يظهرون للتعليق على قصص أسلافهم ممن تركوا مجدهم السينمائي مُعلقًا وتطوعوا في الجيش الأمريكي للقتال عبر سلاحهم الأكثر فتكًا من البارود، وهو الكاميرا.

يؤسس العمل في بدايته لظاهرة الأفلام الإخبارية القصيرة التي كانت تُعرض في السينمات قبل عروض الأفلام، فقد كانت المصدر المرئي الوحيد للجمهور الأمريكي في معرفة ماذا يدور داخليًا وخارجيًا، ذلك بالطبع قبل اختراع التلفزيون في الخمسينيات.

اقرأ أيضًا: أفلام الويسترن على الطريقة المصرية .. من شمس الزناتي لـ”حرب كرموز”

جون فورد

وقت صعود هتلر لتأسيس ديكتاتوريته في النصف الأول من الثلاثينيات، لم تهتم هوليوود كثيرًا بالأمر، فيما عدا “جون فورد” الذي كان ناشطًا سياسيًا بجانب مهنته كمخرج. واشتهر فورد بميوله السياسية المحافظة ونزعته الوطنية الكبيرة، فقد كان لرغبته غير المحققة بالمشاركة في الحرب العالمية الأولى، وعمره 22 سنة، أبلغ الأثر في تكوينه النفسي والسياسي. ظهر ذلك في بعض أفلامه الأولى.

شارك فورد في المؤتمرات السياسية قبل قيام الحرب الثانية، تلك التي كانت تحذر من الأفكار النازية وخطرها على الحضارة الغربية. وفي عام 1940 بعد أن احتلت ألمانيا النازية بضع دول أوروبية بالفعل وأخذت في توسيع نفوذها، كان فورد يعيش قمة مجده كمخرج، فقد أخرج في نفس العام تحفتيه “عناقيد الغضب” (فاز عنه بالأوسكار) و”الرحلة الطويلة للوطن”، فيلمين ليسا بعيدي الصلة عن الأحداث السياسية التي يشهدها العالم، سواء عبر الرمزيات أو بشكل مباشر.

لم يكن تناول الحرب في الأفلام الروائية كافيًا لفورد، فقدم طلبا للبحرية الأمريكية بإنشاء وحدة تصوير رسمية للحرب، وقام بتوظيف عشرات المصورين ومهندسي الصوت من هوليوود، كانوا يلتقون أسبوعيًا للتدريب وهم يرتدون الملابس العسكرية التي كان ارتداؤها مصدر هوس قديم لدى فورد. وبعد موقعة “بيرل هاربر” التي كانت نقطة الفصل في الموقف الأمريكي من الحرب، بدأ فورد العمل مع وحدته في تصوير المعارك، وكانت البداية هجوم ياباني على جزر ميدواي في المحيط الهادي، وأصيب فورد خلال التصوير إصابات بالغة، لكنها كانت بداية واعدة لرحلته.

تحايل فورد لوضع قبضته على ما صورّه من لقطات، فلم يكن يريد لما صوّره أن يظل مجرد شرائط عند موظفي البنتاجون، بل أراد أن يصنع فيلمًا، وكانت من أبرز لقطات هذا الفيلم لقطة مقربة من وجه جندي هو في الحقيقة ابن الرئيس “رزوفلت”، فاجأت تلك اللقطة الجميع أثناء العرض الخاص للفيلم بالبيت الأبيض ليكملوا الفيلم متأثرين بعد صمت تام ساد المكان.

اقرأ أيضًا: أهم دستة أفلام في النصف الثاني من 2018

فرانك كابرا

في النصف الثاني من الثلاثينيات، هيمنت أفلام فرانك كابرا على الصناعة، فقد فاز بثلاث جوائز أوسكار متلاحقة عن أفلامه “حدث في ليلة واحدة”، “السيد ديدز يذهب للمدينة”، و”لا يمكنك أن تأخذها معك”. ويعلق “جييرمو ديل تورو” بأن كابرا هو أبرع من نقل الكوميديا من الحالة الصامتة إلى الناطقة. “أفلامه تعبر عن فكرة الاحتياج البدائي للإنسان بأن يكون صالحًا، وعن قدرة رجل واحد في الوقوف في وجه النظام”.

في عام 1939 أراد كابرا أن يكون فيلمه المقبل عن الحرب الأمريكية الثورية التي انتهت بانفصال الولايات المتحدة عن بريطانيا، لكن المنتج “هاري كوهين” رئيس كابرا في شركة كولومبيا، رفض الفيلم. لم يرغب كوهين في تمويل فيلم يصور الجنود البريطانيين على أنهم أشرار، ليس في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا للدخول في حرب من أجل البقاء. وكانت تلك بداية الصحوة السياسية لدى كابرا، واهتمامه بالحرب الدائرة في أوروبا.

اقرأ أيضًا: سينما المؤلف والمخرج.. الفن يتسع للجميع

وفي زيارة لواشنطن، التقى كابرا بالرئيس روزفلت، وخرج بقناعة أن أمريكا كان عليها إيقاف هتلر بأي ثمن. وبعد موقعة “بيرل هاربر” قرر كابرا على الفور أن تبدأ مساهمته السينمائية في الحرب، بعد أن طلب منه الجنرال جورج مارشال (رئيس الأركان) زرع سبب في رؤوس الشباب الصغار بضرورة ارتداء الزي العسكري، وأخبره أن ذلك ممكن من خلال السينما.

“لقد حاول ذلك من خلال المحاضرات والكتب لكنه فشل، لم يكن الفتية مهتمين، كان يريد شيئا يعرفه الفتية، والفتية يحبون الأفلام” – كابرا عن رئيس الأركان.

وقرر كابرا بدء مشروع بصناعة سلسلة من الأفلام الوثائقية بعنوان “لماذا نحارب؟”، لكن واجهته صعوبات بالبداية، صراعات مع كُتاب السيناريو، وانخفاض الميزانية الإنتاجية، لكن الحدث البارز كان عندما شاهد فيلم الدعاية النازية “انتصار الإرادة” والذي أخرجته “ليني رافنستال” أثناء مؤتمر للحزب النازي.

https://www.youtube.com/watch?v=GHs2coAzLJ8

“رأيت هذا الفيلم وقد أفزعني جدًا، فعدت إلى مقعدي الصغير في مكتبي، وظللت جالسًا هناك. ولم أكن سعيدًا. فكيف يمكنني التفوق على هذا؟ فجأة لاحت لي فكرة، فقلت وجدتها. فلندع الشباب يرون أفلامهم وحسب. لن نصنع شيئًا ولن نصور شيئًا، بل سنستخدم أفلامهم كدعاية لنا”.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك