أغيد مشمش، مواطن كردي سوري من مدينة كوباني الحدودية ذات الأغلبية الكردية.. هرب من مدينته يوم الاثنين عندما فشل في تأمين الطعام أو حفاضات طفله شديد المرض.
"الحياة توقفت"، يقول مشمش من بلدة منبج القريبة التي فر إليها من الهجوم التركي مع زوجته وابنه.
"جميع الأطباء هربوا ونحن معهم، لكننا لا نعرف إلى أين نذهب"، يضيف مشمش الذي يصف الحملة التركية بالكارثة، منتقدًا "الخيانة الأمريكية" التي تركت الأكراد بين فكي كماشة تركيا، أو نظام دمشق وروسيا.
يترقب مشمش وعائلته - المحاصرون وسط تبادل إطلاق النار - بلا حول ولا قوة، انتظارًا لما تسفر عنه تحالفات المعركة ومساومات السياسة.
يفضل سيطرة القوات السورية بدلًا من رؤية بيته تحت سيطرة الأتراك الذين سيعتبرونه هدفًا بسبب عرقيته الكردية.
مع ذلك، يخشى من أن الواقع الجديد سيشكل تهديدًا للأشخاص الذين تهربوا من الخدمة العسكرية الإلزامية أو الناشطين الأكراد المطلوبين لحكومة دمشق.
لكن تلك الأزمة "باهتة" بالنسبة له مقارنة بـ "المشكلة الوجودية" التي يخلقها التوغل التركي.
"فخور بأن أكون سوريًا.. أفضل الحكومة السورية، حتى لو كانت قد تضعف الحقوق والأحلام التي بنيت في السنوات الثماني الماضية"، يختتم مشمش.
الأزمة الباهتة في رأي مشمش "كارثة" لآخرين، أحدهم شاب عربي سوري يعيش في الرقة عند أقصى الجنوب.
الشاب – الذي رفض كشف اسمه خوفًا على سلامته – يختبئ في منزله منذ الثلاثاء. يتابع الأخبار المتلاحقة؛ قلقًا من احتمال عودة القوات السورية.
"أعيش في رعب. لا أعرف ماذا أفعل"، يقول الشاب الذي لم يغادر الرقة منذ بداية الحرب، رغم تحول حاكميها من الأسد إلى المتمردين، ثم إرهابيي داعش، وصولًا للمقاتلين الأكراد، لكنه الآن يخشى عودة الدولة بسبب عمله السابق مع المنافذ المحلية والناشطين المعارضين للأسد.
يقول زعماء الأكراد إن الصفقة مع دمشق لا تشمل سوى انتشار قوات الجيش على الحدود، لكن الناشط – ومن يشبهون حالته - ما زالوا قلقين من اتفاق الأكراد مع دمشق على تسليم الرقة.
مظاهرات اندلعت في الرقة تحمل صورة الأسد للمرة الأولى منذ سنوات، مطالبين بعودة حكمه للمدينة. حتى إخوة ذلك الناشط لا يرون مشكلة في انتشار الجيش السوري، لذا سيكون عليه الهروب وحيدًا.
يأمل ذلك الشاب في الهروب شمالًا. لكن تلك هي الأراضي التي تسيطر عليها "العناصر المحلية الداعمة".
معلوماته تقول إن المتمردين كانوا ينهبون المواطنين ويتصرفون بطريقة غير لائقة، لكنه مع ذلك يشعر بالأمان هناك أكثر من حكم الدولة.
"جميعهم مجرمون، لكن بعضهم يمكن التعامل معه أكثر من غيره"، يختتم قصته.
المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا مختلطة عرقيًا؛ تضم ما يصل إلى مليوني شخص، بمن فيهم الأكراد والعرب والآشوريون وغيرهم، والكثيرون منهم هرعوا إليها من مناطق أخرى من سوريا.
ومع تحرك الوضع على الأرض بسرعة البرق وتكثيف الهجرة الجديدة، يدرس السوريون الخيارات الصعبة حول المكان الذي يبحثون فيه عن ملجأ.