ابن النفيس هو أول عالم من العلماء المسلمين قام باكتشاف الدورة الدموية الصغرى داخل جسم الإنسان.
وهو من اكتشف أن الجدار بين البطين الأيمن والبطين الأيسر للقلب جدار صلب خالي من المسامات، ومهد الطريق لاكتشاف الدورة الدموية الكبرى.
وله مجموعة كبيرة من أعظم وأهم المؤلفات في المجال الطبي، بالإضافة إلى كل هذا فهو يتميز بإلتزامه بالأمور الدينية، والموازنة بينها وبين الحياة العلمية.
هو أبو الحسن علاء الدين علي ابن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرشي الدمشقي صاحب لقب ابن النفيس.
ولد في عام ١٢١٤م وعاش في العصر الذهبي الإسلامي، فهو صاحب أعظم اكتشاف في المجال الطبي.
له العديد من النظريات الطبية التي يعُتمد عليها حتى وقتنا هذا.
يعتبر من أعظم العلماء الفيزيولوجية في العصور الوسطى.
فضلًا عن اكتشاف الدورة الدموية الصغرى؛ له العديد من الإنجازات الخاصة بطب العيون، وطب القلب، والجهاز التنفسي، وتعد مؤلفاته تراث وثروة يحتفظ بها في أكبر المتاحف والمكتبات في مختلف دول العالم.
قيل في وصفه أنه كان شيخًا طويل القامة، أسيل الخدين نحيفًا ولم يتزوج.
ومن المعروف عنه شدة إيمانه واتباع تعاليم الدين الإسلامي والالتزام بها في حياته الشخصية والعملية.
وقبل وفاته مرض واشتدت عليه الألم، أراد الأطباء المختصين بعلاجه تخفيف الآلام مرضه بشرب الخمر.
ولكنه رفض بشكل قطعي خوفًا من معصبة شرب الخمر وقال “لا أريد أن اقابل الله وفي جوفي شيئًا من الخمر”.
كما أوصى تلاميذه وزملائه بأهمية العلم.
ولد الطبيب والعالم ابن النفيس عام ٦٠٧ هجريًا في بلدة القرش بدمشق، وتعلم على يد كبار العلماء والشيوخ وتعمق أيضًا في دراسة الفقه الشافعي وعِلم التشريح.
عندما بلغ ستة عشر سنة درس الطب في البيمارستان النوري، علي يد الطبيب (مُهذب الدين عبد الرحيم بن علي الدخوار طبيب العيون الكبير، وعمران الإسرائيلي).
واتبع في عمله منهج الطبيب الحارث بن كلدة الثقفي، الذي اعتمد على الطب الدقيق لمتابعة الحالة المرضية، وتأثير العلاج، وهو ما يسمى بالطريقة الأكلينيكية ويطلق عليها الآن الطب السريري.
واستمر في دراسة الطب لمدة عشر سنوات إلى أن أصبح إمامًا وعالمًا في الطب اليوناني القديم، وأيضًا الطب العربي الأصيل.
وفي عام ١٢٣٧م انتقل ابن النفيس من دمشق إلى مصر بعد قيام السلطان ناصر الدين محمد الأيوبي بتعيينه رئيسًا للأطباء في مصر.
عمل في المستشفى الناصري، وبعدها مستشفى المنصوري التي بناها السلطان قلاوون.
واستمر في مصر، وكان يشتهر بالمجالس التي يحضرها أمراء القاهرة وأطبائها.
وعندما بلغ الثمانين عامًا أصابه مرضًا شديدًا حتى وافته المنية في عام ١٢٨٨م ٧٨٧هـ، وقام بوقف جميع أمواله وبيته لمستشفى المنصوري.
كان يعتقد سابقًا العالم جالينوس بأن الجدار الموجود بين البطين الأيمن والأيسر به مسام، وأن الدم يُخزن في الكبد ثم يوزع إلى أعضاء الجسم.
ثم قام ابن النفيس بإثبات عدم صحة نظرية جالينوس، وأن الدم يخرج من البطين الأيمن وينقى في الرئتين و يمتزج بالهواء ويُحمل بالاكسجين، ثم إلى البطين الأيسر عندما وجد بأن الجدار بين كلاهما صلب وليس به مسام.
وفي عام ١٩٢٤م أعد الدكتور محي الدين التطاوي رسالة دكتوراه تحت مسمى” الدورة الدموية عند القرشي” استعان بكتاب شرح تشريح القانون، ذلك الأمر الذي جعل نظرية ابن النفيس تصل لكافة المؤرخين والمعاصرين.
تعددت الإنجازات التي قام بها وكانت مرجع علميًا للعديد من العلماء على اختلاف العصور، وأهم إنجازاته مايلي:
أول من دعا إلى دراسة التشريح المقارن والذي استطاع من خلاله التوصل إلى شرح تفصيلي للرئة و للحويصلات الهوائية.
ومعرفة أن الهواء يتجدد بواسطة الرئتين، وأيضًا أكتشف أن جدران الأوردة للرئتين أغلظ من شرايين الرئتين.
ويعد أهم إنجاز قام به ابن النفيس اكتشاف الدورة الدموية الصغرى للدم داخل الجسم.
وقام بتصحيح خطأ الطبيب جالينوس في تشريح القلب، وتصحيح وظيفة الشرايين الإكليلية وأن عضلة القلب تُغذى عن طريق الشرايين التاجية.
وشملت إنجازاته أيضًا طب العيون، فهو أول من قال بأن العيون هي آلة البصر وشرح العديد من النظريات الخاصة بالأبصار،
وأول من وضح العلاقة التي تربط بين العين والدماغ.
أول من تطرق بالحديث عن تأثير تناول الملح على ضغط الدم والمشكلات التي يسببها، فهو من دعا إلى عدم تناول الملح بكميات كبيرة.
وضع ضوابط وقوانين خاصة بالأدوية وأهمية تناولها بالمواعيد والجرعات بانتظام.
قام ابن النفيس بتأليف عدد كبير من الكُتب التي تُعد ثروة عظيمة حتى وقتنا هذا، وتشمل أهم مؤلفاته مايلي:
يُعد من أشهر الكتب التي قام بتأليفها والتي تتضمن القواعد والقوانين الطبية.
تناول فيه العديد من الأمراض والعلاجات الطبية التي تبدو صعبة، ولكنه لم يتناول فيه التشريح ووظائف أعضاء الجسم.
ويبلغ عدد صفحات الكتاب حوالي ٣١١ صفحة.
فهو بمثابة موسوعة طبية شاملة الصياغة النهائية للطب والصيدلة في الحضارات الإسلامية والعصور الوسطى.
ويذكر أنه يقع في مسودة تبلغ ٣٠٠ مجلد قام ابن النفيس بتبيض ثمانين مجلدًا.
تم نشره في علم ١٢٤٤م، ويوجد هذه الموسوعة في المتحف للآثار بغداد وبعض المكتبات في مختلف الدول.
ذكر فيه الأغذية التي تساعد في شفاء الأمراض تبعًا للحالة الطبية.
فهو يتناول طرق العلاج عن طريق الغذاء منذ القدم وشرحها بشكل توضيحي في طيات الكتاب، ويوجد ذلك الكتاب في مكتبة برلين.
شرح فيه أجزاء التشريح الموجودة في كتاب تشريح القانون لابن سينا تبعًا لملاحظاته ورأيه.
بالإضافة إلى شرح الدورة الدموية الصغرى بشكل تفصيلي؛ مما يجعله من أهم الكتب الخاصة به.
وقام فيه بتصحيح بعض نظريات ابن سينا والتي تؤكد بأنه سبق علماء الطب في هذا الموضوع وتم نشره في علم ١٢٤٢م.
وهو كتاب موسوعي يتناول فيه باستفاضة طب العيون، ويوجد في مكتبة الفاتيكان.
وهو يشرح فيه تاريخ الطب في عهد الحكيم اليوناني أبقراط، ويوجد منه نسخة في مكتبة برلين واكسفورد، ومكتبة الإسكوريال، وأيضًا تم نسخه في إيران.
وهو يتناول السيرة النبوية ويوضح فيه رأيه ونصرته لأهل الإسلام والتشريعات الإسلامية.
بالإضافة إلى تأليفه كتاب المختصر في علم أصول الحديث.
أول العلماء الذين كانوا يؤمنون بتحرر الأفكار ودعا جميع العلماء الابتعاد عن تلك الأفكار الخاطئة، والقيام بالبحث والانتقاد للوصول للنتائج.
فهو لا يقبل المعلومة كما هي ولكن يقوم بالبحث عنها وانتقادها.
بالإضافة إلى البحث العلمي الذي يساعده في الوصول لنتائج صحيحة، كما هو الحال في اكتشافه للدورة الدموية الصغرى.
تميز أيضًا عن باقي العلماء بالجرأة في نقض أخطاء كبار الأطباء السابقين بعد إجراء التجارب والمقارنات.
فهو يلتزم بالمنهج التجريبي في إثبات رأيه والحقائق العلمية التي يؤمن بها.
اعتبره العلماء بأنه رائد في علم وظائف الأعضاء، فهو يهتم بالعوامل والظواهر المؤثرة في جسم الأنسان أكثر من اهتمامه بالطب العلاجي.
يُعرف عنه أيضًا أنه من العلماء الذين حافظوا على التوازن في الدين الإسلامي وفيه علمه وعمله أيضًا.