* لأول مرة في اجتماع معلن منذ سنوات.. التقى رئيس الاستخابرات التركية، هاكان فيدان، مع رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك في موسكو.
* الاجتماع خطوة أولى في خطة روسية لإعادة سيادة نظام الأسد إلى الشمال الشرقي.
* يثق إردوغان وبوتين في بعضهما أكثر مما يثقا في الدول الغربية.
س/ج في دقائق
لماذا تعد مباحثات موسكو نقطة تحول في الصراع السوري؟
في مباحثات موسكو، التقى رئيس الاستخابرات التركية، هاكان فيدان، مع رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك. رويترز وصفت اللقاء بأنه “أول اجتماع معترف به علانية منذ سنوات”.
فيدان ومملوك ناقشا عدداً من القضايا، بما في ذلك وقف إطلاق النار في إدلب الخاضعة للإرهابيين، ووضع القوات الكردية المتمركزة في الشرق، بحسب صحيفة ديلي صباح التركية.
تدعم تركيا قوى المعارضة المسلحة التي حاربت للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي تدعمه روسيا، خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت ثماني سنوات. في الماضي وصف أردوغان الأسد بأنه إرهابي وقاتل وطالبه بالخروج من السلطة، ووصفه الأسد بأنه ممثل هابط ولص.
تغير الموقف التركي جاء بعد عامين من طلب حزب المعارضة السياسية الرئيسي في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، التقارب مع دمشق بهدف تسهيل عودة اللاجئين إلى سوريا.
هناك استياء واسع النطاق بين الرأي العام التركي، لوجود 3.6 مليون لاجئ سوري، حيث يزعم بعض المحللين أن الحكومة قد تستخدمهم كبش فداء للاقتصاد المتعثر.
محللون يرون أن عقد الاجتماع بين فيدان ومملوك في روسيا يعد علامة على أن أنقرة تقترب من تسليم الأراضي في شمال سوريا إلى الرئيس بشار الأسد، بحسب ميديا لاين وجورزاليم بوست.
يرى آلان ماكوفسكي، الزميل البارز في مركز التقدم الأمريكي الذي سبق له التعامل مع الشؤون التركية في وزارة الخارجية الأمريكية، على أن المحادثات بين أنقرة ودمشق ستؤدي على الأرجح إلى انسحاب عسكري تركي.
“إن تركيا لديها نفوذ محدود، روسيا هي المتحكمة في سوريا. وهذا الاجتماع هو على الأرجح خطوة أولى في خطة روسية لإعادة سيادة نظام الأسد إلى الشمال الشرقي”، بحسب ماكوفسكي.
قال السفير التركي السابق لدى الولايات المتحدة فاروق لوغ أوغلو، وهو عضو في حزب الشعب الجمهوري، “حتى لو لم ينتج عن ذلك أي عوائد على المدى القصير، فهذه علامة جيدة”، مضيفًا “اعتتقد أن تركيا كان ينبغي أن تتحدث إلى سوريا منذ وقت طويل”.
صرح لوغ أوغلو بأنه يتعين على تركيا إخراج جنودها من سوريا وإبرام اتفاق مع دمشق بشأن القوات الكردية في سوريا، التي تعتبرها أنقرة تهديدًا أمنيًا، ودعا الحكومة التركية بألا تعتمد على روسيا كوسيط، بل عليها الاتصال المباشر مع دمشق.
في هذا الصدد، ذكرت الأنباء السورية الرسمية أنه خلال الاجتماع تم دعوة تركيا إلى “الالتزام التام بسيادة الجمهورية العربية السورية”، بما في ذلك سحب قواتها من البلاد. كما توقع التقرير أن “تحرر” القوات الحكومية إدلب وتعيد سلطة الدولة إلى المنطقة.
آرون شتاين ، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية، يقول إن روسيا تتوقع الآن من تركيا أن تشرف على استسلام مقاتلي المعارضة.
وقال “تركيا تحاول إدارة الفوضى وسحب يديها في نفس الوقت. في المقابل تدفع روسيا ببطء لنقطة يتفاوضون فيها على الشروط التي بموجبها يغادر الجيش التركي سوريا”.
كيف تتلاقى البراجماتية الروسية مع صفقات تركيا للخروج؟
تعد روسيا واحدة من الداعمين الرئيسيين لحكومة الأسد، لكن على الرغم من كونها على طرفي النزاع، فقد تعاونت أنقرة وموسكو عن كثب في مراحل مختفة. جيروزاليم بوست، ترى أن التحالف التركي مع روسيا تحالف حذر.
تركيا تحتاج لروسيا في شمال غرب سوريا، وعلى استعداد للتخلي عن المتمردين السوريين في إدلب، مقابل إعادة 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا إلى المناطق التي أجبر الأكراد على الفرار منها.
يبدو أن أردوغان وبوتين يعملان بشكل جيد في القضايا الإقليمية. يثق كل منهما في الآخر أكثر مما يثق في الدول الغربية لأن الدول الغربية تغير السياسات طوال الوقت ولديها أنظمة ديمقراطية معقدة، مثل الكونجرس الأمريكي، الذي يعاقب تركيا على معارضة الرئيس الأمريكي. على النقيض من ذلك، لن يتكلم البرلمانان التركي أو الروسي ضد بعضهما البعض، حتى لو كانا على خلاف بشأن بعض القضايا.
تتحول تركيا بشكل متزايد إلى دور يميني متطرف في القيادة العالمية، حيث تضع نفسها كزعيم للدول الإسلامية الأكثر ميلًا إلى اليمين، مثل ماليزيا وقطر. يبدو أن روسيا، التي تدافع أيضًا عن أجندة محافظة أكثر ميلًا إلى اليمين، تتعارض مع تركيا بشأن قضايا الدين، لأن روسيا تعارض المتطرفين الذي تدعمهم تركيا.
مكنت البراجماتية الروسية موسكو من النظر إلى الجانب الآخر في العلاقات مع تركيا بعد أن أسقطت تركيا طائرة روسية في عام 2015 وبعد موجة من التحريض في تركيا التي أدت إلى مقتل السفير الروسي. فبالنسبة إلى روسيا، فإن الهدف الحقيقي هو النصر البطيء في سوريا، ودعم النظام السوري، وإهانة الولايات المتحدة، وجعل موسكو في نهاية المطاف السلطة الوحيدة التي تدير صراعات المنطقة.