– لمواجهة أزمة كورونا تحتاج الاقتصادات الناشئة إلى 2.5 تريليون دولار على الأقل. بالمقابل، تشير التقديرات لتراجع الناتج المحلي الإجمالي.
– مصدرو النفط في الخليج سيعانون من عجز في الحساب الجاري يتجاوز 3٪، مقارنة مع فائض 5.6٪ في العام الماضي
– لتعويض انخفاض الصادرات، تلجأ الدول للاقتراض، لكن تكلفته ارتفعت بخفض وكالة فيتش التصنيف الائتماني لـ 18 من الأسواق الناشئة في 2020.
* الأسواق الناشئة بحاجة للتفاؤل، حتى لو كان كاذبًا.. لكن مؤشرات التفاؤل ظهرت بالفعل:
– الأضرار متفاوتة.. لن يتضرر الجميع بنفس الدرجة: السعودية والإمارات والكويت والمغرب بالترتيب أكثر قدرة على التحمل.
– مجموعتا العشرين والسبع بادرتا بتخفيف آثار الأزمة عبر تجميد مدفوعات الديون للدول الأكثر فقرًا.. لكن تجميد الديون أصبح أقل ضرورة.
– حتى بنما الغارقة في الديون نجحت في إصدار سندات بعائد أقل من 4%
س/ج في دقائق
لماذا ظهرت أزمة التمويل؟
لمواجهة أزمة كورونا الجديد، تحتاج الاقتصادات الناشئة إلى 2.5 تريليون دولار على الأقل من مصادر أجنبية أو احتياطياتها الخاصة، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي. هذا لن يقابله نمو في الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية. فحتى لو تلاشى الوباء في النصف الثاني من العام، فإن الناتج المحلي الإجمالي، المقاس بتعادل القوة الشرائية، سيتراجع بنسبة 6.6٪ في 2020 مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي.
أضرار كورونا على الاقتصادات الناشئة تشمل 3 جوانب على الأقل:
1- حظر حركة السكان.
2- الإضرار بحركة الصادرات.
3- كبح تدفق رأس المال الأجنبي.
الأضرار التي لحقت بالصادرات حادة، خصوصًا في الدول التي تعتمد على تصدير النفط، والتي تضررت بشدة بحرب الأسعار. مصدرو النفط في الخليج خصوصًا سيعانون من عجز في الحساب الجاري يتجاوز 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، مقارنة مع فائض 5.6٪ في العام الماضي.
للتغلب على تقلص الصادرات، تلجأ الدول عادةً إلى سد الفجوة عن طريق الاقتراض من الخارج. لكن الاقتراض يواجه 3 مشكلات:
1- إجمالي الدين الحكومي مرتفع أصلًا في الأسواق الناشئة. يصل 17 تريليون دولار (24٪ من الإجمالي العالمي).
2- وكالة فيتش خفضت التصنيف الائتماني لـ 18 دولة من الأسواق الناشئة في 2020، وهو رقم أكبر من أي عام سابق، لترتفع علاوة المخاطرة (نسبة العائد الذي يطلبه المستثمر مقابل الاستثمار في أصل مالي كتعويض عن تحمله للمخاطر المرتبطة به) التي يجب أن تدفعها الأسواق الناشئة لمشتري السندات الدولارية في أكثر من عشرين دولة إلى رقم قياسي تجاوز 10 نقاط مئوية)، بحسب صندوق النقد الدولي.
3- عجز عدة دول عن سداد ديونها المستحقة. لبنان تخلف عن سداد 1.2 مليار دولار في مارس، وأصبحت فنزويلا مدينة بقيمة النفط الخام لحاملي السندات في الصين وروسيا. بينما أجلت الإكوادور سداد 800 مليون دولار من مدفوعات السندات لمدة أربعة أشهر، وتخلفت الأرجنتين عن سداد 500 مليون دولار، وتتجه للتخلف مجددًا للمرة التاسعة في تاريخها إذا فشلت في إقناع الدائنين بمبادلة أوراقهم المالية بسندات أقل قيمة قبل 22 مايو ٢٠٢٠.
هل يتساوى الخطر على كل اقتصادات الأسواق الناشئة؟
لقياس خطورة الموقف، صنفت الإيكونوميست الاقتصادات الناشئة في 66 دولة باستخدام أربعة مؤشرات للقوة المالية: 1- الدين العام. 2- الدين الخارجي. 3- تكلفة الاقتراض. 4- الاحتياطي النقدي.
وفق التصنيف، تتفاوت تقديرات الشرق الأوسط: السعودية (الثامن) متقدمة على اقتصاد بحجم الصين، أي أن الخطر محدود، تليها الإمارات (17)، الكويت (22)، المغرب (26)، ثم قطر في النصف الثاني من الجدول (35)، مصر (37)، تركيا (44)، العراق (45)، قبل أن تظهر الأردن في المنطقة الأكثر خطورة (50)، عمان (58)، تونس (60)، البحرين (٦٣)، لبنان في المركز قبل الأخير (65).
الجدول التالي يوضح درجة خطورة الوضع على الاقتصادات الناشئة الـ 66:
الأسواق الناشئة الـ 66 مطالبة بتوفير أكثر من 4 تريليونات دولار في 2020، لخدمة الديون الخارجية وتغطية عجز الحساب الجاري (إذا استثنينا الصين، سينخفض الرقم إلى 2.9 تريليون).
بالمقابل، تتجاوز احتياطات النقد الأجنبي مجتمعة 8 تريليونات دولار (تنخفض إلى 5 تريليونات باستثناء الصين).
احتياطات نصف الدول كافية لتغطية مدفوعات الديون الخارجية وعجز الحساب الجاري. بينما تعاني البقية من عجز احتياطي مجمع يصل 500 مليار دولار.
وتتوقع الإيكونوميست أن يتجاوز الدين العام لدول مثل البحرين والعراق 100% من ناتجها الإحمالي المحلي هذا العام. لكن العجز واضح في تركيا كذلك، بعدما استنفدت احتياطياتها الدولارية لدعم الليرة.
درس 1997.. لماذا أصبح التفاؤل فرضًا؟
الأزمة المالية الآسيوية في 1997 أظهرت أن أرقام الدين المجردة لا تكشف حجم الأزمة؛ باعتبار أن المالية العامة القوية لم تكن كافية إذا اقترضت الشركات الخاصة بكثافة في الخارج.
تطبيقًا على أزمة كورونا الجديد، يبدو الدين العام لمنغوليا مثلًا قابلًا للإدارة (أقل من 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي) لكن دينها الخارجي (العام والخاص) يبلغ ضعف الناتج المحلي الإجمالي تقريبًا. على العكس من ذلك، تبدو البرازيل والهند أضعف برقم الديون، لكنهما أقوى كون غالبية الديون داخلية.
تقول الإيكونوميست إن الأسواق الناشئة بحاجة إلى مزيد من التفاؤل بشأن إمكانية احتواء آثار كورونا قريبًا. حتى لو كان التفاؤل كاذبًا، سيسمح بـ:
1- إعادة تمويل الدين بشروط ميسرة.
2- إجراء دراسات أوضح حول الأزمة التفصيلية لكل دولة على حدة.
لكن مؤشرات التفاؤل قائمة فعلًا. تشمل:
1- تحتاج الدول للتوقف عن السحب من الاحتياطي الأجنبي لضمان توافر العملة الصعبة. للمساعدة في ذلك، جمدت مجموعة العشرين تحصيل مدفوعات قروضها لأفقر 77 دولة، كما حثت مجموعة السبع المقرضين من القطاع الخاص كذلك على الصبر، وأيد الفكرة أكثر من 70 جهة دائنة. لكن الإيكونوميست تقول إن تجميد الديون أصبح أقل ضرورة مما بدا عليه قبل أسابيع.
2- منذ يناير، سحب المستثمرون الأجانب 100 مليار دولار من سندات وأسهم الأسواق الناشئة بحسب أرقام معهد التمويل الدولي. لكن منذ ذلك الحين، بدأ الشعور بالذعر يتلاشى. وساعدت ترتيبات السيولة المؤقتة التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي مع 14 بنكًا مركزيًا على تخفيف أزمة نقص الدولار العالمي. وتراجعت تدفقات رأس المال الخارجة، وانخفضت عائدات السندات في الأسواق الناشئة.
3- حسابات عجز الاحتياطي افترضت أن الدول لن تجذب أي استثمارات أجنبية مباشرة، وستفشل في تجديد أي من ديونها الخارجية المستحقة هذا العام. تقول المجلة إن السيناريو كان منطقيًا جدًا في مارس، لكنه يبدو الآن قاتمًا للغاية.
4- تمكنت 11 من الاقتصادات الناشئة من بيع ما يزيد عن 44 مليار دولار من السندات في الأسابيع الأخيرة، بينها بنما، التي أصدرت سندات بعائد أقل من 4٪ في نهاية مارس، رغم ديونها الخارجية الكبيرة، ونقص الاحتياطي الأجنبي لديها.