بين عامي 2012 و2013، أطلق الباحث الأردني يونس قنديل مؤسسة للدراسات والأبحاث باسم “مؤمنون بلا حدود”، يشغل منصب أمينها العام، منذ تأسيسها وحتى الآن. تعرف أهدافها بتنشيط البحث المعرفي الرصين في الحقول الثقافية والمعرفية الدينية، ونقاش قضايا التجديد والإصلاح الديني.
وتعرف المؤسسة قنديل بباحث في الدراسات الإسلامية وفلسفة الاجتماع والأنثربولوجيا التأويلية، تخرج من قسم اللغات الحديثة، جامعة اليرموك في الأردن، وحاصل على البكالوريوس والماجستير من كلية العلوم الاجتماعية والسياسية – جامعة برلين الحرة، وحاصل على الدكتوراه من جامعة برلين.
لم يكن شخصية معروفة للعامة حتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومن هنا تبدأ فصول الحكاية.
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دعا يونس قنديل، عبر مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" لمؤتمر فكري بعنوان "حقيقة الله.. انسدادات المجتمعات الإسلامية والسرديات الإسلامية الجديدة"، في العاصمة الأردنية عمان.
وسائل إعلام محلية قالت إن بعضًا من محاوره "تسيء إلى الذات الإلھیة وتتنافى مع القیم الدینیة للمجتمع" في إشارة إلى ورقة بحثية كان مقررًا أن يعرضها المؤتمر للباحث الأردني معاذ بني عامر تحت عنوان "تاريخ الله إسلاميًا: النسختان العالمية والشعبية"، وورقة للباحثة الفرنسية فامتيا منيز بعنوان "الأصولية المتطرفة.. كيف تم اختطاف الدين بالعنف والسياسة الراديكالية".
أثار المؤتمر جدلًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انتقل إلى قاعة مجلس الأمة الأردني عبر كتاب من النائب خليل عطية لرئيس الوزراء عمر الرزاز، دعاه فيه إلى وقف المؤتمر لـ"مخالفته أحكام الشريعة الإسلامية".
النائبة ديمة طهبوب تواصلت مع وزير الداخلية سمير المبيضين، داعية لحجب الترخيص ومنع إقامة المؤتمر، وهو ما حدث.
محافظ عمان وأجهزة الأمن المعنية منعت انعقاد المؤتمر، بإيعاز من وزير الداخلية سمير المبيضين، بحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا"، في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
محمد العاني، المدير العام للمؤسسة، قال إن تيار الإخوان في الأردن تصدر المشهد وحرك الشارع والبرلمان لتحريض الحكومة على المنع، مضيفًا أن المؤتمر تعرض للمنع قبل إعلان البرنامج وإثارة موضوع الأوراق البحثية.
طهبوب مناصرة لجبهة العمل الإسلامي، وزوجة مراسل الجزيرة الراحل طارق أيوب، ولها مواقف سابقة، بينها تحريض الأمن الأردني على اقتحام طلاب ورجال أمن لمطعم يقدم الطعام والمشروبات خلال أوقات الصيام في رمضان الماضي، ثم حبس ناشط اعترض على موقفها بكاريكاتير.
بينما يتصاعد الجدل حول منع المؤتمر، اختفى قنديل لساعات، قبل أن تعلن الشرطة الأردنية، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، العثور عليه في حالة مزرية، وعلى ظهره جروح وحروق. وقد كتب على ظهره بالسكين.
في المستشفى، قال قنديل إنه تعرض للاختطاف تسع ساعات، تعرض خلالها للتعذيب، متهمًا من وصفهم بـ "التكفيريين" بارتكاب الواقعة.
أضاف قنديل أنه تعرض لقصة ممتدة تتجاوز الاختطاف، بدأت بمنع المؤتمر، وتحولت إلى كرة متدحرجة من الثلج صبت باتجاه تعظيم خطاب الكراهية، الذي تحول من الرغبة في النصر على الآخر المختلف إلى الرغبة في افتراسه، والتي وجدت تعبيرات مختلفة عبر الإعلام المحلي ووسائل التواصل الإلكتروني باتجاه تصفيته، على خلفية ادعاء موهوم مبني على حجة غير مكتملة ذهبت باتجاه الحكم، معتبرًا أن الجدال الذي صنعه النواب، وقرار وزير الداخلية الأردني بمنع المؤتمر، صب أخيرًا في اختطافه وتعذيبه.
بدأت التحقيقات فور الحادث، مع طلب قنديل تدخل الملك عبد الله شخصيًا لحماية الحق في حرية التعبير.
الخميس الماضي، أصدرت مديرية الأمن العام بيانًا قالت فيه إن الواقعة مختلقة.
بحسب البيان، اعترف قنديل وابن شقيقته باختلاق الحادث، بناءً على طلب الأخير.
وأعلنت المديرية إحالة قنديل وابن شقيقته للمدعي العام الأردني.
بعد الإعلان، أصدرت مؤسسة مؤمنون بلا حدود، بيانًا شكرت فيه المتضامنين معها خلال الأسبوع الأخير، وقالت إنه لا يعيبها ولا يعيب المتضامنين دفاعهم عن مبدأ حرية التعبير، لا شخص يونس قنديل.
وأبدت المؤسسة احترامها لمسار التحقيقات، مشددة على أن المسؤول يجب أن يتحمل نتائج فعله قانونيًا وأخلاقيًا.
المؤسسة أكدت أنها مؤسسة فكرية لا مؤسسة يونس قنديل، مبدية ثقتها في نزاهة الشرطة والقضاء الأردنيين، معلنة تجميد عضويته وتجريده من منصبه لحين انتهاء التحقيقات.
وتبرأت "مؤمنون بلا حدود" من "المحاولة اللا أخلاقية"، التي قالت إنها لا تعكس مبادئها وفكرتها، وتنتهك قيمها بشكل رخيص، وتعكر الأمن والسلم الاجتماعيين.
"الغاية لا تبرر الوسيلة، والإيمان بالأسس والقيم الإنسانية لا يتجزأ، ومن كان يؤمن بذلك، لا يرضى أو يتهاون مع مثل هذه الأفعال، ولا يقبل بها، وعليه أن يمضي مدافعًا عما يؤمن به، فالحق لا يخذل صاحبه"، يختتم البيان,