جدل طبي في بريطانيا حول إعادة تعريف السمنة. كلية الأطباء الملكية تعترف بالسمنة كمرض، وتدعو الحكومة للسير بنفس الاتجاه، بينما يحذر خبراء من أن المقترح سيزيد الأزمة بدلًا من حلها.
بحسب إحصاءات رسمية بريطانية في 2017، يعاني ثلثي البالغين من مشكلات تتراوح بين زيادة الوزن إلى السمنة.
وتسجل معدل السمنة بين البالغين من الجنسين 29% في انجلترا واسكتلندا، و27% في أيرلندا الشمالية.
وتصل معدلات السمنة إلى الثلث بين البريطانيين الأكبر من 35 عامًا.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تضاعف عدد البالغين الذين يعانون من السمنة في المملكة المتحدة ثلاث مرات منذ 1980، بما جعلها الأكثر معاناة في أوروبا الغربية. المعدلات الجديدة زادت الضغوط على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، التي باتت تنفق سنويًا نحو 6 مليارات جنيه استرليني على علاج السمنة، المسؤولة عن 30,000 حالة وفاة سنويًا.
رئيس كلية الأطباء الملكية في لندن أندرو جودارد يقول إنه لا بديل عن إعادة تعريف السمنة من نمط حياتي إلى مرض للتقليل من انتشارها.
جودارد يضيف، في تصريحات لـ “سكاي نيوز”، أن الاعتراف بمرض السمنة رسميًا سيقلل من وصمة الإصابة بالبدانة، بعدما توصل خبراء الكلية إلى أنها ليست اختيارًا.
بحسب جودارد، يعتمد ظهور السمنة على الاستعداد الوراثي والبيئة التي نعيش فيها، لتضيف البروفيسور راشيل باترهام، أن السمنة مرض مزمن وتدريجي، وتصر على أن إعادة تصنيفها بهذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة لمعالجة أسبابها وليس عواقبها.
تقول باترهام إن أكثر من 100 حمض نووي جرى تحديدها تكشف كيف تظهر أعراض السمنة على بعض الناس، بينما لا يتأثر آخرون.
يحذر خبراء، بينهم ديفيد باك، من مركز أبحاث The King’s Fund، من العواقب الخطيرة للإفراط في تصنيف السمنة كمرض دون مبرر، ويعتقد أنها تمثل نمط حياة بالنسبة لكثيرين.
السمنة ليست مرضًا، إنها حالة أو نتيجة. أنا من ذوي الوزن الزائد قليلًا وفقًا لإحصاءات الحكومة، لكنني لا أرى أنني أعاني من مرض. ربما تكون نتيجة لخياراتي أو للبيئة التي أعيش فيها. مجرد حالة وليست مرضًا.
البروفيسور فيونا جيليسون من جامعة باث تقول: إن فكرة تصنيف السمنة كمرض لها بعض المزايا المتعلقة كتوفير العلاج والتعامل معها بجدية أكبر، لكن الإفراط في التصنيف لأولئك الذين لا يعانون من السمنة المفرطة يثير إشكالية، كونها تحول تجربة عادية لمعظم الناس إلى مرض.
تضيف جيليسون أن تصنيف السمنة سينفر الآباء عندما يخبرهم الأطباء أن أطفالهم مرضى لمجرد أن وزنهم زاد قليلًا.
سارة لو بروك ، بريطانية، 36 عامًا، تعاني من السمنة، وتدعم إعادة تصنيف السمنة كمرض، وتصر على أن زيادة وزنها لا يعود لنقص في الإرادة أو اختيارها لنمط حياتها.
تقول سارة إنها شاركت في برنامج تدريبي صارم قبل خمس سنوات، وفقدت الكثير من الوزن، لكن الوضع لم يستمر.
بمجرد أن يصاب الشخص بالسمنة يكاد يكون مستحيلًا أن يفقد بعض وزنه ثم يحتفظ بالوزن الجديد. الجسم يبذل كل ما بوسعه للعودة إلى أعلى وزن وصلت إليه
أكدت وزارة الصحة التزامها بالحد من السمنة والأضرار التي تسببها، وأعلنت مضاعفة برنامج الوقاية من مرض السكري، التابع لهيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وكجزء من خطة الهيئة طويلة الأمد، سيحصل أكثر من 200,000 شخص سنويًا في جميع أنحاء إنجلترا على دعم ونصائح لإنقاص الوزن.
وأضافت الوزارة: نحن أيضًا نساعد الناس على أن يعيشوا حياة أكثر صحية، كجزء من خطة التعامل مع السمنة، كما شجعنا المصنعين على خفض نسبة السكر في نصف المشروبات المعروضة في المحلات التجارية، ونتشاور حول خطط تقديم علامات السعرات الحرارية في المطاعم”.
ويتطلب قرار الاعتراف بالسمنة كمرض إصلاحًا جذريًا في نظام هيئة الخدمات الصحي؛ إذ يعني إطلاق استراتيجية وطنية، وتمويلًا أكبر، وإخضاع المرضى لأنظمة علاجية طويلة المدى.