ترتبط إيران بالميليشيات في كل من سوريا والعراق، وتتخذها وسيلة لضرب القوات الأمريكية بالوكالة.
بعد الغارات الجوية على مقرات حزب الله العراقي مباشرة، أكدت الولايات المتحدة أنها كانت انتقامًا مباشرًا للهجوم على قاعدة K-1 في كركوك، ووصفتها بأنها محاولة لردع عمليات الميليشيات- المدعومة إيرانيًا- المستقبلية ضد قواتها. لكنها عادت واستهدفت قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.
ترامب بعد استهداف سليماني والمهندس كتب على تويتر: “إيران لم تفز أبداً بالحرب، لكنها لم تخسر التفاوض أبداً”، مما ينظر إليه البعض على أنه دعوة للتفاوض.
تدرك الولايات المتحدة أيضًا أنه نظرًا لبيئة العمل في العراق وسوريا، فإن قواتها المنتشرة في البلدين معرضة لهجمات الميليشيات المرتبطة بإيران. لذلك تحركت هذه المرة بشكل مختلف بعدما مارست استراتيجيتها المفضلة المتمثلة في الاعتماد على العقوبات، بما في ذلك تلك التي فرضت في ديسمبر ضد قادة الميليشيات العراقية، لشل إيران ورجالها في محاولة لتجنب أي صدام عسكري.
حزب الله العراق | بغداد على خطى بيروت.. لماذا الضربات الأمريكية تطور ضخم! | س/ج في دقائق
بالإضافة إلى المجازفة بالقتال مع الولايات المتحدة التي يمكن أن تمتد إلى إيران نفسها، فإن تصاعد العنف في وقت ينتقد فيه متظاهرون عراقيون النفوذ الإيراني في بلادهم يمكن أن يأتي بنتائج عكسية على طهران.
لكن حتى مع وجود هذه المخاطر الواضحة، فإن الاقتصاد الإيراني المتدهور وحرص بعض وكلائها على مواجهة القوات الأمريكية قد يغري القادة الإيرانيين بالتصرف. حتى إذا لم يحدث هجوم مضاد إيراني واسع النطاق بشأن الضربة الأمريكية على كتائب حزب الله، فمن المرجح أن تستمر الهجمات الصاروخية على المواقع الأمريكية في العراق وسوريا، وقد تزداد شدتها.
يمكن أن يستخدم الوكلاء الإيرانيون أيضًا وسائل أخرى للهجوم، مثل الأجهزة المتفجرة العشوائية. هذا يعني أن هناك احتمالية عالية ومستمرة للمزيد من الإصابات الأمريكية على أيدي الميليشيات المرتبطة بإيران. هذه، بدورها، يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الضربات الأمريكية. في هذه المرحلة من المواجهة، يصعب حتمًا تصعيد العنف بين إيران والولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن احتمالية وقوع المزيد من الحوادث ستظل مرتفعة طالما بقيت حدة التوتر السياسي بين الدول في حالتها الحالية.
الكرة موجودة حاليًا في ملعب إيران، فمدى رد الميليشيات المرتبطة بإيران على الغارات الجوية الأمريكية وقتل قاسم سليماني سيحدد ما إذا كانت هناك حلقة تصعيد في العراق أم لا. مع العلم أن الميلشيات دعت للجهاد المقدس لطرد الأمريكان من العراق.
خريطة بريجنت.. كيف تقتلع الولايات المتحدة أنياب إيران دون صدام مباشر؟ | إنفوجرافيك في دقائق
حقيقة أن الميليشيات تضم مقاتلين عراقيين تمنح إيران درجة من الحماية السياسية من الحكومة العراقية بشأن استمرار عملهم في العراق، فضلًا عن بعض الانكار المعقول لاستخدامها الميليشيات لتعزيز الهيمنة الإقليمية.
أصدر الساسة العراقيون الذين تربطهم صلات مع كل من الولايات المتحدة وإيران إدانات كبيرة للغارات الجوية، لكنهم لم يصلوا إلى حد الدعوة إلى انسحاب القوات الأمريكية. وهذا يؤكد رغبتهم في عدم استعداء أي من البلدين، وكلاهما من الداعمين الأمنيين الأقوياء والشركاء الاقتصاديين الضروريين لبغداد.
في 29 ديسمبر، على سبيل المثال، وصف الرئيس العراقي برهم صالح الغارة الجوية الأمريكية بأنها غير مقبولة، وفي اليوم نفسه، أصدر حزب الدعوة القوي بيانًا أدان فيه استخدام العراق كموقع للولايات المتحدة وإيران لتسوية الحسابات.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي، الذي تم إبلاغه بأن الغارات الجوية ستحدث قبل حوالي نصف ساعة من وقوعها، إنه “يرفض بشدة” هذه الأفعال. وفي الوقت نفسه، قادة الميلشيات العراقية المتحالفة مع إيران طالبت القوات الأمريكية بالانسحاب من العراق. كما هدد بمزيد من الانتقام، وهو تهديد يحمل وزنًا كبيرًا.
إلى جانب الإدانات، فإن افتقار الحكومة العراقية للسيطرة على الأعمال الأمريكية أو الإيرانية في العراق يفتح احتمال حدوث بعض التدهور الدبلوماسي بين واشنطن وبغداد. وبالنظر إلى أن المقاتلين في الميلشيات عراقيون، فإن بغداد ستضطر إلى أن تنأى بنفسها علنًا عن التعاون المباشر مع الأعمال الأمريكية المستقبلية ضدهم.
هناك عامل آخر في عملية صنع القرار السياسي في بغداد سوف يتوقف على رد فعل حركة الاحتجاج في العراق، الاحتجاجات تسير في مسارين. رأينا خلال الفترة الماضية مواجهة قاسية للاحتجاجات المناهضة لإيران والميليشيات، في مقابل سماحية مع المظاهرات التي سارت إلى السفارة الأمريكية وحاولت اقتحامها.
دمج الميليشيات الشيعية.. هل تمول بغداد الحرس الثوري العراقي الموالي لإيران؟ | س/ج في دقائق
هل تدفع إيران أخيرًا فاتورة 40 عامًا من تصدير الثورة؟ | عبدالله عيسى الشريف