“أريد أن أرى وطنًا يملك اقتصادًا مزدهرًا ومتنوعًا، يستطيع فيه أي مواطن سعودي جاد، بصرف النظر عن نوعه الجندري، أن يعثر على وظيفة في المجال الذي يمتلك المهارات المطلوبة للالتحاق به”.. بهذه الكلمات، التي ألقتها في منتدى جدة الاقتصادي 2004، بدأ سطوع نجم السعودية لبنى العليان التي تتربع على عرش قائمة فوربس لأقوى النساء تأثيرًا في الشرق الأوسط.
لم يكن المنتدى مجرد تجمع اقتصادي، إذ سمح حينها لسيدة بالوقوف على منصته لتعرض رؤيتها لتطوير اقتصاد المملكة، في مؤتمر مختلط تستضيفه أرض سعودية.. تلك السيدة كانت لبنى بنت سليمان العليان.
“هذا المنتدى نفسه يوحي بأن الرؤية قابلة للتحقيق. أن تتاح لي الفرصة للتحدث في هذا المنتدى شخصيًا أمام جمهور يمثل كل المجتمع ومع فرصة للجميع للانخراط فيه. إنه بالتأكيد شرف شخصي عظيم بالنسبة لي، لكن الأهم من ذلك أنه يمثل التقدم والتغيير الحقيقيين”.
في العام التالي مباشرة اختارتها التايم لتكون من بين أهم ١٠٠ شخصية مؤثرة عالميا، موردة حدثا بسيطا ثانويا أثناء المنتدى، لكنه يدل على شخصيتها:
“في منتدى جدة، انحرف حجاب لبنى العليان خلال خطبتها، فاستمرت دون تغطية. أدانتها شخصيات دينية محلية، تمامًا كما فعلت الصحف، لكن سيدة الأعمال، البالغة من العمر وقتها 49 عامًا، أبدت منذ فترة طويلة شجاعة هادئة، كما أظهرت كلماتها يومها مدى أهمية إدماج المرأة في الدولة”.
اقرأ أيضًا: السعودية.. فرص نهوض الاقتصاد في مرحلة بن سلمان
تشغل لبنى العليان، 64 عامًا، منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة العليان للتمويل، إحدى أكبر المجموعات العائلية في المملكة العربية السعودية، والتي تدير أكثر من 40 شركة تحت مظلتها، بما يشمل مشروعات مشتركة مع علامات تجارية عالمية.
إنفوجرافيك: هل كان الإصلاح الاقتصادي في السعودية ضروريًا؟
تؤمن العليان بجدوى السعودة، ونادت بها منذ 2004، تقول بهذا الصدد: “أصبح من السهل علينا للغاية توفير فرص العمل على جميع المستويات للعمالة الأجنبية بدلًا من تولي مهمة تدريب شبابنا. في الوقت الحالي، هناك ما بين 3.5 مليون و3.7 مليون عامل أجنبي، أرسلوا إلى ديارهم على مدى السنوات العشر الماضية 586,000 مليون ريال. كان باستطاعتنا تدجين بعض تلك الوظائف والاحتفاظ ببعضها”.
تعتقد العليان أن خلق المزيد من فرص العمل سينشئ طبقة وسطى متنامية تملك القوة الشرائية الضرورية للحفاظ على السوق المحلي، بالتزامن مع مواصلة تحسين القاعدة الصناعية والصناعية والخدمية، بتعاون كامل بين الحكومة والقطاع الخاص.
ترى لبنى العليان أن تسريع عملية الخصخصة يرفع معدلات الكفاءة، وزيادة الشفافية، والمساءلة، وهما النوعان الأساسيان من المتطلبات الأساسية في الاقتصاد العالمي، كما تؤمن أن على الحكومات التوقف عن تفضيل الموظف على صاحب العمل بشكل مفرط، بما يأتي بنتائج عكسية في بيئة ذات وفرة في الباحثين عن الوظائف.
“بصراحة، لا ينبغي أن يكون من الصعب للغاية طرد الموظفين غير المنتجين بين الحين والآخر، خاصة عندما يدخل الشباب السعوديون من الشباب والنساء النشطين إلى قوة العمل أكثر فأكثر. يجب أن نركز المزيد من الموارد على التدريب التقني والتعليم الذي يؤهل شبابنا من الرجال والنساء للانخراط أجل العالم الحقيقي واحتياجات أصحاب العمل”.
ولدت لبنى العليان في الرابع من أغسطس 1955، وأكملت دراستها الجامعية في جامعة كورنيل الأمريكية عام 1977، وحصلت على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة إنديانا عام 1979، حيث عملت في بنك مورجان جوارنت بمدينة نيويورك حتى 1981، قبل أن تعود إلى السعودية لتعمل في شركة والدها سليمان العليان، أحد أبرز رجال الأعمال السعوديين في فترة ما بعد الطفرة النفطية.
بانضمامها للمجموعة، ساهمت لبنى العليان في كسر حاجز النوع الاجتماعي في الشركات السعودية، لتصبح في 2004 أول سعودية تنتخب لعضوية مجلس إدارة شركة مساهمة عامة، هي البنك السعودي الهولندي، والتي تمتلك شركة العليان حصة من أسهمها.
استمرت في قائمة فوربس لأقوى النساء حتى 2011، وعادت إلى القائمة في 2014.
وانضمت العليان في أبريل 2017 إلى مجلس إدارة شركة التعدين السعودية (معادن)، كممثلة عن صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
وفي 2004، أطلقت برنامج العليان للعمل الوطني النسائي للتوظيف والتطوير؛ بهدف زيادة عدد المهنيات اللواتي لا يشكلن سوى نسبة ضئيلة من إجمالي القوى العاملة في السعودية.
ويقبل البرنامج المنتسبات إليه ويدربهن على المهارات التي يحتاجها سوق العمل، فضلًا عن تأهيل منتسباته لتولي مناصب قيادية تنفيذية في المستقبل.
وفتحت العليان مجموعتها التجارية أمام السعوديات، من خلال توظيف 540 امرأة.
التكريم الذي تلقته والمناصب التي تشغلها العليان أكبر من محاولة حصرها، من بينها الوسام الملكي السويدي للنجم القطبي من الطبقة الأولى عام 2012، لتكون بذلك أول امرأة سعودية تنال هذا الوسام، تكريمًا لجهودها في تعزيز العلاقات بين بلادها والسويد، كما حلت أكثر من مرة على قوائم أرابيان بيزنس وفوربس وفورتشن لأقوى النساء وأكثرهن تأثيرًا عالميًا، وتصدرت القوائم نفسها عربيًا وشرق أوسطيًا، كما وصفتها كلية ترينيتي في دبلن، التي منحتها شهادة فخرية في القانون بأنها “قدوة للنساء في الشرق الأوسط”.
#لبنى_العليان المرأة الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط 💪#السعودية pic.twitter.com/EfqnSWqY1d
— دقائق (@daqaeqnet) September 29, 2018