لو طرحت عليك سؤالًا بسيطًا لدرجة السخافة، وقلت: من أكثر الناس حصانة من النقد؟ ماذا قد يتبادر إلى ذهنك من إجابات؟
ربما تجيب بأنهم الأنبياء، أو الملوك، أو حتى العلماء.. لكن أي من ذلك لن يكون صحيحًا.. فالإجابة المثلى ستكون -ويا للعجب- العاهرات!
في أفراح القبة، ألقى نجيب محفوظ على لسان إحدى شخصيات الرواية مقولة هي عين الصدق والطرافة معًا. قال واصفًا أحدهم: “كان حرًا كأنه ابن حرام!”
لو تفكرت قليلًا ستجد أنه ليس في إجابتنا المثلى تلك، ولا في وصف نجيب محفوظ، ما يدعو للغرابة. العاهرة وابن الحرام ليس لديهما ما يخسرانه. قل لي بربك كيف تجرؤ على توجيه إهانة لأحدهما، في حين أن جوهر كيان الأول، وعمل الثانية، سُبة في حد ذاته!
نتفليكس – مسلسل ما وراء الطبيعة.. 5 أسباب للقلق و 5 أسباب للتفاؤل | حاتم منصور
ومضت في رأسي تلك الخاطرة حين وقعت عيني على تعليق لأحد قراء أحمد خالد توفيق يقول فيه إن “العراب” لم يدَّعِ أنه أديب كبير أو مفكر لا يشق له غبار. لذا، وبالضرورة، فإن أيًا مما تقوله لا يمسه بحال من الأحوال.
فكرة عبقرية حقًا لو تأملتها. أنا لم أقل إني أديب كبير فلا تقس عليّ، كما قد تأخذك القسوة أحيانًا في نقدك للأدباء الكبار. والنتيجة المذهلة وغير المتوقعة أن يغدو أديبنا – الذي ليس كبيرًا – عرابًا ومحصنًا من النقد. لكنها -للأسف- حصانة عكسية!
نطالع في مقدمة “الغث من القول” ما يدل على أن أحمد خالد توفيق كان على وعي بتلك الحيلة. يقول مبررًا تسميه كتابه بهذا الاسم على ما فيه من تقليل من شأن ما فيه: “من طرق الدفاع الخبيثة عن النفس أن تكون قاسيًا مع نفسك، فهذا يجعل خصمك يدخر جهده منذ البداية”.
وعلى هذا المنوال يمضي كاتبنا، فهو لا ينسى إعلان أنه ليس ناقدًا سينمائيًا في “أفلام الحافظة الزرقاء” ولا ناقدًا أدبيًا في “اللغز وراء السطور”، وأنه كذلك ليس متبحرًا في أي من المواضيع التي يدلي فيها بدلوه بـ “دماغي كدا”.
أسطورة العراب | هل جاء أحمد خالد توفيق بكتاب مقدس؟ | أمجد جمال
في “خصام ونقد” يصف الدكتور طه حسين لونًا من الأدب بأنه “ليس هو بالكلام السوقة الذي لا قيمة له، ولا بالأدب الرفيع الذي يكلف صاحبه الكدَّ والجدَّ والعناء، وإنما هو فن وسط يحتل منزلة بين المنزلتين”.
عميد الأدب العربي يُرجع رواج هذا اللون إلى “عجلة الحياة الحديثة” و “ضرورات الصحف والمطابع”. قبل أن يشير لخطر “أن نكتفي بهذا الفن الوسط فنراه الأدب كل الأدب، ونقنع به لنرضي حاجة نفوسنا إلى الأدب الرفيع، وحاجة قلوبنا وأذواقنا إلى الغذاء الممتاز”.
كان طه حسين في نقده هذا يشير إلى أسماء مثل إحسان عبد القدوس وأنيس منصور.. أما لو قدر له معاصرة أحمد خالد توفيق فما كان ليصف إنتاجه، ذلك الذي يفوق الـ 230 عملًا -غير الترجمات- أنجزهم خلال 25 عامًا دون أن يتفرغ للكتابة، بأكثر من “الثرثرة”.
أحمد خالد توفيق نموذج لحالة “التحديث المتعثر” التي بلينا بها كمجتمع.
فبينما يأخذنا الانبهار بمظاهر الحياة الحديثة، يفصلنا إرث من الكراهية المقدسة عن لُبها.. لذا نلجأ لاستيراد من التحديث قشرته البرَّاقة، فيما نبقي على جوهر حياتنا البالية عفنًا كما هو.
بوب آرت.. أدب رعب.. نقيض البطل.. ألا يبدو كل هذا جديدًا؟
بلى.. “يبدو” كذلك. لكن إلام يكرس كل هذا؟
لنر..
الترجمة التالية مليئة بالتصرف لأن صفحات القصة الأصلية تربو على 360 صفحة، كما أننا اضطررنا لحذف الكثير مما يتنافى مع رسالة روايات عالمية للجيب تجاه الشباب العربي
– الشيطانة
كل الأديان السماوية أكدت وجود السحر الأسود.. إن وجود السحر لا شك فيه.. السؤال الوحيد هو ما إن كان هؤلاء سحرة أم نصابين
– رفعت إسماعيل، أسطورة الموتى الأحياء
هل تحققت أسطورة نحس رفعت إسماعيل في مسلسل ما وراء الطبيعة ؟ | حاتم منصور
د. جلال أمين قال بوضوح إن “حرية الفرد في الكتابة يجب أن تكون لها حدود مثل حرية الفرد في إطلاق الرصاص على الناس”. يقول كذلك إن “هناك قطاعا كبيرا من المثقفين دأب على الدفاع عن أعمال غثة فكريًا تهين المقدسات الدينية وتجرح الشعور العام باسم حرية لإبداع وحرية لتعبير”. د. جلال أمين يجد بدوره في هذا الموقف إرهابا من نوع آخر
– اللغز وراء السطور
لو اتهمت الفتية فقط فأنت تتناسى كل هذا العبء الهرموني والنفسي والاقتصادي على عاتق شاب لا يجد أملًا في أي شيء، وتتجاهل منظر الفتيات في الشوارع.. لسان حال الواحدة منهن يقول: “عجبًا لهؤلاء الشباب. كشفت عن صدري وضيقت الفستان على ردفي، وبرغم هذا يصرون على عدم التعامل معي كإنسانة بل يريدون الظفر بهذه الأشياء.. يا لهم من حيوانات”.. الفتيات يعتقدن فعلًا أنهن يعرفن السلعة الوحيدة التي تضمن لهن المستقبل، ويتصرفن على هذا الأساس لكنهن يتضايقن عندما يحاول الجمهور غير المستهدف الحصول عليها!
تبني هذا الرأي لا يخلو من منطق، لكنه لن يروق كثيرًا لجمعيات حقوق المرأة
– دماغي كدا
منذ سمعت اسم حسن نصر الله للمرة الأولى وقعت في حبائله ككل من عرفه. إنه كاريزما تمشي على قدمين، وعقل متزن ومنطق قوي لا تشوبه شائبة. في الوقت نفسه هناك لمحة من المكر اللطيف في عينيه، وهي لمحة تشي بأنه لم يتخل بعد عن براءة الطفل بداخله
-دماغي كدا
هناك سيناريو لقصة ستريبس قمت بكتابتها منذ أربعة أعوام ولم أجد من يرسمها. القصة تصور أسامة بن لادن وأيمن الظواهري يجلسان أمام خلفية من جبال أفغانستان الوعرة ويلقيان بيانًا ناريًا من تلك البيانات. بعد التصوير تتراجع اللقطة لنجد أن الجبال صورة جدارية عملاقة وأن التصوير يتم في هوليوود، ونرى مخرجًا أمريكيًا يثني على الأداء، بينما مدير المخابرات المركزية يهنئ الرجلين باعتبارهما أكفأ ضابطي مخابرات لديه على الإطلاق! لم أر بعد ما ينفي هذه الصورة أو يضعفها في ذهني
-دماغي كدا
ماذا عن فاتورة الكهرباء القادمة؟ ماذا عن فاتورة الهاتف القادمة؟ ماذا عن كوب الماء الذي تشربه والهواء الملوث الذي تتنفسه؟ ماذا عن الفراخ المحشوة بالهرمونات؟ ماذا عن زوار الفجر؟ ماذا عن قناة سويس إسرائيل البديلة؟
الحقيقة أن الناس في مصر محظوظون، فهم ليسوا بحاجة إلى قراءة أدب الرعب لممارسة بروفة الرعب. إن الرعب ضيف دائم معهم
– دماغي كدا
ورقة في درجي كتبتها في السابعة من عمري أودع فيها العالم لأنني قررت الانتحار!! أصابني الهلع: ترى هل انتحرت فعلًا بعدما كتبت الورقة؟ ربما.. أشعر أحيانًا بأنني جثة نخرة
– قصاصات قابلة للحرق
أسطورة “ما وراء الطبيعة” التي لن يجرؤ عمرو سلامة على تقديمها في نتفليكس | الحكاية في دقائق
أ) في التأليب الطبقي
مؤخرًا رأيت صور السور الرهيب الذي يتم بناؤه حول العاصمة الجديدة. يقولون إنه أكبر وأقوى من الجدار العازل في فلسطين. هذا بالطبع ليس سورًا للحماية من العدو، لكنه سور للحماية من غضبة الشعب العاتية عندما يصل الحرمان والفقر لدرجة معينة تؤدي للانفجار. في كل يوم تقريبًا يصلني خطابان يخبرانني أن يوتوبيا قد صارت حقيقة واقعة
– إضاءات، 9/9/2017
ب) في التأليب الطائفي
سليم العوا مفكر محترم وكلامه يوزن بالميكروجرام ولا يخرج إلا بسبب. بكلمات واضحة قال العوا إن هناك سفينة تم ضبطها من مباحث أمن الدولة قادمة من إسرائيل وعليها أسلحة ومتفجرات، وتعود ملكيتها لنجل وكيل مطرانية بورسعيد. وقال إن السلاح يخزن في أديرة الصحراء. لقد صارت الأمور معقدة ولم يعد الكلام عن الإسلاميين المفترسين الذين يقتلون المسيحيين العزل واردًا. لقد فقد أقباط المهجر أقوى ورقة في يدهم
– الغث من القول
ج) في الجهل السياسي
لو تكلمت عن إسرائيل كالعادة فأنا أقع في عش الدبابير، خاصة أنني سأكتب وأنا أغلي تحت تأثير مقال الأستاذ هويدي الذي كشف عن قيامنا بتصدير الغاز الطبيعي النادر لإسرائيل بملاليم، مع الالتزام بالتصدير حتى بعد نفاده عندنا. يعني لن يكون عندنا غاز لكننا سنشتري غازًا بسعر باهظ نصدره لهم بملاليم
ما أقوله هنا لا يزيد في أبسط صوره على ما يقوله أي سائق تاكسي تركب معه غدًا: “الناس بقت وحشة قوي يا باشمهندس”. فقط أقولها بالفصحى مع بعض الأرقام
– الغث من القول
فيديو | الكتلة الخشبية.. سر سيطرة الإخوان على الميديا الدولية | جوه الجيم
لقد جعل الشباب يقرأون. لكن، يقرؤون ماذا؟! لا أحد يسأل، لا أحد يبالي.
لم يدع أحمد خالد توفيق صوتًا إسلامويًا إلا وامتدحه.. بدءًا من مصطفى محمود وفهمي هويدي، مرورًا بمحمد الغزالي وعبد الوهاب المسيري، وصولًا لمحمد عمارة ويوسف القرضاوي..
إن كان في ذلك ما يعد إنجازًا، فأنا أُقر له بهذا. لقد جعلهم يقرأون فعلًا.. وليته ما فعل!