بدأت شهرة ذاكر نايك في الهند وما حولها، ليتحول إلى ما يوصف بـ “أكثر الدعاة السلفيين نفوذًا في البلاد”، قبل أن يتحول عبر انتشار مقاطع الفيديو التي تغطي مجادلاته مع غير المسلمين إلى “المبشر السلفي الرائد في العالم”.
تقول السلطات في الهند إن الأيديولوجية الإسلامية الراديكالية التي يعتمد عليها في دعوته دفعت بعض الشباب للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية وبينها داعش. تستند على دعوته لجميع المسلمين ليكونوا إرهابيين؛ مستندًا على فكرة “عندما يرى السارق شرطيًا يشعر بالرعب. إذن، بالنسبة للسارق، فإن الشرطي هو إرهابي. لذا في هذا السياق، يجب أن يكون كل مسلم إرهابيًا للسارق”.
يعتبر ذاكر نايك أن ضرب الزوجات ليس بالضرورة أمرا سيئًا في العالم الإسلامي. تنقل “إنديا توداي” عنه كذلك رفضه إرسال الفتيات إلى المدارس، ومطالبته بمنعهن من ارتداء الحلي الذهبية.
بينما كان في رحلة خارجية، أعلنت الهند نيتها اعتقاله بسبب خطابه الذي يحض على الكراهية والذي كان دافعًا للإرهابيين في هجوم دكا، وقررت مراقبة بيته وتفتيش مؤسساته، فلم يعد وتوجه إلى ماليزيا.
وجهت الهند طلبًا لـ”الإنتربول” لإصدار مذكرة باعتقاله بتهمة التورط بغسل أموال والكسب غير المشروع. وقالت السلطات إن التهم تتعلق بمؤسسات خيرية وإعلامية يديرها.
في 2019، استجوبته الشرطة في ماليزيا لعشر ساعات بشأن خطاب ألقاه وقال فيه إن الهندوس في ماليزيا يتمتعون “بحقوق أكثر 100 مرة” من الأقلية المسلمة في الهند وإن الماليزيين الصينيين ضيوف على البلاد. ما اضطره إلى الاعتذار عن التصريحات لكنه أصر على أنها ليست عنصرية وقال إن منتقديه انتزعوها من سياقها.
تشير تقارير إعلامية إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعا في الماضي القريب العديد من القادة الإسلاميين في الهند – وبينهم ذاكر نايك – لتعزيز نفوذه عبر الهند.
وزار رجل الدين التركي سيردار ديميريل كولكاتا الهند في 2016 للمشاركة في مسيرة احتجاج نظمها مسلمون معارضون لمحاولة الحكومة تطبيق قانون مدني موحد في جميع أنحاء البلاد، بحسب مركز بيجن – السادات للدراسات الإستراتيجية .
ومولت تركيا المنظمات غير الحكومية الهندية – ومن ضمنها مؤسسات نايك – للوصول إلى الطلاب المسلمين وضمان التأثير في المدارس والمساجد.
وفي خطاب أمام جماعة إسلامية يديرها بلال أردوغان في 2017، وصف ذاكر نايك الرئيس التركي بأنه “أحد القادة المسلمين القلائل الذين يمتلكون الشجاعة لدعم الإسلام علانية”. وقال: “أيها العالم الإسلامي، استيقظ .. أتمنى أن يكون أردوغان الحاكم التالي للعالم الإسلامي”.
هذه الاستراتيجية نجحت في التأثير على الشباب الهندي، فأصبح هناك مسلمون في الهند يرون أردوغان كزعيم للعالم الإسلامي، واحتفلوا بانتصاره في الانتخابات الرئاسية في يونيو 2018.
وفي ماليزيا، خدم ذاكر نايك حكومة الإسلام السياسي الممثلة في مهاتير محمد، حتى وصفه موقع ملايو نيوز بقطعة الشطرنج الثمينة التي يستخدمها مهاتير محمد لكسب تأييد المسلمين الماليزيين الذي بدأوا بالشعور بخيبة أمل من قيادته للبلاد.
وبدعوة من مهاتير محمد، حضر نايك قمة كوالالمبور 2019 – التي حضرها قادة قطر وإيران وتركيا وماليزيا، وأجرى لقاءات مع الحضور، لكنه رفض التصريح لوسائل الإعلام.
ورفضت ماليزيا مرارًا تسليم ذاكر نايك إلى الهند، ومنحته الإقامة الدائمة بناء على طلب باكستان.
في الوقت نفسه، استخدمت باكستان علاقاتها مع تركيا وقطر لتوفير الأموال. تقول “زي نيوز” إنه اتصل بإحدى جهات اتصاله القديمة- عبد الله علي العمادي- في قطر وطلب منه 500,000 دولار أمريكي كتبرع لمؤسسته الخيرية، ليساعده العمادي كذلك على جمع الأموال من الأثرياء والمنظمات الخيرية في الدوحة.
وقول “تي آر تي” التركية إن المسلمين في الهند وأجزاء أصبحت فيما بعد باكستان قادوا من خلال حركة الخلافة في العشرينيات، الجهود للضغط على الحكومة البريطانية بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية للحفاظ على سلطة السلطان العثماني كخليفة أو زعيم المسلمين في جميع أنحاء العالم، في إشارة إلى حركة الشقيقين محمد وشوكت علي التي تواصلت مع حكومة عصمت إينونو رسميًا لمطالبة القوميين الأتراك بالحفاظ على الخلافة فيما اعتبرته أنقرة تدخلًا أجنبيًا، وإهانة للسيادة التركية، وتهديدًا لأمن الدولة.
تقول ديلي صباح التركية إن تركيا أعادت تعريف مشاركتها حول العالم على أساس إحياء الروابط القديمة بمجرد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في 2002
أبهيناف بانديا، محلل سياسات متخصص في مكافحة الإرهاب والسياسة الخارجية الهندية، يقول إن محاولة أردوغان توسيع نطاق تواصله مع مسلمي الهند جزء من خططه لقيادى العالم الإسلامي؛ باعتبار الهند تضم ثالث أكبر عدد من المسلمين في العالم، مضيفًا أن مركز أبحاث تركي يدعى مركز جنوب آسيا للبحوث الاستراتيجية (GASAM) يلعب دورًا في هذا الإطار، عبر تنظيم مؤتمرات تدعو إليها رجال الدين والسياسيين وقادة المجتمع من جنوب آسيا لتصدير الفكر الإسلامي لحزب العدالة والتنمية إلى المسلمين الهنود.
أحد أهم أركان هذا “التصدير” بحسب بانديا هو “رجال الدين المثيرين للجدل، وأحدهم ذاكر نايك بخلاف تمويل المنظمات غير الحكومية للتواصل بين المسلمين الهنود وبرامج تبادل الطلاب المسلمين والتأثير داخل المدارس والمساجد.