يقول المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن تركيا اكتفت بدور هادئ في ليبيا لخمس سنوات، مكتفية بدعم حكومات الإسلاميين في طرابلس دون تورط مباشر، قبل أن تتبادل مع حكومة طرابلس رسميًا في أبريل/ نيسان إعلانات الدعم “بكل الوسائل المتاحة”.
الدعم تطور من نقل السلاح إلى الإمداد بالخبراء والتدخل المباشر أحيانًا. قبل أن يوقع الطرفان بنهاية نوفمبر اتفاق تعاون أمني وعسكري، ومذكرة لترسيم الحدود البحرية.
وتقول نيويورك تايمز إن تركيا باتت الراعي الوحيد “عمليًا” لحكومة طرابلس المدعومة “نظريًا من الأمم المتحدة وواشنطن والعواصم الأوروبية الأخرى”. لكن غير المعترف بها من البرلمان الليبي المنتخب.
وتقول حكومة طرابلس – التي يُنظر إليها بشكل متزايد كرهينة للميليشيات المتحالفة معها – إن الدعم التركي “أنقذها في الوقت المناسب”.
ويقول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه قد يرسل قوات للدفاع عن حكومة السراج إن طلبت ذلك.
تفاصيل الدعم التركي والاتفاقات الجديدة تجدونها بصورة أوفى في الروابط التالية:
من الدفاع عن القذافي لتسليح ميليشيات طرابلس.. كيف تورط أردوغان في ليبيا؟ | س/ج في دقائق
مذكرة تفاهم السراج – إردوغان: هل هي ضربة سياسية لمصر؟ | س/ج في دقائق
نيويورك تايمز نقلت عن مسؤول أمني أوروبي لم تسمه أن علامات الإصابة تشير لنوع من الذخيرة يستخدمها المرتزقة الروس في أماكن أخرى، بينها شرق أوكرانيا.
وتقول تقارير صحفية غربية عدة إن التدخل الروسي مستند بالأساس على نشر المئات من مسلحي مجموعة فاجنر، وهي شركة أمن خاصة مرتبطة بالكرملين.
المسؤولون في موسكو ينفون أي تورط في ليبيا. ويقولون في أفضل الأحوال إن أي تحرك لمجموعات مسلحة لا يمثل الدولة، لكن المسؤولين الغربيين يقولون إن فاجنر كانت تنقل الأسلحة والدبابات والطائرات بدون طيار إلى ليبيا منذ عام تقريبًا. ويعتقد أن هناك 1,400 من مسلحيها في البلاد. بينما يقول دبلوماسي في طرابلس إن تدخل المجموعة يشبه “الاستعانة بمدرب عالمي لتدريب فريق محلي”.
وفي نوفمبر 2018، اجتمع خليفة حفتر في موسكو مع وزير الدفاع الروسي، بحضور رئيس مجموعة فاجنر.
في مارس، تمكنت المخابرات الغربية من تحديد موقع 300 من المقاتلين التابعين لمجموعة فاجنر، بحسب بي بي سي. وقال مصدر بالحكومة البريطانية لصحيفة التايمز إن هذه القوات تتمركز في مينائي طبرق ودرنة.
ويتهم قادة الغرب روسيا باستخدام روسيا لفاجنر لتجنب المساءلة بشأن العمليات العسكرية الدولية. وفي فبراير، قال وزير الدفاع البريطاني آنذاك جافين ويليامسون إن روسيا “تلجأ لحروب الوكالة – واستخدام المرتزقة تحديدا – مثل خدمات مجموعة فاجنر التي لا تخضع أبدًا للمساءلة.
وذكرت معلومات استخباراتية إن المجموعة تدعم قوات حفتر بالتدريبات، وتساعده في توطيد نفوذه العسكري عن طريق إمداده بقطع المدفعية، والدبابات، وطائرات بدون طيار، وذخيرة، وغيرها من أشكال الدعم اللوجيستي.
دعم روسيا قد يغير اللعبة بحسب دبلوماسيين غربيين قالوا للإيكونوميست إن موسكو ساعدت خليفة حفتر على ترسيخ قبضته في الشرق والجنوب، التي تضم معظم حقول النفط في البلاد، وقد يقلب الميزان في طرابلس، لكن دبلوماسيين آخرين قالوا لنيويورك تايمز إن حسم الحرب الأهلية في ليبيا يتطلب دعمًا روسيًا أكبر بكثير من بضع مئات من المسلحين، لكن الدعم – بمستواه الحالي – يمنح موسكو دورًا رئيسيًا في أي مفاوضات حول مستقبل البلاد.
نيويورك تايمز تقول إن التحرك في ليبيا جزء من حملة واسعة النطاق يقودها الكرملين لإعادة تأكيد نفوذ روسيا في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويشير الباحث في مركز تحليل صراعات الشرق الأوسط في موسكو ألكسندر شوميلين إلى أن “حفتر قريب أيديولوجيًا من روسيا”.
ويرى الباحث في العلوم السياسية ألكسي مالاتشنكو أنه بعد إنقاذ روسيا لحليفها بشار الأسد في سوريا، فإن الأزمة الليبية تمهد لتحرك جديد في وجه واشنطن.
ما يتجاوز “صراع النفوذ” يشمل تفاصيل أهم. مالاتشنكو يقول لفرانس برس إن “ليبيا هي النفط. والروس يتقربون منها منذ زمن”. وتسيطر ليبيا على احتياطيات نفط هائلة، وتضخ 1.3 مليون برميل يوميًا رغم الصراع الحالي.
وفي ديسمبر، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المتوافق على شرعيتها بين حفتر والسراج) استئناف نشاط “تات نفط” الروسية في البلاد بعد توقف 5 أعوام، ضمن اتفاقية وقعت في 2005 تنص على حصول الشركة الروسية على نحو 10.5% من حصص الإنتاج في حوض غدامس الذي تقدر إجمالي احتياطياته القابلة للاستخراج بأكثر من 3.5 مليار برميل.
وتعني مساعدة حفتر في الزحف باتجاه طرابلس والاستيلاء عليها السيطرة على حقول النفط وتهديد الإمدادات الغربية منها.
وتؤمن مجموعة فاجنر بالفعل معظم المنشآت النفطية الخاضعة لسيطرة خليفة حفتر. وهذا يعطيها نفوذًا على أوروبا، التي تستهلك النفط الليبي الخام.
وبخلاف قطع إمدادات النفط، ستحمل روسيا مفاتيح بوابة أوروبا بالتحكم في حركة المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط إلى جنوب أوروبا.
ويفصل البحر المتوسط بين ليبيا وإيطاليا بمسافة 300 ميل فقط، وهي نقطة انطلاق لعشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين.
وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، أعرب عن اعتقاده بأن روسيا تحاول “حشر أصابعها على نطاق واسع” في الحرب الأهلية في ليبيا سعيًا لتحريك الموقف لصالحها.
وقال محمد علي عبد الله، مستشار الشؤون الأمريكية في حكومة طرابلس لـ “رويترز” إن الروس فقط يملكون القدرة على إسقاط طائرة أمريكية دون طيار، بينما لا يملك حفتر القدرة أو المعدات اللازمة.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال إن الولايات المتحدة تريد العمل مع روسيا لإنهاء الصراع في ليبيا. لكنه ذكر نظيره الروسي سيرجي لافروف بالحظر المفروض على نقل الأسلحة إلى هناك، وأنه لا ينبغي لأية دولة توفير عتاد إضافي لأطراف الصراع.
بومبيو أضاف أن الولايات المتحدة حذرت جميع الدول من إرسال أسلحة إلى ليبيا التي لا يمكن حل أزمتها عسكريًا، معتبرًا أن روسيا يمكن أن تساعد في الوصول إلى طاولة المفاوضات.
لعبة القيصر والسلطان.. نزاع “النسر والهلال” الممتد بين روسيا وتركيا | الحكاية في دقائق