س/ج في دقائق: تهاوي الليرة التركية.. ما فعله أردوغان وما لم يفعله

س/ج في دقائق: تهاوي الليرة التركية.. ما فعله أردوغان وما لم يفعله

12 Aug 2018
تركيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

تراجعت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها أمام الدولار، وسط توتر سياسي، وتلاسن بين الولايات المتحدة وتركيا.

كيف بدأت الأزمة بين تركيا والولايات المتحدة؟

لماذا تعقد المشهد؟

كيف تصرف أردوغان؟

ماذا يجب على أردوغان أن يفعل؟

هل تمتد الأزمة إلى خارج تركيا؟

كيف بدأت الأزمة بين تركيا والولايات المتحدة؟

يعيش القس آندرو برونسون، 50 عامًا، من ولاية نورث كارولينا الأمريكية، في تركيا منذ أكثر من 23 عامًا، ويرعى كنيسة للبروتستانت في مدينة إزمير على الساحل الغربي. السلطات التركية اعتقلته في أكتوبر 2016 بتهمتي التجسس ومساعدة منظمة إرهابية، ضمن حملة اعتقالات واسعة تلت الانقلاب الفاشل في 2016.

ويواجه برونسون عقوبة قد تصل إلى السجن 36 عامًا على الأقل إذا أدين.

المنظمة الإرهابية المقصودة، بجانب حزب العمال الكردستاني، هي حركة الخدمة، التابعة للداعية التركي فتح الله جولن، الذي يعيش في المنفى الاختياري في ولاية بينسيلفانيا الأمريكية منذ 1999، والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب.

ينفي جولن الضلوع في محاولة الانقلاب، لكن تركيا تتمسك بمطالبة الولايات المتحدة بتسليمه، وأرسلت عدة وثائق تعتبر أنها تدعم طلبها بترحيله، دون بادرة أمريكية للموافقة.

واقترح أردوغان في سبتمبر 2017 صفقة تبادل تقضي بالإفراج عن برونسون مقابل تسليم جولن، لكن الولايات المتحدة رفضت.

ومنح مرسوم صدر في أغسطس الماضي أردوغان سلطة الموافقة على مبادلة أجانب محتجزين أو مدانين في تركيا بأتراك محتجزين في دول أخرى في حالات يفرضها الأمن القومي أو المصالح القومية.

لماذا تعقد المشهد؟

في أبريل الماضي، دخل ترامب على خط الأزمة الممتدة لعامين، وكتب عبر تويتر:

في مايو، استأنفت محكمة تركية محاكمة برونسون، وأبقت عليه قيد الاحتجاز، لتأمر في الأسبوع الأخير من يوليو، بنقله من السجن الذي قضى فيه 21 شهرًا، ووضعه قيد الإقامة الجبرية.

في اليوم التالي، طالب ترامب تركيا بالإفراج الفوري عن برونسون، ملوحًا بعقوبات أمريكية حال رفض طلبه.

نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، خرج بتهديد أكثر وضوحًا في اليوم نفسه:

لدي رسالة للرئيس رجب طيب أردوغان والحكومة التركية، باسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية: أطلقوا سراح القس برونسون الآن أو استعدوا لمواجهة العواقب. إذا لم تأخذ تركيا خطوة فورية لتحرير هذا الرجل البريء وإرساله إلى أمريكا، ستفرض الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على تركيا حتى يصبح القس أندرو برونسون حرًا.

بعد نحو 24 ساعة، جاء الرد التركي على لسان وزير الخارجية ​مولود جاويش أوغلو:

لا يمكن لأحد أن يفرض إملاءاته علينا، ولن نتسامح مع أي تهديد.

حرب رمزية؟

مع بداية أغسطس الحالي، فرضت واشنطن عقوبات على وزيري العدل والأمن الداخلي التركيين عبد الحميد جل وسليمان صويلو؛ ردًا على رفض أنقرة إطلاق سراح برونسون.

وشملت العقوبات مصادرة أي ممتلكات للوزيرين تحت الولاية القضائية الأمريكية، ومنع الأمريكيين من التعامل معهما، وتجميد أصولهما المالية المحتملة في الولايات المتحدة.

بالتزامن، قالت “بلومبرج” إن واشنطن تجهز قائمة سوداء تشمل شخصيات وشركات تركية قد تتعرض لعقوبات أمريكية على غرار القوائم الروسية.

أردوغان رد بالتصعيد، فأصدر أوامره بتجميد أصول وزيري العدل والداخلية الأمريكيين في تركيا، إذا وجدت.

وينفي الوزراء الأتراك والأمريكيون المستهدفون امتلاك أصول في الدولة الأخرى، لتبقى الخطوتان رمزيتين إلى حد كبير.

بحلول الجمعة الماضية، أعلن ترامب مضاعفة التعريفات الجمركية على الواردات التركية بنسبة 20% للألومنيوم و50% للحديد.

وكتب ترامب عبر تويتر:

أردوغان وصف التطورات بـ “حرب اقتصادية” تعهد بانتصار بلاده فيها، وقال:

لا تنسوا هذا، إذا كان لديهم دولاراتهم، فنحن أيضًا لدينا شعبنا، لدينا الصلاح والاستقامة، ولدينا إلهنا. أين كنا قبل 16 عامًا؟ وأين نحن الآن؟ سنكون أفضل. أتمنى منكم الصبر والجهد. سنعمل ونبذل قصارى جهدنا وسندخل عام 2023 بطريقة مختلفة للغاية.

اقرأ أيضًا: رهانات أردوغان الخاسرة: 1- واقعية ماقبل العدالة والتنمية

كيف استقبلت الأسواق “الحرب الاقتصادية”؟

يمر الاقتصاد التركي عمومًا بفترة سلبية. ومنذ مطلع العام الجاري، فقدت العملة المحلية أكثر من ثلث قيمتها، لكن المناوشات الأخيرة حلت بنتائج أكثر كارثية، فتراجعت الليرة بشكل قياسي أمام الدولار، لا سيما مع عجز أنقرة عن السيطرة على معدل التضخم المتزايد، والذي بلغ معدله السنوي 16% في يوليو الماضي.

وتراجعت الليرة لتصل إلى سعر ٦ ليرات مقابل الدولار، قبل أن تقلص تراجعها إلى حوالى 5.9 ليرات للدولار.

فايناشال تايمز تقول إن الليرة تمر بسقوط حر، لتصبح العملة الأسوأ أداء في العالم في 2018، متجاوزة البيسو الأرجنتيني الضعيف.

مؤشر لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة

وحذرت الصحيفة من أن كل انخفاض لليرة يزيد إمكانية حدوث أزمة في ميزان المدفوعات وانهيار القطاع المصرفي في تركيا.

هل تصرف أردوغان بطريقة صحيحة؟

اعتبرت الفاينانشال تايمز أن تعامل أردوغان مع الأزمة يزيد من قلق الأسواق، فبدلًا من السعي لإيجاد حلول، ألقى باللائمة على حروب اقتصادية على بلاده، ودعا الأتراك لتحويل مدخراتهم من الدولار والذهب إلى الليرة، وعوضًا عن اتخاذ إجراءات عملية، تضرع إلى الله في خطبه لإيجاد حل للأزمة.

الصحيفة أشارت إلى امتداد تأثيرات انهيار الليرة إلى الاقتصادين الأسيوي والأوروبي وغيرها من الأسواق الناشئة حول العالم، حيث هوت أسعار الأسهم والمصارف المتأثرة بالديون التركية.

وتذكر الصحيفة بأن مخاطر أزمة الاقتصاد التركي في محيطها الجيو استراتيجي لا تقل عن مخاطرها على الاقتصاد العالمي، حيث تساعد تركيا في استقرار أوروبا بإيواء الملايين من اللاجئين السوريين، كما أنها كعضو في الناتو تلعب دورًا في دعم المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط.

ماذا يجب على أردوغان أن يفعل؟

للحصول على أمل في وقف تراجع الليرة، تؤكد فاينانشال تايمز أن أردوغان يحتاج لطمأنة الأسواق أولًا، بالإشارة لتحول ملموس في سياساته.

وتقول الصحيفة إن أردوغان يحتاج لاعتماد سياسات إصلاح اقتصادي مشددة إن لم يكن مستعدًا للجوء إلى صندوق النقد الدولي.

تشير الصحيفة كذلك إلى حاجة البنك المركزي لإثبات استقلاليته في مواجهة تدخلات الرئيس، من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل كبير.

ودخل أردوغان في مواجهات متواصلة مع محافظ البنك المركزي؛ إذ استخدم سلطاته أكثر من مرة لإرغام البنك على التوقف عن رفع أسعار الفائدة باعتبار أن قرارات مماثلة ستزيد معدلات التضخم، حسبما يرى.

 

اقرأأيضًا: رهانات أردوغان الخاسرة: 2- عاد بخفي حنين

إلى أين تتجه الأزمة؟

أردوغان حذر قبل أسبوع من “أضرار على الطرفين” حال نقل الخلافات السياسية والقضائية إلى المجال الاقتصادي، وأبدى رغبته في تجنب “لعبة يخسر فيها الجميع”، وتعهد حينها بتكثيف العمل عبر القنوات الدبلوماسية لتجاوز قسم كبير من الموضوعات الخلافية.

في نفس اليوم، أبدى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تفاؤلًا بحل الأزمة والإفراج عن القس برانسون خلال أيام.

الدبلوماسية الأمريكية السابقة والباحثة في معهد بروكينجز أماندا سلوت تقول ترامب لن يتراجع ما دام برانسون لم يعد، كما لا يريد أردوغان أن يبدو كأنه تراجع في مواجهة الأمريكيين.

بالمقابل، يقول أنطونى سكينر، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى مركز دراسة المخاطر فيريسك مايبلكروفت، إن ثمة خطر لعقوبات مقبلة يمكن أن تطال بشكل مباشر مصالح الحكومة التركية، مع إمكانية التسبب بانهيار الليرة.

ويرجح سكينر التوصل إلى اتفاق؛ انطلاقًا من التحديات الاقتصادية التي تواجه تركيا، مضيفًا أن لدى اردوغان سجلا حافلا على صعيد اللعب بالنار، لكنه يدرك أيضًا أنه لا يستطيع المضي بعيدًا في هذا الأمر.

ولأن ما تحت القاع في العلاقات السياسية عمومًا وعلاقات واشنطن – أنقرة خصوصًا يبقى أكبر من الظاهر، فليس بين أيدينا حتى الآن ما يثبت إن كان التواصل الدبلوماسي يسير بالتوازي مع التصعيد المعلن، أم أنه توارى بالفعل لحساب الأخير.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك