ما يكشفه شكسبير هنا هو أن الناس يتلاعبون بالألفاظ لصالحهم. خذ تفسير المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. المطلعون على المكالمة، بدءًا من المبلغ السري عن المخالفات، مرورًا بخبير في شؤون أوكرانيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي ألكسندر فيندمان، استشعروا على الفور أضواء حمراء وامضة، شعروا بالقلق من محتوى المكالمة.
المكالمة هي أصل تحقيقات المساءلة بأكملها.
نفس المكالمة لم تشعر العديد من الجمهوريين إلا بقليل من الخطأ.. من ترامب نفسه إلى النائب مارك ميدوز، إلى السناتور ليندسي جراهام.
أما الجمهور، فعليهم استشعار أحاسيسهم الخاصة بخصوص نص المكالمة بعد جلسات الاستماع.
يمكن الجدال بأن أصل المساءلة محاولة عزل ترامب بحد ذاته.. الديمقراط يريدون ذلك ولا شيء غيره بداية من مزاعم التدخل الروسي وتحقيقات مولر. كل ما في الأمر أن عدد النواب الديمقراط زاد بعد انتخابات التجديد النصفي في 2016، ومعها استشعارهم لمخالفات الرئيس التي لا يمكن التهاون معها.
جراهام يقول إنها ليست محاولة لاكتشاف الحقيقة، بل محاولة لتدمير رئاسة ترامب. بالمقابل، تصر رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي على أن الديمقراط "لم يتخذوا قرارًا بعزل الرئيس. لكن بصراحة، الكثير منهم اتخذوا القرار بالفعل منذ وقت طويل، حتى قبل التحقيقات.
رغم غموضها، فإن كوريولانوس هي إحدى أكثر أعمال شكسبير سياسية. المسرحية بأكملها كشف عن قوة الشعبوية وكيف يمكن للناس الإطاحة بنظام فاسد.
الجمهوريون احتجوا منذ فترة طويلة بأن شهود الديمقراط يفتقدون المعرفة المباشرة بمكالمة أوكرانيا.
صحفية نيويورك تايمز سألت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي عن ذلك في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي..
هل هناك احتمال أن يدلي أولئك الذين استمعوا للمكالمة بشكل مباشر مثل مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، أو كبير موظفي البيت الأبيض بالإنابة ميك مولفاني بشهادتهم!
"شيريل.. شيريل.. شيريل.. لا تقطعي في حبال مثل هذه الألاعيب القديمة. هذا مجرد اقتراح احتيالي طرحه الجمهوريون. هذا هو الاقتراح الاحتيالي. هم يعرفون ذلك. لهذا السبب يتحدثون عنه كثيرًا بدلًا من جوهر ما سمعناه. لن أحترم مطلقًا ما يقولون في هذا الصدد"، تقول بيلوسي.
أبطال معظم جلسات الاستماع التاريخية الكبرى في الكونجرس حرصوا على ربط الجلسات بجمل قوية محفوظة تترك "انطباعات لا تنسى" للأجيال القادمة.
جادلت بيلوسي مرارًا بأن الاقالة تتوقف على "الحقيقة" وجلسات الاستماع هي "رسالة الدستور".
بدأت مؤخرًا تكرار كلمة "الرشوة" كسبب دستوري لإقالة ترامب. بعد أن اشتكى الناس من أنهم لا يفهمون بشكل واضح "الجريمة" التي ارتكبها.
كل ذلك – بجانب ساعات طويلة من جلسات الاستماع السرية والعلنية فشلت في ترك هذا الانطباع الذي لا يمحى، لكن هذا الانطباع خرج من الأثير الرقمي.. من حساب ترامب.
عبر تويتر، هاجم الرئيس السجل المهني للسفيرة السابقة لدى أوكرانيا ماري يوفانوفيتش بينما كانت تمثل أمام لجنة استخبارات مجلس النواب.
بعد لحظات، كان آدم شيف يقرأ التغريدات بصوت عالٍ في غرفة الاستماع، طلبًا لرد فعل يوفانوفيتش.
قبل الجلسة، تساءل الديموقراط عما إذا كان الجمهوريون سيخاطرون بانتهاج سلوك عدواني مع يوفانوفيتش أثناء الاستجواب.. لكن الجمهوريين لم يفعلوا ذلك، ترامب فعلها.
تمنى الكثير من الجمهوريين أن يمتنع الرئيس عن التغريد عن يوفانوفيتش، لكنه فعل.
صدق أو لا تصدق، واحدة من أهم مقتطفات شكسبير تطرقت إلى هذا الموضوع بالذات.
"التغريد أو عدم التغريد، تلك هي المسألة".
ترامب أم الديمقراط.. من يدفع ثمن فاتورة محاولات عزل الرئيس؟ | س/ج في دقائق