“التراث خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ، قل حضرتك قبل أن نتلقي بالحملة الفرنسية كيف كان يسير العالم الإسلامي كان يسير على قوانين التراث». هذا التصريح لشيخ الأزهر كاشف أكثر من غيره عن مشكلة الأزهر.
الأزهر، مثله مثل الجماعات الإسلامية الأخرى، لا يزال يروج أن مصر كانت قبل الحملة الفرنسية تعيش معيشة خيرة. وأن التدهور بدأ مع صدمتنا برؤية ما حصل في العالم مع قدوم الحملة الفرنسية، وما تلاها من وصول محمد علي إلى الحكم، وبدء بناء الدولة الحديثة، والاستقلال عن سلطة إسطنبول.
ادعاء الأزهر هذا تكذبه كتابات من عاصروا تلك الحقبة. سأكتفي هنا بفقرتين من كتابه، نظر فيهما الجبرتي – الأزهري – بعيون الفلاح المصري إلى الفارق بين الفرنسيين والعثمانيين ومماليكهم. ومن ثم تحرك المصريون لأول مرة منذ قرون بعد الحملة الفرنسية مطالبين بحاكم بعينه، اختاروه هم، وعارضوا به رغبة خليفة إسطنبول. هذا رغم أن الجبرتي معارض لمحمد علي، اختلف معه – كما عمر مكرم – حين قلص محمد علي سيطرة الأزهر ورجاله على البلد.
مشكلة الأزهر هي هي منذ قرنين من الزمان. يريد أن تهتم الدولة بأمور العسكرية، وتترك له هو صفة الحاكم على المجتمع، لكي يأسر الأمة المصرية في أحكام “التراث”. هذه نفس المشكلة التي اندلعت بين عمر مكرم ومحمد علي، بعد أن كانا حليفين.
وهذا أيضا كان المطلب الذي طلبه الأزهر، وحصل عليه، لكي يقف إلى جانب عبد الناصر في معركته مع الإسلاميين. المطلب الذي نعرفه باسم مخادع: “إصلاح الأزهر”.
معناه توسيع رقعة سيطرة الأزهر، لكي يضمن استمرار نفس الدور الذي يقوم به الإسلامجية. حصل الأزهر على مزايا مدنية بالتوسع في التعليم المدني التمييزي المقدم إلى المسلمين فقط، بل المسلمين الدارسين للشريعة التراثية فقط، دونا عن بقية المواطنين. طب الأزهر، تجارة الأزهر، حقوق الأزهر (الشريعة والقانون). صار الأزهر في النيابة والقضاء والطب و سيطر بشكل شبه كامل على قطاع التعليم. هذا كله دون أن يفقد من سيطرته على المساجد، وعلى المعاملات الشخصية والزواج والطلاق شيئا.
ولا إن رأينا شيوخ الأزهر يروجون نفس أفكار الإخوان المسلمين.
الغرض واحد. أن يحكم “محمد علي” السياسة. على أن يترك لـ “عمر مكرم” السلطة على الفلاحين والمجتمع.
لن تنتقل مصر إلى دولة عصرية إلا لو خرجنا من هذه المعادلة ورفضناها.
شيخ الأزهر في خطاب المولد النبوي.. إحياء الخطاب السياسي لأنصار الخلافة الإسلامية