في اعتذار امتد عبر 23 صفحة، نشرت دير شبيجل الألمانية تقريرًا حول كيفية تزوير أحد أبرز صحافييها، الحائز على عدة جوائز، قصصًا إنسانية نشرتها على مدار سنوات.
المطبوعة الألمانية قررت مقاضاة الصحفي كلاس ريلوتيوس، 33 عامًا، بعدما أقر بأنه اختلق تفاصيل وشخصيات في 14 من أصل نحو 60 قصة صحفية كتبها للمجلة عبر نسختيها الإلكترونية والورقية الأسبوعية.
شبيجل أونلاين قالت إن لجنة داخلية تشكلت لمراجعة كل إسهامات ريلوتيوس، وإن عدم اكتشاف كل تلك التفاصيل لسنوات يؤكد أن النظام الداخلي يجب مراجعته.
اعتذار المجلة لم يمنع السفير الأمريكي في برلين ريتشارد جرينيل من مطالبة ألمانيا بتحقيق مستقل في الفضيحة، كونها مست في بعض جوانبها قصصًا تناولت واشنطن والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
كذلك، بدأت نوافذ إعلامية ألمانية أخرى كان ريلوتيوس يتعامل معها كمراسل مستقل، إعادة النظر في القصص التي كتبها لهم.
ثم تكشف أيضا أنه استغل قضية الأيتام السوريين في جمع أموال لحسابه الخاص.
تفاصيل هذه القصة المتشابكة بسطناها لكم في الأسئلة والأجوبة التالية:
اعتمد كلاس ريلوتيوس على تسجيلات فيديو أو قصص رصدتها وسائل إعلام أخرى، في خلق شخصيات جديدة وهمية ومركبة من أشخاص حقيقين، واختلق حولهم حكايات إنسانية، وأجرى معهم حوارات، أو أسند إليهم اقتباسات في قصصه الصحفية.
المجلة تقول إن ريلوتيوس اعترف باختلاق 14 قصة ما أصل ما يقل قليلًا عن 60 موضوعًا نشره عبر دير شبيجل، لكنها تؤكد أن الاعتراف يخضع لتحقيق، وأن الأرقام ليست نهائية، كما لم تكشف عن القصص التي يطالها التحقيق، وهو الأمر الذي بحثت عنه صحف محلية ودولية أخرى.
القصص تتضمن:
• حكاية “الشاهد الأخير”، حول سيدة أمريكية تطوعت لتشهد تنفيذ أحكام إعدام بحق مدانين.
• “أطفال الأسد” حول طفلين عراقيين اختطفهما مسلحو داعش وأعادوا تلقينهما، و”الرقم 440″ عن قصة سجين يمني أمضى 14 عامًا في معتقل جوانتانامو دون سبب وجيه.
• انتهاكات مزعومة في مدرسة إصلاحية في فلوريدا. • قصة عن أحد الناجين من الهولوكوست.
• “أحمد وألين” قصة عن الأيتام السوريين.
• “هنا يصلون من أجل ترامب يوم الأحد” عن أنصار الرئيس الأمريكي في المناطق الريفية، اتهمها سكان المدينة بإساءة تصوير مدينتهم، والبعد الكامل عن الحقيقة، واختراع شخصيات، وفبركة اقتباسات لرسم صورة نمطية عن أنصار ترامب.
• حوار مع والدي نجم كرة القدم الأميركية كولين كوبرنيك، الذي احتج على وحشية الشرطة بالركوع أثناء غناء النشيد الوطني قبل إحدى المباريات.
• قصة إنسانية حول شباب سوريين ساهموا في إنطلاق تظاهرات 2011 ضد نظام الأسد.
• “حدود الصياد” حول ميليشيات تنشط على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة.
صورة نشرها السفير الأمريكي قالت إنها تشمل تغطيات دير شبيجل المفبركة
• جائزة مراسل العام في ألمانيا أعوام 2013، 2015، 2016، وأخيرًا 2018، حيث تلقى الجائز مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري عن قصة شبان سوريين ساهموا في انطلاق تظاهرات 2011.
• جائزتا سي إن إن لصحفي العام وأفضل قصة مطبوعة في 2014 عن قصة سجناء أمريكيين يعانون من الخرف.
أثارت قصة “حدود الصياد” شكوك الصحفي خوان مورينو، الذي شارك ريلوتيوس في إعدادها. القصة تدور حول ميليشيات أمريكية تقوم بدوريات على الحدود مع المكسيك.
مورينو نقل شكوكه لإدارة إلى دير شبيجل، لكن أحدًا لم يصدقه، فسافر إلى الولايات المتحدة للتحري عن تفاصيل القصة، وتعقب مصدرين مزعومين استشهد بهما ريلوتيوس بكثرة في قصته، ليقول الاثنان إنها لم يلتقياه مطلقًا.
وسع مورينو اتصالاته بالعديد من مصادر القصص السابقة، ليخبروه اقتباساتهم نقلت بشكل خاطئ أو مفبركة تمامًا.
مورينو يقول إن شكوكه ثارت حول فبركة ريلوتيوس لسنوات، لكنه ظل مترددًا بسبب المكانة الرفيعة التي يتمتع بها الأخير والجوائز التي يحملها.
أنكر ريلوتيوس الاتهامات في البداية، ثم اعترف أخيرًا.
ونقلت دير شبيجل عن ريلوتيس قوله “إنه ندم على أفعاله وشعر بالخجل العميق، وإنه “مريض ويحتاج للمساعدة”.
وفسر ريلوتيس فعلته بالقول “إن ما حدث لم يكن له علاقة بالتفكير في الاختراقات الصحفية الكبرى، وإنما كان بسبب الخوف من الفشل. إن الشعور بضغط لزوم تجنب الفشل، كان أكبر من النجاح الذي وصلت إليه”.
لا يتعلق فقط بالتحقيقات المطلوبة أمريكيًا، بل يمتد لتأكيد دير شبيجل أن كلاس ريلوتيوس دشن حملة لجمع تبرعات مالية من المتعاطفين مع قصص مفبركة حول الأيتام السوريين، حُولت إلى حسابه الشخصي، واستولى عليها.
عدد المتبرعين وقيمة التبرعات غير معروفة حتى الآن، لكن المجلة قالت إنها ستحول كل المعلومات المتاحة إلى المدعين العامين كجزء من شكوى جنائية.