* الجسد البشري يقاوم الأمراض المعدية عبر جهاز المناعة.. إذا أصيب بعدوى ونجح في صدها يطور نفسه لمنعها مستقبلًا.. النجاح الجماعي لتكوين مناعة ضد ميكروب معين يسمى مناعة القطيع.. وعلى هذه الاستراتيجية اختارت بريطانيا الاعتماد في محاربة فيروس كورونا.
* مناعة القطيع تغامر بتحور فيروس كورونا المستجد نتيجة كثرة اختلاطه بالبشر.. لكن البريطانيين يرون أن لا بديل من الاعتماد عليها مع تفشي كوفيد-19 عالميًا، مع عدم وجود لقاح لمنع انتشاره.
* العدوى الجماعية تبقى خطرة إذا تجاوزت قدرة المنظومة الصحية على استقبالات الحالات.. كبار السن والفئات الأكثر عرضة للخطر ستدفع الثمن فورًا.. هنا يظهر مفهوم آخر تسطيح المنحني: أي توزيع الإصابات على أكبر مدى زمني ممكن. وهو الضلع الثاني في الاستراتيجية البريطانية لمقاومة المرض.
س/ج في دقائق
مناعة القطيع.. ما هي؟
تقاوم أجسامنا الأمراض المعدية عبر جهاز المناعة. عندما نتعرض لعدوى جديدة يتعامل الجهاز معها. عندما نتعافى، غالبًا ما نحتفظ بذاكرة مناعية للمرض تمكننا من محاربة نفس المرض في المستقبل.
اللقاحات تعفي البشر من تلك المخاطرة. تعطي جهاز المناعة ذاكرة للعدوى دون أن يصاب بها الجسد أصلًا، فيكون مستعدًا للتغلب على مصدر العدوى إن تعرض له.
في حالة الأمراض الجديدة مثل كوفيد-19 الناتج عن فيروس كورونا، لم يطور العلماء لقاحًا بعد يقاوم انتشار المرض بين السكان. لكن النظرية تقول إنه إذا طور عدد كافٍ من الأشخاص ذاكرة مناعية ، فسيتوقف المرض عن الانتشار، حتى لو لم يكن كل السكان محصنين. هذه النظرية تسمى مناعة القطيع..
لكن تحقيق مناعة القطيع يتطلب إصابة نسبة كبيرة من السكان ثم تعافيهم.
تقول التايمز: مناعة القطيع هي شكل من أشكال الحماية غير المباشرة ضد الأمراض المعدية مثل فيروس كورونا عندما تصبح نسبة كبيرة من السكان محصنة، غالبًا بعد التعافي من العدوى.
البروفيسور مارك وولهاوس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة أدنبرة، بقول إن مفهوم مناعة القطيع هو “أساس جميع برامج التطعيم”، لكنه يمكن أن يحدث بشكل طبيعي “دون تطعيم”.
قناة آي تي في تقول إن حكومة بريطانيا تأمل في استخدام إستراتيجية مناعة القطيع للحد من تأثير فيروس كورونا عبر السماح له بالمرور إلى جميع السكان.
الصين تبدأ التعافي من كورونا بإجراءات بدت قمعية، لكن العالم على ما يبدو سيجد نفسه مضطرًا لتكرارها. وإيطاليا ترث صدارة…
تعتمد النسبة المئوية للسكان التي يحتاجها المجتمع لتكوين مناعة القطيع على المدى الذي انتشر فيه المرض. ويقاس هذا بالمصطلح R0 ، وهو عدد الإصابات الجديدة التي يمكن أن تنقل إليها العدوى من شخص مصاب. بالنسبة لـ كوفيد-10 الناتج عن فيروس كورونا المستجد، يقدر R0 بـ 3.28 ، على الرغم من أن الدراسات لا تزال جارية ومن المحتمل أن يتغير هذا الرقم. وهذا يعني في حالة تطبيق إستراتيجية مناعة القطيع أن حوالي 70٪ من سكان بريطانيا بحاجة إلى أن يكونوا محصنين ضد كوفيد-19.
هذا يحتاج إلى إصابة أكثر من 47 مليون شخص. وبحسب التقديرات الحالية إلى أن فيروس كورونا لديه معدل إماتة بنسبة 2.3٪ ومعدل 19٪ من الإمراض الشديد، فإن تحقيق مناعة القطيع لـ كوفيد-19 يمكن أن يؤدي إلى وفاة أكثر من مليون شخص مع ثمانية ملايين إصابة شديدة أخرى تتطلب رعاية مركزة. هذا طرح نظري يفترض الاعتماد فقط على مناعة القطيع. لكن السلطات البريطانية تعتمد إلى جانب مناعة القطيع على مفهوم آخر هو “تسطيح منحنى العدوى”.
متوالية كورونا.. معدل الإصابة قد يصل 70% من سكان الأرضيحاول خبراء الصحة العامة قياس احتمال حدوث وباء من فيروس الصين…
وفقًا لـ ITV، تعتمد استراتيجية الحكومة لتقليل تأثير كوفيد-19 إلى أدنى حد على السماح لفيروس كورونا بالمرور عبر جميع السكان حتى نكتسب مناعة القطيع، لكن ببطء شديد جدًا لا تنهار معها الخدمات الصحية تحت ضغط العدد الهائل من الحالات التي تحتاج للعلاج في وقت واحد، بما يسمح للفئات الأكثر عرضة للخطر مثل كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة أو الذين يتعرضون لأعراض حادة بتلقي الدعم الطبي الذي يحتاجونه.
إبطاء انتشار كوفيد-19 وحماية الأشخاص الأكثر ضعفًا هو الجزء الثاني من استراتيجية بريطانيا. ويعرف بـ تسطيح المنحنى. أو بمعنى آخر: “ستصابون جميعًا.. لكن ليس في وقت واحد”.
المنتدى الاقتصادي العالمي يصف إبطاء انتشار كوفيد-19 باستراتيجية واعدة ، خاصة عندما يقترن بتدابير محسنة لحماية كبار السن والذين يعانون من حالات صحية صعبة. خلال تلك الفترة، سنكون قادرين على تطوير العلاجات أو اللقاحات وسنكون أقرب إلى الصيف عندما يكون لدينا عدد أقل من الأمراض الأخرى التي تثقل الخدمات الصحية مثل الأنفلونزا الموسمية.
باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في بريطانيا حدد نهج الحكومة في إدارة وباء كوفيد-19 الناتج عن فيروس كورونا بـ “محاولة تقليل الذروة، توسيع فترة الانتشار، لا قمعها تمامًا، في محاولة لبناء نوع من مناعة القطيع.
فالانس أوضح أن محاولة قمع فيروس كورونا الآن بدلًا من تسهيل تفشي كوفيد-19 بشكل رئيسي خلال أشهر الصيف يحمل مخاطرة عودة المرض مرة أخرى في الشتاء المقبل.
وزير الصحة في بريطانيا مات هانكوك مع ذلك قال إن الحكومة لا تشجع الأصحاء على الإصابة بفيروس كورونا للحصول على مناعة القطيع، محذرًا من أن مخاطر الانتشار السريع واضحة للغاية.
جيريمي روسمان، محاضر علم الفيروسات في جامعة كينت، يقول إن إستراتيجية تسطيح المنحنى قد تكون فعالة للغاية في مكافحة انتشار كوفيد-19 إذ دمجناها مع جهود الترصد والاحتواء، لكن ترافقها مع مناعة القطيع يعني أن بريطانيا ما زالت بحاجة لإصابة 47 مليون شخص.
يضيف أنه حتى إذا نجحت بريطانيا في حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر “رغم عدم إجراء مناقشة حول كيفية القيام بذلك أو إلى متى” فإن معدل الوفيات بين الأصحاء السكان لا يزال عند 0.5٪ على الأقل، هذا يعني وفاة نحو ربع مليون شخص في أفضل سيناريو.
يستشهد روسمان بتجربة الصين، التي تحكمت سريعًا في انتشار كوفيد-19 دون الحاجة إلى مناعة القطيع (أصيب 0.0056٪ فقط من سكانها). بالتالي، يقول إن مناعة القطيع لكي تتطور في بريطانيا، من خلال السماح للفيروس “بالمرور عبر المجتمع”، ليست استراتيجية جيدة للصحة العامة.
رئيس لجنة الرعاية الصحية والاجتماعية في مجلس العموم جيريمي هنت يقر أن مناعة القطيع تحمل مزايا طويلة الأجل، لكنه يقول إن التكلفة من الأرواح الضائعة ستكون كارثية.