فتح وجدي غنيم النار دفعة واحدة ضد جهتين في التحالف العثماني. الأولى هي قناة الجزيرة. الجهة الثانية هي إبراهيم منير، نائب المرشد المقيم في لندن، وهو أحد الوجوه التي تقدمها جماعة الإخوان لمخاطبة الأوروبيين.
فما سبب الهجوم؟ وما دلالاته؟ وماذا يمثل وجدي غنيم داخل الجماعة؟ ومن هو ”الصليبي“ المسؤول عن الإعلام في قطر حسب كلام وجدي غنيم.
عرضت الجزيرة فيلمًا وثائقيًا تطرح فيه فكرة أن شباب التيارات الإسلامية لم يتحولوا فقط إلى الإرهاب المسلح بعد أحداث رابعة العدوية، ولكنهم بنسبة قريبة تحولوا أيضًا إلى الإلحاد.
وجدي غنيم اتهم القناة بالدعوة إلى الكفر والإلحاد، مضيفًا: ”ما تستغتربش، لأن المسؤول حاليًا عن الإعلام في قطر صليبي“.
رغم أن وجدي غنيم لم يسم من وصفه بالصليبي. فإن المسؤول عن ملف الإعلام في قطر حاليًا هو النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي ”عزمي بشارة“ وهو فلسطيني مسيحي.
بمناسبة الذكرى الثامنة لـ ٢٥ يناير، طرح إبراهيم منير – عبر قناة الجزيرة – مبادرة تعيد إلى الأذهان مبادرة الجمعية الوطنية للتغيير، مشيرًا فيها إلى تعبير رفقاء الثورة.
وهو تعبير يعني الإخوان وغيرهم من القوى التي نظمت ٢٥ يناير/ كانون الثاني ٢٠١١، واصطفت معًا لانتخاب الرئيس السابق محمد مرسي، من جماعة الإخوان المسلمين، رئيسًا لمصر في العام التالي.
وعرض منير ”البيعة” – قبل أن يستدرك مغيرًا اللفظ – على البرادعي لقيادة الكيان المقترح، مقابل استنكار “الانقلاب”، متعهدًا بالتنازل عما وصفه بـ “حقوق الجماعة” ممن “أذاها أو اعتقل أو قتل عناصرها”.
https://www.youtube.com/watch?v=17s6BALtzsg
وجدى غنيم – الذي قال سابقًا إنه جمد عضويته في الإخوان – تحدث بلسان الجماعة، قائلًا: “نحن ضد من اغتصب السلطة وخان وصلبن البلد وجعلها يهودية”.
أضاف غنيم أن إبراهيم منير لا يملك حق التنازل عن الدماء، ولا المساواة بين الإخوان وغيرهم في الهيئة المقترحة.
المقطعان كشفا خلافات متسعة بين عدة أجنحة داخل الإخوان، أحد طرفيها نائب المرشد، الذي لم يتلق مساندة علنية حتى الآن باستثناء استضافاته المتكررة عبر قناة الجزيرة، والآخر اتسع من جناح الشباب الأكثر ميلًا للعنف، ليشمل قيادات وحلفاء كانوا محسوبين على القيادات التقليدية.
قوبلت مبادرة إبراهيم منير برفض قاطع من قادة الجماعة وحلفائها.
من إسطنبول، كتب القيادي في الجماعة عمرو دراج (محسوب على القيادات القديمة) عبر تويتر: “حزين على ما آل إليه الإخوان”، دون تفاصيل.
عصام تليمة، سكرتير القرضاوي السابق ومفتي الجماعة (محسوب على جناح الشباب)، رفض المبادرة، وانتقد طرح اسم البرادعي.
أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة ومالك قناة الشرق، أصدر بيانًا دعا فيه منير لسحب المبادرة، متحدثًا عن “رفض واسع” لها، مؤكدًا أن “إطلاق دعوة الإخوان جاء استباقًا لدعوات أخرى كان مقررًا أن يُجرى حولها حوارًا مع أطراف مختلفة من الداخل والخارج، وكان مُتوقعًا أن تُنتج مشروعًا مشتركًا”.
خالد إسماعيل، عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 أبريل سابقًا، انتقد تشكيل الهيئة المقترح؛ باعتبار “%90 من المعارضين الذين غادروا مصر بعد 3 يوليو/ تموز من الإسلاميين، وبالتالي ستكون غالبية تشكيل الهيئة للإخوان”، مطالبًا بالصدارة لشباب القوى المدنية بقيادة
البرادعي.
آيات عرابي، مقيمة في الولايات المتحدة وعضو سابق في المجلس الثوري المصري (المحسوب على جناح منير)، قالت إن إبراهيم منير “مجرد مسؤول ضيافة لا يحق له تقديم مبادرات”، وقالت إنه على علاقة بالمخابرات البريطانية.
بيان ابراهيم منير عن دستور 1923Ayat Oraby#آيات_عرابي
دخلت الجماعة في أزمة داخلية حول القيادة والخيارات المطلوبة بعد فض اعتصام أنصارها في ميداني رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس/ آب 2013، والقبض على معظم القيادات في مصر.
ومع اعتقال المرشد محمد بديع، انتقلت القيادة إلى “الحرس القديم بقيادة محمود عزت “المختفي عن الأنظار”، وإبراهيم منير، أمين عام التنظيم الدولي، والذي يتحرك بأريحية في أوروبا.
جبهة منير أعلنت “تمسكها بالسلمية”، لتتشكل جبهة أخرى في تركيا تبنت حمل السلاح كأحد وسائل التعامل مع النظام في مصر، وأدارت مجموعات إرهابية، بينها لواء الثورة وحسم، واتهمت الجناح التقليدي، بمحاولة التوصل لتفاهمات مع الحكومة، واستشهدت بمقابلات سابقة لإبراهيم منير، قال في إحداها إن علاقته بالمباحث العامة في حقبة الستينيات كانت وطيدة للغاية، حيث كان يكلف بكتابة التقارير، والإجابة على تساؤلات رجال الأمن، وشرح كتاب معالم في الطريق لسيد قطب.
ردود الفعل الحادة نحو ”مبادرة منير“، ولا سيما من الوجوه ”السياسية“ مثل آيات عرابي (تقدمها الجماعة في الاتصالات مع نواب الكونجرس)، أو أيمن نور، أظهرت مدى حدة تلك الخلافات، وصعوبة التعامل معها جديًا ككيان موحد، حيث بدا أن نور وعرابي والرموز الأخرى أقرب في موقفهما من المبادرة إلى وجدي غنيم منهما إلى إبراهيم منير.
كما أوضحت تلك الخلافات أن الجماعة تحسن استغلالها في التعامل الإعلامي. إبراهيم منير هو الوجه المفضل الذي تقدمه حين تحاول بريطانيا استطلاع رأي الإخوان المسلمين. أما حين يتحدث إلى الجمهور العربي فيوصف بأنه ”عامل تشريفات”.
كما بينت أن ما يعرف بـ ”جبهة منير“ قليلة التأثير للغاية، وأن دورها يعتمد، كما ذكر أعلاه، على تقديم وجه إعلامي مقبول بالنسبة للغرب.